ريتا ابراهيم فريد

رالف معلولي: "تبنى عائلة على الميلاد" إختبار للفرح الحقيقي

29 كانون الأول 2023

02 : 04

رالف معلولي مؤسس المبادرة

للسنة الثالثة على التوالي، أطلقت جمعية «مغرّدون ضدّ الجوع» حملة تحت شعار «تبنّى عائلة عالميلاد»، التي تشكّل صلة وصل بين أصحاب الأيادي البيضاء وبين عائلات تعيش ظروفاً معيشية صعبة جداً، بحيث يزورها المتبرّعون في منازلها لتقديم كلّ المساعدات لها بشكلٍ مباشر. «نداء الوطن» تواصلت مع مؤسّس المبادرة الناشط رالف معلولي، الذي شدّد على أهمية هذا التواصل المباشر بين أهل الخير والعائلات المحتاجة إلى المساعدة لتعزيز روح الأخوّة والتضامن.



المبادرة توسّعت كثيراً منذ إطلاقها قبل سنوات. ما الذي أبقاكم مستمرّين حتى اليوم؟

جمعية «مغرّدون ضدّ الجوع» مستمرّة كي تبقى الى جانب الناس في كلّ الظروف. وحيث أنّ أوجاع الناس تكبر يوماً عن يوم، والطبقة المهمّشة التي تحتاج الى الدعم باتت تتوسّع للأسف، لذلك من واجبنا الإنساني أن نبقى مستمرّين كي نقف الى جانب أكبر عدد ممكن من الأشخاص الذين يحتاجون الى المساعدة.

أطلقتم حملة «تبنّى عائلة عالميلاد» هذه السنة أيضاً، ماذا أضفتم اليها؟

بعد النجاح الكبير الذي حقّقته الحملة في السنوات الماضية، قرّرنا هذه السنة أيضاً أن نعيد إطلاقها كما هي. فهي تمتاز ببساطتها، لأنّ الطريقة التي نعتمدها تقتصر على أن نكون صلة وصلٍ بين الناس، وأن تكون المساعدات والتبرّعات مباشرة بينهم، لضمان شفافية عملنا من جهة، ومن جهة أخرى تتيح للمتبرّعين أن يختبروا الفرح الحقيقي للعيد، خصوصاً حين يزورون العائلات ويقدّمون لهم المساعدة بأنفسهم. من هُنا يتشجّعون أكثر ويطلبون منا أن نزوّدهم بأسماء عائلات أخرى كي يقدّموا المساعدة لها.

على أيّ أساس تمّ اختيار العائلات لتقديم المساعدات لها؟

أجرينا دراسة حول قدرة الجمعية على تغطية المساعدات عبر أصحاب الأيادي البيضاء، فاخترنا 120 عائلة من الأكثر فقراً من مختلف المناطق اللبنانية، علماً أنّنا نتابع وضع عدد كبير من هذه العائلات منذ فترة، ونحاول دعمها قدر الإمكان عبر تأمين حصصٍ غذائية طوال العام. وشكّلت الحملة إضافة مميّزة لها في زمن الأعياد.



مغرّدون ضدّ الجوع



هناك إعلاميون وفنانون ومشاهير يدعمون الحملة خصوصاً عبر مواقع التواصل الإجتماعي. ما أهمية دور الفنان في دعم هذا النوع من المبادرات؟

بالفعل هم يلعبون دوراً كبيراً وأساسيّاً في كل مبادراتنا. لا سيّما أنّهم بمثابة قدوة للكثيرين. من هُنا أشكر كل إعلامي وفنان وكلّ المؤثّرين الذين وقفوا الى جانبنا ودعموا حملتنا، سواء عبر تقديم المساعدات وتبنّي عائلات، أو عبر المساعدة في نشر الحملة عبر منصّة «إكس». مع الإشارة الى أنّ الحملة وصلت الى عشرات الآلاف من المتابعين منذ الساعات الأولى لإطلاقها بفضل هذا الدعم.

اللافت في الحملة أنّها تؤمّن تواصلاً مباشراً بين المتبرّعين والعائلات. كيف يمكن لذلك أن يعزّز روح التضامن الإنساني بيننا كبشر؟

«لما نشوف شي بعيوننا غير ما يخبرونا عنه». لذلك يختلف الأمر بين سماعنا عن حالة تحتاج الى المساعدة، وبين زيارتنا لها وتواصلنا معها. فزيارة المتبرّعين لمنازل العائلات تخلق بينهم ألفة وإحساساً كبيراً يلمس قلوبهم بشكلٍ مباشر، خصوصاً في زمن الميلاد. بحيث يعاينون الوضع الإقتصادي الصعب لهذه الأسر، ويلمسون حاجاتها وأوجاعها عن قرب. وهذا يعزّز الأخوّة بين اللبنانيين، ويساعد على تقوية روح التضامن والتكاتف الإنساني. واللبناني معروف بحبّه للعطاء، وهذا الشعور يتعزّز حين يتواصل بشكلٍ مباشر مع من يحتاج الى المساعدة.

من خلال تجربتك، ما الذي يتغيّر داخل الإنسان حين ينخرط بالعمل الإنساني والتطوّعي؟

بصراحة بعد ثلاث سنوات من إطلاق «مغرّدون ضدّ الجوع»، رالف لم يعد نفسه كما كان قبل العام 2020. فحين خرجتُ من العالم الزهري الذي كنتُ أعيش فيه، لمستُ بالفعل أوجاع الناس. ولم أكن أتخيّل أنّ هناك أطفالاً ينامون من دون عشاء، أو آباء يعانون المشقّات طوال النهار من أجل تأمين الخبز فقط لأولادهم. تغيّرتُ كثيراً وبتّ إنساناً حساساً يشعر بالآخرين حتى قبل أن يتكلّموا. والأجمل من كل ذلك، أنني لم أعد أرضى بالسكوت عن حقّ مظلوم. فأحاول بحسب قدرتي أن أغيّر الصورة البشعة، حتى لو اقتصر ذلك على إطارٍ صغير، مثل رسم ضحكة على وجه طفل، لو كان ذلك لساعتين فقط.

كشاب يعطي الكثير من وقته لخدمة مجتمعه. ماذا تقول لأبناء جيلك لتشجيعهم على إطلاق مبادراتٍ إنسانية؟

أنا شاب لبناني مغترب أعيش في بلاد تؤمّن كلّ الاحتياجات الإنسانية، وأتطلّع الى وطني بأسف، وأسأل نفسي لماذا يعاني وطننا من كل هذه الأزمات ويعيش مواطنوه كل هذه الظروف الصعبة؟ إلا أنّ ذلك يعطيني حافزاً لتكريس كل جهودي لبلدي، انطلاقاً من نموذج الدولة المثالية التي أعيش فيها، والتي تحترم شعبها والمقيمين الذين فتحت أبوابها لهم. من هُنا، رسالتي للشباب: سواء كنتم تعيشون في لبنان أو خارجه، حاولوا ألّا تقصّروا مع أهلكم وشعبكم. قوموا بالمستحيل لإحداث فرق. فجميعنا قادرون على ذلك. مبادرتنا انطلقت من الصفر، واليوم وصلت الى مئات العائلات. يحتاج الأمر الى بعض الأفكار المقنعة مع خريطة طريق واضحة. والأهمّ من ذلك، إيّاكم واليأس حتى لو كنتم خارج الوطن. فليكن ذلك حافزاً لتثبيت إرادتكم وتعزيز انتمائكم لوطنكم.

MISS 3