اكتشاف شبكات الذكاء الاصطناعي لإشارة لم يرسمها رفائيل في لوحة عالمية

02 : 00

يمكن تدريب الذكاء الاصطناعي لرؤية تفاصيل تغفل عنها العين البشرية في الصور. رصدت شبكة عصبية عاملة بالذكاء الاصطناعي حديثاً ظاهرة غريبة في أحد الوجوه في لوحة للرسام رفائيل: تبيّن أن رفائيل لم يرسمها!

يعود ذلك الوجه إلى القديس يوسف في أعلى الجهة اليسرى من لوحة «مادونا ديلا روزا» (عذراء الورود). لطالما تجادل العلماء حول أصل تلك اللوحة وصوابية نَسْبها إلى رفائيل. لا بد من جمع أدلة متنوعة لمعرفة أصل تلك التحفة الفنية طبعاً، لكن تدعم تقنية تحليل جديدة وعاملة بخوارزميات الذكاء الاصطناعي الفريق الذي يفترض أن جزءاً من الخطوط على الأقل رُسِم بيد رسام آخر.

طوّر باحثون من بريطانيا والولايات المتحدة خوارزميات تحليلية خاصة ترتكز على أعمال نعرف أنها تحمل توقيع الرسام الإيطالي اللامع.

يقول عالِم الرياضيات والكمبيوتر، حسن عقيل، من جامعة «برادفورد» في المملكة المتحدة: «استعملنا تحليل المزايا العميق وصوراً للوحات رافائيل الموثوق بها لتدريب الكمبيوتر على رصد أسلوبه بأدق التفاصيل، بدءاً من حركة الفرشاة، ودرجات الألوان، وصولاً إلى الظلال ومختلف جوانب الرسمة. يشاهد الكمبيوتر التفاصيل على مستوى أعمق من العين البشرية وتصل دقته إلى المستوى المجهري».

تحتاج عمليات التعلّم الآلي عموماً إلى التدرب على مجموعة واسعة من النماذج، لكن لا يسهل الالتزام بهذا المعيار عند تقييم أعمال رسام واحد. في هذه الحالة، عدّل فريق البحث هندسة مدرّبة مسبقاً اسمها ResNet50 كانت قد طوّرتها شركة «مايكروسوفت»، واستعمل العلماء في الوقت نفسه تقنية تقليدية للتعلم الآلي اسمها «آلة ناقل الدعم».

سبق وتبيّن أن دقة هذه التقنية في التعرّف على لوحات الرسام رفائيل تصل إلى 98%. هي تتدرب في العادة على صور كاملة، لكن طلب منها الباحثون هذه المرة النظر إلى وجوه فردية.

تبيّن أن رفائيل رسم العذراء والطفل والقديس يوحنا بيده، لكنه لم يرسم القديس يوسف. يذكر الباحثون أن العلماء سبق وتناقشوا حول أصالة تلك اللوحة، وافترض البعض أن وجه القديس يوسف يبدو أقل إتقاناً من الوجوه الأخرى في الرسمة.

يوضح عقيل: «حين اختبرنا لوحة «مادونا ديلا روزا» بالكامل، لم نتوصل إلى نتائج جازمة. لكن عندما اختبرنا أجزاءً فردية منها، تأكدنا من أسلوب رفائيل في بقية أجزاء الرسمة، لكن تبيّن أنه لم يرسم وجه القديس يوسف على الأرجح».

ربما تولى جوليو رومانو، أحد تلاميذ رفائيل، رسم الوجه الرابع لكن لا يمكن التأكيد على هذه المعلومة حتى الآن. إنه مثال آخر على قدرة التكنولوجيا الحديثة على كشف أسرار اللوحات الكلاسيكية بفضل الذكاء الاصطناعي هذه المرة.

يفترض الخبراء أن «مادونا ديلا روزا» رُسِمت على لوحة قماشية بين العامين 1518 و1520. ثم بدأ النقاد الفنيون يشتبهون بأن رفائيل لم يرسم على الأرجح جميع أعماله الفنية في منتصف القرن التاسع عشر.

تأكدت تلك الشكوك اليوم بشكلٍ شبه كامل، مع أن الباحثين المسؤولين عن الدراسة الجديدة يشددون على دور الذكاء الاصطناعي في مساعدة خبراء الفن مستقبلاً، ما يعني أنه لن يحلّ مكانهم.

في النهاية، يستنتج عقيل: «هذه التجربة لا تعني أن الذكاء الاصطناعي سيستولي على وظائف البشر. تشمل عملية التأكد من الأعمال الفنية التدقيق بجوانب متعددة، بدءاً من أصل التحفة الفنية، وأصباغها، وظروفها، وعوامل أخرى. لكن يمكن استعمال هذا النوع من البرمجيات كأداة لتسهيل تلك العملية».

نُشرت نتائج البحث في مجلة «هيريتاج ساينس».

MISS 3