رفيق خوري

لبنان محكوم بدورين: "الساحة" و"الرهينة"

1 تموز 2020

01 : 30

ليس في لبنان المأزوم طرف خارج التأثر بالضيق الذي يشتد على كل الناس في كل المناطق. ولا احد يجهل لماذا يقفز اصحاب الحسابات والمشاريع الاستراتيجية من فوق رؤوس الجائعين ،حيث الارض تنهار والمشاريع تحتاج الى قدمين للوقوف على ارض صلبة. فالوطن الصغير محكوم بالتنقل بين دور "الساحة" ودور"الرهينة" في لعبة جيوسياسية اكبر من المنطقة. وهذا ليس خيار لبنان، ولا يجب ان يكون قدره. ولا هذه الحرب هي حربه. لكن اللاعبين الكبار واتباعهم لا يقرأون مآسي الناس، ولا يتورعون عن تشديد الأزمات وتوظيف الكوارث للربح في اللعبة.

طرفا اللعبة ثابتان: اميركا وحلفاؤها في مواجهة ايران ومحورها. وهناك بالطبع متدخلون في اللعبة. بعضهم على مستوى روسيا والصين من اجل ما تسميه موسكو "زرع الشوك على طريق اميركا" للتوصل الى مشاركة متكافئة معها، وبعضهم الآخر على مستويات ادنى بكثير. والخاسر سلفاً هو لبنان في صدام الارادات بين المحور الاميركي، المصر على انهاء نفوذ طهران في العراق وسوريا ولبنان واليمن بـ"الضغط الاقصى" و "قطع الاذرع الايرانية"، وبين المحور الايراني المتمسك بمشروعه الاقليمي دفاعاً وهجوماً مهما يكن الثمن العسكري والامني والاقتصادي. وليس "قانون قيصر" سوى عنصر في هذا الصدام.

ذلك ان دور "الساحة" المفروض على لبنان منذ عقود والذي دفع ثمنه مراراً وصل الى مرحلة الخطورة القصوى هذه المرة. لماذا؟ لان الحرب الاقليمية التي يكثر الحديث عنها في هذه الايام كمخرج من الانسداد، مرشحة لتدمير لبنان بالكامل من دون ان تتغير اسباب الحرب ومن دون استعداد عربي ودولي لاعادة اعماره. ودور "الرهينة" ليس اقل خطورة: حصار اميركا على ايران وسوريا و"حزب الله" ينعكس على لبنان، حيث لا مساعدات ولا دولارات حتى من صندوق النقد الدولي بلا اصلاحات، ولا ابتعاد من هيمنة "حزب الله"، كما قال وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو. ومواجهة "حزب الله"، وهو صاحب السلطة للسياسة الاميركية، تزيد من الامتناع عن المساعدات ومن عزلة لبنان العربية والدولية. وما يكمل الخطر هو السلطة الرافضة للاصلاحات لانها تشكل "خطراً" عليها، والعاجزة عن ترك مساحة رمادية بين الشرعية و"حزب الله". والمؤكد ان مواجهة "قانون قيصر" تحتاج الى امور جدية غير "قانون مازح".

في أزمة 1933 في اميركا، كتب جون كينيث غالبريث: "الاسوأ يزداد سوءاً، وما بدا انه يوم النهاية كان في اليوم التالي مجرد بداية".

أليست هذه حالنا؟