السفير د. هشام حمدان

مستر هوكشتاين أهلاً بك في بلدك "الثّالث" لبنان

19 كانون الثاني 2024

02 : 00

مستر آموس هوكشتاين أنت مفاوض يفترض أن يكون حياديّاً وعادلاً. وعليه، وقبل أن تطالب بتنفيذ القرار 1701، وهو مطلب محقّ طبعاً، أسألك: هل تعتقد فعلا أنّ إسرائيل طبقت القرار 425 لعام 1978؟ ذلك القرار دعا إلى الإحترام التّامّ لسلامة لبنان الإقليميّة، وسيادته، وإستقلاله السّياسي، ضمن حدوده المعترف بها دوليّاً. كما أنّه ناشد إسرائيل، أن توقف فوراً، عملها العسكري ضدّ السّلامة الإقليميّة للبنان، وأن تسحب على الفور، قوّاتها من جميع الأراضي اللّبنانيّة. وقرّر في ضوء طلب الحكومة اللّبنانيّة، تشكيل قوّة مؤقّتة تابعة للأمم المتّحدة في الحال، تخضع لسيطرتها، لتعمل في جنوب لبنان، بقصد التّحقّق من انسحاب القوّات الإسرائيليّة، وإعادة السّلام والأمن الدّوليّين، ومساعدة حكومة لبنان على تأمين عودة سلطتها الفاعلة إلى المنطقة...

أنت تعلم أنّ القوّات الإسرائيليّة لم تنسحب إلى ما بعد حدود لبنان المعترف بها دوليّاً، وفقاً لنصّ هذا القرار. ولم تساعد حكومة لبنان على تأمين عودة سلطتها الفعليّة إلى المنطقة. تمّ الإنسحاب إلى خطّ أطلق عليه مجازاً، بالخطّ الأزرق، تأكيداً على أنّه ليس خطّ الحدود المعترف بها دوليّاً. لماذا؟

يقول فردريك هوف، أنّ الخط الأزرق هو توسيع لخطّ الإنسحاب الإسرائيلي، بما يختلف عن الحدود الدّوليّة، أو خطّ ترسيم الهدنة في الشّمال الشّرقي، سعياً للتأكّد من انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان، في أيار 2000، وحرصاً على رحيل جميع القوّات الإسرائيلية من تلك المناطق اللّبنانيّة التي تَحِدّ هضاب الجولان المحتلة. يضيف هوف، أنّ «حزب الله»، «حزب إيران في لبنان»، «إستفاد من بعض الظّروف السّياسيّة والجغرافيّة، كي يزعم أنّ مزارع شبعا وتلال كفرشوبا هي أرض لبنانيّة».

ردّت إسرائيل وبتأييد من الولايات المتّحدة، أنّ مزارع شبعا، أراض تخضع للقرار 242 لعام 1967، معتبرة أنّها كانت تخضع للإدارة السّوريّة حين احتلالها عام 1967. أعلنت دمشق أولاً، بعد الإنسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان عام 2000، تأييدها لمطالب «حزب الله»، لكنّها رفضت تقديم تنازل رسميّ عنها للبنان. اعتبر بعض اللّبنانيّين أنّ الغرض هو أنّ إيران ترغب بإبقاء لبنان ورقة لخدمة مصالحها.

لماذا لم يلجأ مجلس الأمن حينها إلى محكمة العدل الدّوليّة، وفقاً للمادّة 36 من ميثاق الأمم المتّحدة؟ لماذا اكتفت الولايات المتّحدة والأمم المتّحدة بالخطّ الأزرق؟ لماذا تمّ تجاهل أحكام الميثاق للحلول السّلميّة للنّزاعات، وترك أهل الجنوب ولبنان في معاناتهم؟

مستر هوكشتاين، نحن لا يهمنا ما يقوله «حزب إيران في لبنان». وأنت تعرف أنّ لبنان الرّسميّ لا يملك إرادة حرّة لتقرير المسائل المتعلّقة بسيادته. نحن يهمنا أن تنسحب إسرائيل إلى حدود لبنان المعترف بها دوليّاً، وفقاً لما تمّ تحديده في اتّفاق الهدنة عام 1949. ولا نقبل أي إطار تفاوضي يتجنّب البتّ بمسألة مزارع شبعا المحتلّة وتلال كفرشوبا. فمهما يكن الجدل حول هوية مزراع شبعا وتلال كفرشوبا، فقد طلب القرار 1701 صراحة من الأمين العامّ للأمم المتّحدة، في ما يتّصل بها، إجراء ترسيم دقيق للحدود اللّبنانيّة.

وعليه، لا يمكن تحقيق المطلب الحقوقي للبنان، المدعوم بقرارات الشّرعيّة الدّوليّة، والمجتمع الدولي برمته، بشأن الإحترام التّامّ لسلامة لبنان الإقليميّة، وسيادته، وإستقلاله السّياسي، ضمن حدوده المعترف بها دوليّاً، إلا من خلال مراجعة محكمة العدل الدّوليّة وفقا للمادّة 36 من ميثاق الأمم المتّحدة التي تنص على أن يحيل مجلس الأمن أي نزاع قانوني مثل هذا النّزاع، إلى محكمة العدل الدّوليّة.

مستر هوكشتاين، نحن بلد صغير لا تحميه إلا الشّرعيّة الدّوليّة، ونظام القانون الدّولي. نريد أن تشعر أنّك تملك مواطنة لبنان أيضاً، وتدعم مطلب شعبنا بالعدالة. تحقيق العدالة يخدم البلدان الثّلاثة: الولايات المتحدة، إسرائيل ولبنان. فهي ستؤكّد أنّ الولايات المتّحدة، ما زالت راعية للنّظام الشّرعي الدّولي، الذي أقامته عبر الأمم المتّحدة عام 1945. كما أنّها الطّريق الأقصر والثّابت من أجل تحقيق السّلام والإستقرار والأمن للبنان وإسرائيل.

وإلى جماعة «المقاومة» نقول: لا نريد حرباً جديدة. نأمل أنّكم تعلمتم من حرب 2006. نحن بحاجة لرجال دولة مثل مهندس الإصلاح الصّيني دينغ شياو بينغ، الذي رفع بعد وفاة الرّئيس الصيني ماو تسي تونغ شعار تنحية الصّراعات الأيديولوجيّة جانباً، والتّركيز على تطوير الإقتصاد، واستخلاص الحقائق من الوقائع.

MISS 3