رمال جوني

بنت جبيل شيّعت ابنتها سمر وكفرا نفضت غبار الغارة

23 كانون الثاني 2024

02 : 01

من تشييع سمر السيد محمد في بنت جبيل

ضجيج الغارات في قرى الشريط الحدودي يكاد لا يهدأ، الدمار الذي لحق بالقرى كبير جداً، أكثر من 100 ألف مواطن نزحوا منها غير أنّ سمر جميل السيد محمد، إبنة بلدة بنت جبيل رفضت النزوح، قررت الصمود في بلدتها التي «تعشقها»، كما يقول مختار بنت جبيل محمد عسيلي.

حضرت سمر تشييع أحد أبناء بنت جبيل، ركبت سيارتها، وتوجهت نحو كفرا لملاقاة ابنها علي الذي جاء من بيروت، يقول عسيلي «قرّر أن يعود إلى بنت جبيل كي لا تبقى والدته وحيدة، وطلب من رفاقه أن يوصلوه إلى البلدة، إلا أنهم فضّلوا إيصاله إلى كفرا، وطلب من والدته ملاقاته هناك». ما إن وصلت سمر إلى حاجز الجيش في كفرا حتى نفّذت إسرائيل غارتين على المكان فقتلت سمر واصيب علي ورفيقه بجروح متوسطة.

هي المرة الثالثة التي تودّع فيها بنت جبيل أبناءها، ومع ذلك ما زال هناك 150 عائلة ترفض المغادرة، وسوقها التجارية ما زالت تعمل ولكن بوتيرة أقل من السابق، تبعاً لعسيلي «حتى دائرة نفوس بنت جبيل لم تقفل أبوابها، فهي تفتح يومين في الإسبوع لانجاز معاملات الناس الكثيرة»، ويقول المختار إنّ «موظفي دائرة النفوس يأتون من خارج المدينة، ويعملون على إنجاز اخراجات القيد للمواطنين الراغبين في الهجرة، بعد أن فتحت أبواب الهجرة لهم والسفارات تسرّع معاملاتهم، إضافة إلى إنجاز اخراجات القيد لطلاب الامتحانات الرسمية وللمضمونين».

يؤكد عسيلي «أن ما حصل في كفرا من اعتداء وحشي من قبل العدو، ترك انعكاسه وبعض الخوف، وجعل التنقّل صعباً، لأنّ العدو يتربص بأي هدف يتنقّل بحثاً عن إنجاز لن يحققه». ويؤكد «أنّ استهداف المدنيين لن يزيد الناس إلا تعلقاً بأرضهم»، من دون أن يغفل الإشارة إلى أن «عدداً من أبناء بنت جبيل قرر العودة لأنه أرهق بالإيجارات المرتفعة والظروف الاقتصادية الصعبة، خاصة أنّ العدو يضرب في كل مكان».

لم يكن يوم كفرا أمس عادياً، فقد نفضت غبار الغارات التي ضربت سوقها التجارية، صحيح أنّ الأضرار كانت بسيطة، إلا أنّ أصحاب المحال استأنفوا نشاطهم كالمعتاد، وقرّروا الردّ على الاعتداء «بتعزيز الصمود»، كما يقول رئيس بلدية كفرا يوسف بشير، مؤكداً أنّ «كفرا نجت من مجزرة محتّمة، فالغارات استهدفت منطقة حيوية، طريق دُوَليّة تربط القرى بعضها ببعض وعلى بعد 3 أمتار من حاجز الجيش ومنطقة تكتظ بالمارة والتجار».

في أقل من 24 ساعة نفّذت اسرائيل اعتداءين مباشرين في عمق الجنوب، الأول في البازورية وأسفر عن مقتل عنصر من «حزب الله» وآخر مدني، والاعتداء الثاني عبر مسيّرة عند مثلث كفرا- صربين حاريص، على بعد أمتار قليلة من حاجز الجيش اللبناني وأسفر عن مقتل عنصر من الحزب وسيدة مدنية من بنت جبيل، وجرح 6 آخرين.

بالطبع، الاعتداء وقع في عمق 10 كلم من الحدود الجنوبية، ولا تبعد كفرا كثيراً عن بلدة ياطر التي تتعرّض للاعتداءات منذ فترة، وبالتالي لم تستقطب نازحين من القرى الحدودية، عدد قليل جداً يقول بشير، غير أنها بحسبه «كانت حتى الأمس بلدة آمنة نسبياً، وبالطبع ترك الاعتداء آثاره، ولكنه لم يؤثر في الحركة التجارية في البلدة». ويؤكد «أنّ الاستهداف وقع على بعد 3 أمتار فقط من حاجز الجيش اللبناني، وهذا بحد ذاته تطور خطير، فالعدو يحاول تنفيذ اعتداءات متواصلة، ضمن خطته الرامية إلى تدمير القرى، ولكنه يفشل في كل مرة». ويوضح «أن الاعتداء لم يستهدف أحداً من كفرا، بل كان المستهدف من خارجها، والجرحى سقطوا أثناء مرورهم في المكان، وهذا بحد ذاته تطور خطير». ووفقه ، فإنّ المستهدف الرئيسي ، كان في طريقه إلى إحدى القرى للمشاركة في تشييع فيها، وجرت ملاحقته بالمسيرة، ولكنه نجا.

فتح أصحاب المتاجر محلاتهم مجدّداً بعدما رفعوا الأضرار التي خلفتها الغارات، ومارسوا نشاطهم كالمعتاد، ولكن بحذر، «فالعدو لا أمان له»، يقول معظمهم، مؤكدين أنه «لن يمنعهم من مواصلة حياتهم التجارية».

ولكن ماذا في أبعاد خطة الإغتيالات التي تنفذها اسرائيل في عمق القرى الجنوبية؟ هل دخلنا مرحلة جديدة من الحرب، وما يترتّب عليها من مخاطر كثيرة؟

سيناريو المرحلة المقبلة من الحرب المشتعلة عند حدود لبنان الجنوبية مع فلسطين المحتلة، ترسمه الأحداث المتسارعة للعدوان، وما الغارات الاسرائيلية المكثفة إلا تأكيد على خطورة المرحلة التي تستهدف القرى الآمنة، وتطال المدنيين على الطرق.

MISS 3