رواد مسلم

الجيش الأوكراني يُضعف القدرات الجوية الروسية

17 كانون الثاني 2024

02 : 00

طائرة «بيرييف أي 50» الروسية (أرشيف)

تعتبر عملية إسقاط طائرة الرادار للإنذار المبكّر والسيطرة من طراز «بيرييف أي 50 أم/يو» فوق بحر آزوف في منطقة كيريليفكا في زابوريجيا جنوبي أوكرانيا مساء الأحد، وإلحاق الضرر بالطائرة المرافقة من طراز «إليوشن أي أل 22 أم 11» للقيادة والسيطرة، وإجبارها على الهبوط إضطرارياً في أنابا على الجانب الروسي من بحر آزوف مساء الأحد، إحدى أكبر النكسات الجوية المؤلمة التي تعرّض لها الجيش الروسي في الحرب الروسية - الأوكرانية بأكملها، والتي تبيّن تقدّم القدرات الأوكرانية في مجال الدفاع الجوّي بمساعدة دول حلف «الناتو».

لم تُكشف تفاصيل تنفيذ العملية من الجانب الأوكراني واقتصر الإعلان الرسمي على تهنئة القوات الجوية الأوكرانية. لكن من بين أنظمة الدفاع الجوي التي يستخدمها الجيش الأوكراني، يتمتّع «باتريوت باك 2» الأميركي بأطول مدى. ومع ذلك، حتّى لو وضعت بطارية «باتريوت» على مقربة من خط القتال الروسي الجنوبي، فإنّ المواقع المتوقّعة لعملية إطلاق النار على الطائرة الروسية تقع خارج النطاق الأقصى المُعلن رسميّاً لنظام «باتريوت» (140 كيلومتراً)، لذلك يُمكن أنّ تكون الولايات المتحدة قد أخفت المدى الفعّال الفعلي لأنظمة «باتريوت» ما يخدم عنصر المفاجأة عند الحاجة لضرب أهداف ذات قيمة عالية.

طائرة «أي 50» هي طائرة استطلاع روسية، صُمّمت لمراقبة المجال الجوي بواسطة رادار دوّار يوفّر تغطية 360 درجة لمسافة تصل إلى 650 كيلومتراً للأهداف الجوية و300 كيلومتر للأهداف الأرضية، أي أنّها كانت تراقب من آزوف كلّ الأراضي الأوكرانية الجنوبية المحتلّة، فضلاً عن مراقبة تموضعات الجيش الأوكراني، فهي تُقدّم إنذاراً مبكراً للمقاتلات وأنظمة الصواريخ أرض - جو للدفاع الجوي الروسية، عن المقاتلات والمسيّرات والصواريخ التي تنطلق من الأراضي الأوكرانية أو من البحر الأسود، والمتّجهة نحو القوات الروسية، خصوصاً تلك التي تُحلّق على مستوى مخفوض وتكون مخفيّة عن الرادارات الأرضية الروسية.

دخلت الطائرة «أي 50» (أو «مينستاي» حسب تسمية «الناتو») الخدمة نهاية الحقبة السوفياتية، وتمتلك روسيا 5 طائرات جاهزة عملياتيّاً من أصل 9، وعادةً ما يكون طاقمها مكوّناً من 15 فرداً، وهي تؤدّي دوراً مشابهاً للدور الذي تقوم به طائرة «أواكس» (نظام الإنذار والتحكّم الجوّي) الأميركية من طراز «بوينغ أي 3 سنترا» التي يستخدمها «الناتو»، كما تعتبر أساسية للحفاظ على التفوّق الجوّي الروسي من خلال العمل كعيون لكلّ المقاتلات، نظراً لأنّ لديها قدرة بحث رادارية بعيدة المدى، ويمكنها نقل صورة ومعلومات الهدف المباشرة لكلّ المقاتلات ومساعدتها على إعتراض تلك الأهداف.

أمّا بالنسبة إلى الطائرة «أي أل 22» (أو «كووت» حسب تسمية «الناتو») التي دُمّر هيكلها الخارجي، فهي جزء من أسطول مؤلّف من 12 طائرة، تستخدم للقيادة والسيطرة المحمولة جوّاً، وتعتبر صلة وصل راديوي بين غرفة العمليات الرئيسية البعيدة في روسيا والقوات الأرضية على الأراضي الأوكرانية، ما يؤمّن سرعة تنسيق عمليات الخطوط الأمامية بلا عوائق جغرافية، فهي مصمّمة لاكتشاف الأهداف الأرضية ذات القيمة العالية ولجمع المعلومات الاستخباراتية الإلكترونية بتكنولوجيا مشابهة لطائرة «بي 3 أوريون» الأميركية.

تعتمد طائرة «أي أل 22» ذات المحرّكات التوربينية ذات الأربعة محرّكات، على طائرة ركّاب سوفياتية تعود إلى حقبة الستينات من طراز «أي أل 18»، حُدّثت بالرادارات المتقدّمة وأجهزة الاستماع ومعدّات الاتصالات التي تُمكّنها من العمل كمركز قيادة طيران، وهي طائرة هجومية في الوقت نفسه، بحيث أنّها تحمل قنابل يُمكن أن يصل وزن الواحدة منها إلى 4000 كلغ، فضلاً عن قدرة للدفاع الذاتي برشاشين من عيار 23 ملم مثبّتين من الجهة الأمامية والخلفية، ورشاشين من عيار 20 ملم من الجهتين اليمنى واليسرى.

تلعب طائرات «أي 50» و»أي أل 22» دوراً مركزيّاً في تنسيق التحرّكات الروسية في ساحة المعركة وستكون خسارتها بمثابة إنجاز تاريخي للجيش الأوكراني وضربة قوية للجيش الروسي، إذ تعني أنّ لديه فرصاً أقلّ بكثير للقيام بأنشطة استخباراتية في المجال الجوي الأوكراني، ما يُمكن أن ينعكس إيجاباً على القوات الأرضية الأوكرانية من خلال زيادة إمكانات المقاتلات والمروحيات الهجومية الأوكرانية لضرب أهداف روسية خلف الخطوط الأمامية لإضعافها، بإستخدام تكتيكات معيّنة لتجنّب المضادات الأرضية، من دون الخوف من طائرات الإستطلاع التي توجّه المقاتلات والدفاعات الروسية.

يبدو أنّ الجيش الأوكراني يُحضّر ساحة المعركة للهجوم المضادّ المستقبلي، أوّلاً من خلال زيادة فعالية القوات الجوية الأوكرانية وتقليص قدرات نظيرتها الروسية، فحتّى لو حصل على مقاتلات «أف 16» في أوائل الربيع، سيكون دورها غير فعّال في ظلّ وجود طائرات روسية مثل «أي 50» التي ستكشفها قبل وصولها إلى الخطوط الأمامية، أو ستُساعد الدفاعات الجوية والمقاتلات الروسية على ضربها، وثانياً من خلال حماية الأجواء الأوكرانية بشكل كامل عبر الإستفادة القصوى من أنظمة الدفاع الجوي المقدّمة من الغرب، ما يؤمّن حرّية المناورة للقوات الأرضية.

MISS 3