جاد حداد

Money Heist: Berlin... بين ملل وتخبّط

4 كانون الثاني 2024

02 : 00

يتألف مسلسل Money Heist: Berlin (سرقة المال: برلين) من ثماني حلقات، وهو يغطي الفترة التي سبقت انضمام «برلين» (بيدرو ألونسو) إلى العصابة التي تشكّل محور المسلسل الأصلي Money Heist. لكن يبدو إيقاع الأحداث غريباً هذه المرة، ويطغى الملل على عملية السطو، وتبقى الشخصيات سطحية. حتى أن المسلسل الجديد يفشل في بث أجواء التشويق المتوقعة.

حصدت شخصية «برلين» شعبية واسعة في المسلسل الأصلي، لكن كان تحويلها إلى محور مسلسل جديد ليبقى شائكاً في جميع الأحوال. إنه شخص أناني، ونرجسي، ومريض نفسي، وكاره للنساء، ومنحرف، ومغتصب، ومع ذلك أحبّه الكثيرون لأنه يقدّر قيمة الصداقة، أو الوفاء، أو الأخوة.

يتخذ المسلسل منحىً خفيفاً وكوميدياً أحياناً، تزامناً مع إعادة صياغة المعادلة المعتمدة في العمل الأصلي. يريد «برلين» أن يسرق مخبأً للمجوهرات من أكبر دار للمزاد العلني في فرنسا. لتحقيق هذه الغاية، هو يجمع فريقاً من السارقين الذين يتمتعون بكفاءة جزئية ويدرّبهم كما فعل شقيقه الخجول والأكثر ذكاءً ومسؤولية في المسلسل الأصلي. يبدو جزء من الأدوار متشابهاً على نحو مريع: العبقري الحنون لكن المظلوم «داميان» الذي يُعتبر العقل المدبّر للخطة (تريستان أولو)، وهو يبدو نسخة أكبر سناً من شخصية «البروفيسور» (ألفارو مورتي)؛ والوسيم الساحر «بروس» (جويل سانشيز) الذي يقدّم نسخة أقل تعقيداً من «دنفر» (جيمي لورانتي)؛ والمغامِرة «كاميرون» التي تتأثر بعلاقة سابقة (بيغونا فارغاس)، لكنها تفشل في تقديم أداء لافت لأن دورها مستوحى بكل وضوح من شخصية «طوكيو» (أورسولا كوربيرو).

لا يخفي صانعو العمل هذه المقارنات، لكن لا تشتق جميع الشخصيات من أدوار أخرى. تُعتبر شخصية المقرصِنة الخجولة «كايلا» (ميشيل جينير) إضافة جديدة مثلاً. لكن يشتق اسم شخصية «روا» (خوليو بينا فيرنانديز) من أحرف اسم «ريو» (شخصية ميغيل هيران في المسلسل الأصلي)، وهو اختيار مقصود على ما يبدو. لكن رغم هذه الاستعارات الوافرة، من المفاجئ أن يسيء المسلسل الجديد فهم أسباب نجاح العمل الأصلي.

على صعيد آخر، لا يهتم «برلين» بالتمسك بأي مبادئ أخلاقية عليا ولا يستطيع ادعاء ذلك أصلاً، بل إنه يريد أن ينهي مهامه بكل بساطة. كذلك، لا يمنحه المسلسل أي صفات إيجابية للتعويض عن هذا النقص. هو ليس قائداً بارعاً أو مُلهِماً مثلاً. بالكاد يدرك أصلاً أن عملية السرقة ستحصل بسبب انجذابه إلى زوجة الشخص المستهدف، «كاميل» (سامانثا سيكيروس)، فهو يُصِرّ على جعلها تدمّر حياتها من أجله.

هذا الجانب مستوحى أيضاً من المسلسل الأصلي، لا سيما افتتان «البروفيسور» بمفاوِضة الرهائن «راكيل موريلو» (إتزيار إيتونيو) التي يُفترض أن يتلاعب بها. لكن تطورت تلك العلاقة غير المتوقعة لأن طرفَيها كانا مظلومَين ويُعتبران صالحَين ومستعدَين للتضحية بأنفسهما. هما من نوع الأشخاص الذين يلتزمون بواجباتهم ويحاولون عيش حياتهم وفق معايير معيّنة، بينما يقوم المحيطون بهم بكل ما يحلو لهم.

لكن بما أن «برلين» يبدو عدائياً في طريقة مطاردته لـ»كاميل»، فهو يلاحقها، ويتجسس عليها، ويكذب بشأن هويته، ويرفضها طالما لا تصدّ زوجها، يستحيل أن يتأثر أحد بهذه الحبكة.

في ما يخص عملية السرقة، كان جزء من سحر العمل الأصلي يتعلق بعدم احترافية السارقين والمتعة التي ترافق مشاهدهم. كانوا يتكلون دوماً على شغفهم واندفاعهم بدل التركيز على المهمة بحد ذاتها. في الوقت نفسه، تتعدد اللقطات التي تشير إلى عبقرية الفريق وقوة ترابطه واستعداد كل واحد منهم للتضحية من أجل الآخرين.

لكن يختلف الوضع في المسلسل الجديد. لا يتمتع «برلين» هذه المرة بأي صفات قيادية، ويقتصر دوره على إصدار أوامر غير منطقية، وتخريب الخطة الأصلية، وتعريض الجميع للخطر، واستعراض ابتسامة شريرة أمام الكاميرا. حتى أن الصداقة البسيطة التي تنشأ بين مختلف السارقين تتطور رغماً عن «برلين»، لا بفضله. يعجز بيدرو ألونسو، رغم جاذبيته، عن إضفاء طابع مثير للاهتمام على المسلسل ككل، مع أن مستوى العمل كان ليتحسّن لو واجه «برلين» حركة تمرّد مثلاً. لكن يقابله رفاقه السارقون بولاء واهتمام ثابتَين رغم كل شيء.

لا تستفيد القصة أيضاً من تباعد أعضاء الفريق في معظم فترات المسلسل، ما يمنعهم من تطوير أي شكل حقيقي من التضامن. في غضون ذلك، تبدو العلاقات العاطفية الناشئة بين مختلف السارقين مبالغاً فيها، مع أن إيقاعها يبقى بطيئاً.

أخيراً، تفتقر عملية السرقة بحد ذاتها إلى أي جانب فلسفي عميق، ما يسمح للناس بتصديقها والتفاعل معها، لكنها تبقى مملة من حيث النطاق، والتقنية، والأماكن المستهدفة، لدرجة ألا نلوم «برلين» أو فريقه على فقدان تركيزهم في مرحلة معيّنة.

MISS 3