سناء الجاك

الدولة والوقوف عند خاطر "الحزب"

20 كانون الثاني 2024

02 : 00

يقول نائبٌ إنّ ضمان عدم توسّع الحرب يقتضي الحوار الدائم مع «حزب الله»، أي أنه يوجه دعوة مبطّنة للوقوف على خاطره وعدم استفزازه أو تحميله مسؤولية ما يجري، واستقبال الموفدين وتوضيح وجهة النظر اللبنانية، أي تلك التي تنفّذ أجندة «الحزب»، ومعالجة الشغور الرئاسي بالتي هي أحسن، متجاهلاً أنّ هذا الشغور هو صنيعة «الحزب». ويصر على أنّ «الحزب مكوّن لبناني والحرب تقع على أرض جمهوره وناخبيه الذين يؤيدونه، بالتالي لا لزوم لاعتراض باقي المكونات اللبنانية على استفراده بقرار الحرب والسلم.

وينصح النائب بضرورة مراعاة طريقة إعلان المعترضين عن عدم موافقتهم على انخراط «الحزب» في العمليات العسكرية لمشاغلة العدو الإسرائيلي، ومن ثم العمل على إقناع الرأي العام الداخلي والدولي بأنّ هذه المشاغلة هي حق مشروع للدفاع عن النفس، وليست امتثالاً لما يريده رأس محور الممانعة في هذه المرحلة من ساحاته وما يخلفه ذلك من ضرر يصيب المصلحة الوطنية. فتَحَفُّظ بعض القوى المعترضة ينبغي أن لا يقدّم خدمة لهذا العدو وإن بشكل غير مقصود حتى نحتوي هذه المرحلة.

النائب المحترم لم يتوقف عند تعاطي محور الممانعة مع الملف اللبناني الداخلي، وبإصراره على إلغاء الدولة اللبنانية ومؤسساتها لصالحه، ومن دون التنسيق معها، وكأن لا لزوم للعودة إلى الوراء، أو كأنّه وغيره من المسؤولين في هذه الدولة فهموا الدرس ولن يكرروا التجارب السابقة، فيتهورون ويقدمون على ارتكاب «خطيئة» طرح مسألة سلاحه أو يتشدقون بالاستراتيجية الدفاعية، وهم يجلسون خلف مكاتبهم وينظّرون على الناس بلغة خشبية. مثل هذا الترف أمر غير أخلاقي وغير صحيح وغير مناسب في هذه المرحلة التي تستدعي نصرة أهل غزة، والمطلوب هو حرصٌ على عدم استفزاز «الحزب» تجنباً لردود فعله على الداخل اللبناني، انطلاقاً من أن عواقب استفزاز «القوم المنتصرين» على العدو الصهيوني حماقة موصوفة ولها عواقب وخيمة.

فاللبيب من الاشارة يفهم، ولا يسأل «الحزب» عن ربطه مصير لبنان بوقف إطلاق النار على غزة. وبالتالي يلتزم بالمطلوب منه، أي إظهار التضامن الرسمي والشعبي.

ولا لزوم للقلق، وفق ما يطرحه النائب المحترم وبقناعة، فلنترك لـ»الحزب» تدبير مرحلة ما بعد غزة باللين والقبول، ونرضى بأن الدولة مغلوب على أمرها وعليها أن ترضخ للمعادلة إياها، حتى تتجنب إحراجاً إذا ما حاولت مواجهة من سيفرض عليها وعلى اللبنانيين جميعهم انتصاراً تاريخياً واستراتيجياً جديداً، لأن العدو فشل في تحقيق هدفه المتعلق بمحور الممانعة المنتصرة في البحر الأحمر وفي العراق وفي لبنان وفي فلسطين المحتلة، حتى قبل التوصل إلى اقناع رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بوقف إطلاق النار في غزة، فالانتصار حصل وفق الاعلام الممانع، ومن يشكك به هو شريك المجرم نتنياهو في إبادة أكبر عدد من الفلسطينيين وتهجير من بقوا بالصدفة أحياءً، هذا من دون التطرق إلى ما ألحقه هذا العدو بلبنان من خسائر ولا يتم الحديث عنها، ذلك أنّ رفع المعنويات يقتضي سرد خسائر العدو فقط وتضخيمها بمعزل عن الوقائع.

المهم وفق استراتيجية «الحزب» هو الاستعداد لليوم التالي لما بعد حرب غزة. وربما لما بعد حرب لبنان. والظاهر أنّ بنود التفاوض تحت الطاولة في طور متقدم وواعد، و»الحزب» الذي يفرض على الدولة أن تقف على خاطره، يعرف كيف يوجّه البوصلة بحيث يتم التفاوض، عبر «وسطاءٍ»، معه وحده من دون غيره، ومن ثم يتفاخر بأنّه «حوَّل التهديد إلى فرصة»، تؤمن له ولرأس محوره المكاسب. ونحن لنا تنفيذ ما نصح به النائب المحترم.

MISS 3