جو حمورة

وهَن "محور الممانعة"... أذرع إيران مرتبكة!

9 كانون الثاني 2024

02 : 00

خلال تشييع قيادي في «الحشد الشعبي» في بغداد الخميس الفائت (أ ف ب)

شهدت الأيام الأخيرة تطورات ملحوظة في المنطقة، حيث وجّهت إسرائيل ضربات قاسية استهدفت عدة شخصيات بارزة في الحركات والتنظيمات المرتبطة بإيران. في مقابل ذلك، لا ردّ يُذكر، سوى بعض الصواريخ العشوائية القادمة من لبنان واليمن والعراق، وغير المفيدة في إخضاع إسرائيل لمنطق أو للجم حركتها العسكرية.

إستهدفت إسرائيل نائب رئيس المكتب السياسي في حركة «حماس» صالح العاروري، وقبله رضي موسوي، المسؤول الأساسي في «الحرس الثوري» الإيراني في دمشق، كما قتلت، مع أميركا ربّما، عدداً من قيادات «الحشد الشعبي» في العراق... أمّا الردّ، فكان مجموعة من البيانات، الصواريخ العشوائية والخطابات الشعبوية.

يعكس تصاعد التوترات في المنطقة والتحديات التي تواجه «محور الممانعة» وهناً واضحاً. فإسرائيل، التي تعتبر إيران وممثليها في المنطقة تهديداً رئيسيّاً، قرّرت اللجوء إلى استراتيجية استهداف الشخصيات الرفيعة لتقويض نفوذ إيران. تلك الضربات القاسية تأتي في سياق تحذير من التدخّل الإيراني المستمرّ في الشؤون الداخلية للدول المجاورة، ولكنّها تُظهر، في الوقت عينه، ضعف «المحور» وتلبّك أذرعته العسكرية.

في لبنان، لا حرب جدّية حتّى الساعة. لا تزال إسرائيل تستهدف مجموعات «حزب الله» المسلّحة التي تنشط قرب حدودها. قتلت منهم حوالى 150 رجلاً، فيما مات لها 15 جنديّاً على الأقلّ. هذا اللاتكافؤ لا يعود إلى التقدّم الإسرائيلي في مجال المعلومات الاستخباراتية أو في الفرق الشاسع في القدرة النارية أو حتّى السيطرة شبه الأحادية على الأجواء، إنّما لميل «حزب الله» الواضح لعدم توسيع رقعة المناوشات العسكرية مع إسرائيل.

فعمليّاً، وعلى مدى الأشهر الماضية، خرقت إسرائيل قواعد الإشتباك لأكثر من مرّة، من دون أن يقوم «حزب الله» بالفِعل ذاته، مفضّلاً الركون إلى الردّ المحسوب وعدم المخاطرة بالإنزلاق إلى مواجهة أوسع. هذا الأداء لا ينمّ عن حكمة وذكاء، إنّما عن ضعف. فالحكمة في زمن الحرب هي كلمة رديفة للضعف وقلّة الحيلة.

تتسارع التطورات أيضاً في فلسطين، حيث تواصل إسرائيل عملياتها الأمنية في الضفة الغربية والعسكرية في قطاع غزة. التقدّم الإسرائيلي بطيء، لكنّه جدّي، حيث سيطر جيشها على مساحات واسعة من شمال القطاع وجنوبه، وفكّك عدداً من الألوية المقاتِلة التابعة للحركة، فيما تُبدي هذه الأخيرة قتالاً مهمّاً لا مناص من الاعتراف به... قتال لن يستمرّ إلى الأبد طبعاً.

بينما تواصل إسرائيل حملتها العسكرية، تُعاني إيران وأذرعها الإقليمية من حالة من الوهن والتلبّك. «الحشد الشعبي» في العراق و»حزب الله» في لبنان يظهران ضعفاً وعجزاً على مواجهة التحدّيات الحالية بالقدر المطلوب. يبدو أن وحدة القرار، التنظيم، والواقع الميداني، غير مؤاتية لمواجهة استشراس إسرائيل وقدرتها على فِعل ما يحلو لها في المنطقة.

هذا الضعف يضع إيران في موقف صعب على الساحة الإقليمية والدولية، كما يظهر أن «محور الممانعة» يعيش أوقاتاً صعبة، فيما الأحداث الراهنة قد تُشكّل نقطة تحوّل حاسمة في المشهد الإقليمي، قد تؤدي إلى إعادة ترتيب القوى وفتح فرص للتسوية والسلام، وهو سيناريو يستحقّ المتابعة بعناية.

MISS 3