د. حارث سليمان

أحلام اليقظة وسبع دقائق ونصف

23 حزيران 2020

02 : 00

من موقعي السياسي الذي يتألم على أمتنا العربية وعلى شعوبنا ودولنا، التي تم تخريبها الواحدة تلو الاخرى، والذي لا يؤيد محور الممانعة ولا يعتبر شعاراتها وممارساتها الا تسابقاً مع اخصامها الى دور تشغيلي ( انتزاع وظيفة) في خدمة الرأسمال العالمي.

من هذا الموقع ادعو منظري الممانعة وصانعي سياساتها، أدعو هؤلاء ومحاوريهم واعلامييهم، فقط لسلامة المنطق وصحة التحليل، ان يعيدوا تحديد الاحجام والاوزان في ما يفترضون انه محور يتضمن روسيا والصين وايران والعراق وسوريا الاسد و"حزب الله" وحركة الجهاد الاسلامي.

الموضوعية تقضي ان ندرك ان اكبر الاوزان الاقتصادية في هذا "المحور المتوهم" هو الصين، والصين قوة اقتصادية وديبلوماسية واكبر شريك اقتصادي للولايات المتحدة الاميركية، نعم تتنافس مع الولايات المتحدة من ضمن التنافس الرأسمالي لكنها شريك، وهي حريصة على علاقاتها مع اميركا، اكثر بكثير من حرصها على علاقاتها بايران وسورية، وطبعاً "حزب الله"، وهي تقيم شراكات مع اسرائيل منذ 1970، وقدرة ايران و"حزب الله" على جرها الى استراتيجيتهما، تشبه رواية ان "جدياً لعب في عقل تيس"، هي ليست دولة عمليات عسكرية وهي ليست لديها اية نوايا معلنة في الانخراط في اي مواجهة.

الدولة الثانية في "المحور المتوهم" هي روسيا وهي دولة كبرى على المستوى العسكري لكنها قزم اقتصادي لم يصمد امام السعودية في معركة حصص الدول والانتاج من النفط في الاشهر الماضية، والواضح ان تدخلها في سوريا لدعم نظام الاسد، قد قلب موازين القوى في سوريا وهزم المعارضة "عسكرياً"، وستر وأخفى هزيمة الميليشيات الايرانية قبل تدخلها، لكن التدخل الروسي في سوريا لم يكن من دون موافقة اميركية مع وضع خطوط حمر لهذا التدخل، ومن دون تواطؤ اسرائيلي منع تموضع قوات ايرانية او مسلحين تابعين لها جنوب دمشق، واباح الاجواء السورية لطيران العدو، يعربد فيها ساعة يشاء، ومن دون صمت دول عربية خليجية، كانت انظارها ترتاب وتشكك في خطر الاخوان المسلمين وفي تمدد تركيا الى الساحة السورية، وبالمحصلة روسيا تبحث عن حل سياسي في سورية وعن ثمن تقبضه مقابل النفوذ الايراني ومقابل رأس النظام السوري، ويأتي قانون قيصر ليجعل هذه الصفقة على سكة التنفيذ.

روسيا والصين ليستا بوارد تنفيذ استراتيجية يعلنها، لا السيد خامنئي ولا السيد نصرالله، ولا الرئيس الاسد طبعاً.

نصل الى العراق، التطورات العراقية ليست في صالح اية استراتيجية ممانعة، فقد انهكه الفساد حتى الافلاس ثم سقطت هيبة الاسلام السياسي الشيعي المتحالف مع ايران واصبح في موقع الاتهام، ومحصلة القدرات العراقية اليوم هي موقف النأي بالنفس عن الصراع، واعادة التموضع الجيوسياسي على مستوى الاقليم، واعادة بناء الاقتصاد العراقي بعد ان تعرض العراق لاكبر منهبة في التاريخ الانساني وكان لايران وأحزابها دور اساسي ـ مع اطراف اخرى ـ في هذه المنهبة. وفي موقع ذكر العراق والصين ودعوة السيد نصرالله للتوجه شرقاً، الذي يصوره لنا توهماً بانه تعامل مع الصين، ليخفي واقع تحميل لبنان اعباء حصار ايران ونظام الاسد.

في هذا الموقع نذكّر بأمرين الاول ان مستوردات لبنان من الصين تزيد عن 4 مليارات دولار سنوياً، وان قيام مشاريع لشركات صينية في لبنان عبر BOT، أمر جيد ومبتغى، لكن ما يمنعه غياب شرطين لا وجود لهما في لبنان الشرط الاول سعر مستقر لليرة اللبنانية مع القدرة على تحويل جبايات الشركة من خدماتها الى عملة صعبة، والشرط الثاني هو ان تكون استثمارات الشركة ووظائفها وارباحها وجباياتها لا تخضع لنفوذ ميليشيات الطوائف واقتطاع خوات من أرباحها لزعماء الاحزاب الطائفية، وهو امر حدث في العراق مع الشركات الصينية من قبل احزاب العراق الطائفية وادى الى انسحاب الشركات الصينية بعد بدء مشاريعها، فيما اعلنت الحكومة الصينية ان الصين لا تستثمر في بلد تتقاسم سيادته الحكومة مع الميليشيات.

وبعدما حددنا "المحور المتوهم" نصل الى "المحور الحقيقي"، نعم يضم هذا المحور ايران والحوثيين وسوريا الاسد و"حزب الله" وحركة الجهاد في فلسطين.

ناقشوا خياراتكم على هذا الاساس ونتمنى لكم ان تهزموا اسرائيل واميركا بهذا المحور، وعندها فقط سننحني اجلالاً لانجازاتكم ان حصلت، ومن اليوم وحتى ذلك اليوم سندعو الله رأفة بكم وحرصاً على اهلنا بان تستيقظوا من احلام اليقظة.