جاد حداد

Netflix Corner

Finding Your Feet... مصاعب الحياة مع التقدّم في السن

24 حزيران 2020

02 : 00

في الأعمال السينمائية التي تتناول حياة كبار السن وتسلّط الضوء على أهمية عيش الحاضر والاستفادة من الفرص الثانية في السنوات الذهبية من الحياة، يبرع الممثلون البريطانيون في تقديم أدوارهم أكثر من نظرائهم في هوليوود. أنتجت إنكلترا الفيلم الساحرThe Best Exotic Marigold Hotel (أفضل فندق غريب في ماريغولد)، وهو يُعتبر من أهم الأعمال عن المتقاعدين على الإطلاق، مع أن فيلم Waking Ned Devine (إيقاظ نيد ديفاين) صدر قبله في العام 1998. في الولايات المتحدة، شارك الفائزان بجوائز الأوسكار، تومي لي جونز ومورغان فريمان، أخيراً في Just Getting Started (إنها البداية فقط)، فكانت النتيجة سيئة وشكّلت انتكاسة كبرى لكل من شارك في العمل وكان مبرراً ألا يخضع الفيلم لتقييم النقاد منعاً لأي إحراج. ما سبب هذا الاختلاف إذاً؟ يبدو أن بريطانيا تملك عدداً هائلاً من الممثلين المدرَّبين على الدراما. هم ينتمون إلى فئة عمرية محددة ويعرفون أعمال شكسبير ويجيدون التعامل مع جميع المنصات: تلفزيون، مسرح، سينما. كذلك، لا يُعتبر موضوع التقدم في السن شائكاً في بلدٍ قائم منذ قرون طويلة، حيث تبلغ الملكة 94 عاماً وقد أثبتت في الفترة الأخيرة قدرتها على مواكبة مختلف العصور.

قد يكون فيلم Finding Your Feet (استرجاع التوازن) مجرّد كوميديا رومانسية بسيطة وممتعة عن المتقدمين في السن، لكنه يستكشف في الوقت نفسه أصعب الوقائع التي يعيشها كبار السن، أبرزها الأمراض المستعصية، والوحدة الفائقة، وحضور الجنازات المتكررة. ربما يعرف معظم المشاهدين إيميلدا ستانتون بدور مديرة المدرسة المثيرة للجدل "دولوريس أومبريدج"، وتيموثي سبال بدور "بيتر بيتيغرو" الشرير والمعروف بلقب "ورمتيل". لكن في هذا الفيلم، سيدرك كل من يدقق بالتفاصيل فوراً أنهما الأنسب لأداء دور زوجَين، منذ نشوء أول خلاف بين السيدة "ساندرا أبوت" المدللة (ستانتون) و"تشارلي" العميق والبارع في الحِرَف اليدوية (سبال). يشكّل تجاوز العوائق مساراً مألوفاً ومرحاً على مر أحداث القصة المتبقية. يقدم المخرج ريتشارد لونكرين في هذا الفيلم أداءً أفضل من 5 Flights Up (5 رحلات جوية) الذي صدر في العام 2014 ويستعرض فيه مواصفات ثنائي متزوج منذ وقت طويل، لكنه يهدر مجدداً مواهب مورغان فريمان الذي يمثّل إلى جانب ديان كيتون.





حين نشاهد "ساندرا" المغرورة للمرة الأولى وهي مستقرة في منزلها الكبير، تكون منهمكة بالإشراف على تحضيرات لحفلة تقاعد زوجها منذ 35 سنة (جون سيشونز). وفي خضم شرب الأنخاب على شرفه، تضبطه "ساندرا" وهو يخونها مع صديقتها المقربة (جوزي لورانس) في المرآب. يبدو أنهما على علاقة منذ خمس سنوات، فتلجأ "ساندرا" المضطربة إلى شقيقتها الكبرى "بيف" (سيليا إيمري التي قدّمت أداءً لامعاً في Calendar Girls (فتيات الروزنامة) وMarigold Hotel، فكانت تصرفاتها المميزة وابتساماتها الوقحة وحدها مبرراً لمشاهدة العملَين). تكون "بيف" امرأة منفتحة ومتحررة لم تتزوج يوماً، وهي تستعمل الدراجة الهوائية للتنقل من مكان إلى آخر، وترسم شرائط في شعرها، وتذهب للسباحة يومياً في بحيرة قريبة، كما أنها ناشطة جنسياً وتقيم في شقة فوضوية وساحرة في شمال لندن. بعبارة أخرى، تتناقض شخصيتها بالكامل مع شقيقتها المتغطرسة والعنصرية وضيقة التفكير.

يشمل العمل مظاهر الانشغال بالذات والامتيازات المفرطة، بما يشبه فيلم Blue Jasmine (الياسمين الأزرق)، مع أن سيناريو نيك موركروفت وميغ ليونارد يسمح لـ"ساندرا" الفظة بأن تعوّض عن أخطائها حين توافق على المشاركة في صفوف الرقص التي تحضرها شقيقتها. كذلك، تظهر في الفيلم جوانا لاملي التي اشتهرت في مسلسل Absolutely Fabulous (مدهشة للغاية) وتقدم قيمة مضافة لهذا العمل عبر آرائها المتحررة. يضطر "تشارلي" و"ساندرا" للرقص معاً. وحين يتخلى الرجل عن تسلّطه، ينجح الثنائي أخيراً في التواصل في ما بينهما عبر إيقاعات الحركات الراقصة الساحرة وأنغام الديسكو والسالسا الحيوية. قد لا يشبهان الراقصَين الأسطوريّين فريد أستير وجينجر روجرز، لكنهما يعطيان الحب فرصة ثانية، فيكشف "تشارلي" جميع الأسرار الخفية عن وضعه الشخصي وتشعر "ساندرا" بتغيّر في مشاعرها في مرحلة معينة.

لكنّ العلاقة التي تؤثر بالمشاهدين هي تلك التي تجمع بين الشقيقتَين المتناقضتَين. هما تجتمعان مجدداً وتسترجعان ذكريات جميلة عن الماضي في الوقت المناسب. يرتكز Finding Your Feet بشكلٍ أساسي على قوة أداء ممثليه ويتجنب الأفكار المبتذلة والمألوفة ويسمح للممثلين البريطانيين المشاركين فيه بتطوير شخصياتهم بناءً على ظروفهم البشرية المؤثرة بدل اللجوء إلى المراوغات الغريبة التي يقدمها هذا النوع من الأعمال في العادة. باختصار، تبقى تجربة التقدم في السن صعبة لكن يمكن تخفيف المِحَن دوماً عبر مشاركة الحياة مع الآخرين.


MISS 3