أسعد بشارة

هوكشتاين ومهمّة ما قبل الحرب

12 كانون الثاني 2024

02 : 00

تبدو الزيارة التي يقوم الموفد الأميركي آموس هوكشتاين، مهمة ما قبل اندلاع الحرب. فالمبادرة التي قامت بها الولايات المتحدة الأميركية صباح السابع من أكتوبر، لحصر الحرب في غزة، والتي لاقت نجاحاً كبيراً، من المتوقع أن تتحطم على جبهة لبنان، في حال استمر موقف الأطراف على ما هو عليه، ما سيقود الاشتباك شبه المضبوط، إلى أن يتحول إلى مواجهة لا حدود جغرافية أو زمنية لها.

يقوم «حزب الله» بتسليف الموفد الأميركي، مجموعة من الإغراءات التي لا يمكن للإدارة الأميركية إلا أن تبدي الإعجاب بها. فباستثناء اشتراط وقف الحرب في غزة للبدء بتنفيذ الترتيبات الأمنية في الجنوب، يفتح «الحزب» عبر الوسيط المجهول الذي يؤمن التواصل المباشر، باب النقاش على كل النقاط الخلافية، بما فيها الانسحاب عن الخط الأزرق، والمعطيات تقول إنّ «الحزب» تراجع فعلاً عن هذا الخط، لمسافة تقارب الـ3 كيلومترات، في إشارة حسن نية، يريد منها أن تكون مقدمة لتجميد خطر الحرب.

تتلاقى مصلحة إيران وأميركا في تفادي الحرب، لكن هذا التلاقي يصطدم بالتصلب الإسرائيلي، الذي وضع نصب عينيه نزع السلاح من غزة، وإبعاد «حزب الله» عن الحدود، واستعادة الحياة الطبيعية في المستوطنات، سواء في غلاف غزة أو في الجليل، ما سيمكن اسرائيل، وعلى وجه التحديد حكومة إئتلاف الحرب، من الادّعاء بتحقيق كل الأهداف التي تعهدت بتنفيذها، صباح السابع من أكتوبر.

عندما يترك هوكشتاين بيروت من دون الحصول على الأجوبة الشافية، سوف تنتقل المنطقة إلى مرحلة مختلفة، تحكمها معادلة محكومة باستحالتين: استحالة أن تقبل اسرائيل برهن عودة المستوطنين إلى الجليل بتوقف الحرب في غزة، باعتبار أنّ ذلك سيطول لأسابيع او أشهر. واستحالة أن يوقف «حزب الله» العمليات عبر الحدود إلى أن تتوقف الحرب، ويتم إنقاذ حركة «حماس» من الخسارة العسكرية والسياسية.

بين هاتين الاستحالتين، بات من الصعب تحقيق خرق دبلوماسي، إلا إذا تراجعت السقوف إلى المستوى الذي يسمح بعودة هوكشتاين إلى تل أبيب، ثم إلى بيروت، ثم إلى تل أبيب، بما يعني البدء ببحث أفكار يمكن أن تكون مقبولة من الطرفين.

في هذا المناخ تتحرك مبادرة هوكشتاين، الذي ينتقل بين المقرات الرئاسية، في زيارات استعراضية، لا تطمس المفاوضات المباشرة الجارية مع «حزب الله»، ولا تحجب حقيقة أنّ «حزب الله»، دفن الرئاسات والمواقع، وتخلى عن سياسته القديمة، بحفظ ماء وجه السلطة، بحيث يبدو أنّ نهاية الحرب في غزة، ستلد واقعاً جديداً في لبنان، اسمه دولة «حزب الله» المتخففة من كل أنواع القفازات.

MISS 3