أكرم حمدان

إنطلاق جلسات الموازنة... بنقاش من خارجها

25 كانون الثاني 2024

02 : 00

جانب من الجلسة (فضل عيتاني)

يتابع مجلس النواب جلسة مناقشة موازنة العام 2024 اليوم وسط توقعات بأن يتم إقرارها في الجولة المسائية، رغم تحذير رئيس مجلس النواب نبيه بري للنواب من أن الإستمرار في المطولات قد يؤجل إقرار الموازنة حتى يومي الجمعة أو السبت، بعدما كانت شهدت الجلسة في يومها الأول سلسلة من المواقف والسجالات التي تنوعت بين السياسي والدستوري والفكاهي.

وبمعزل عن السجال الذي بدأت فيه الجلسة بين النواب على خلفية أولوية انتخاب رئيس الجمهورية وما تبعها من مواقف لمختلف النواب المتحدثين، إلا أنّ الرسائل السياسية كانت الأبرز بين رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل والرئيس بري الذي ردّ قائلاً: «من قاطع جاسة قانون الكابيتال كونترول هو أنتم».

كذلك ردت عضو «تكتل الجمهورية القوية» النائبة غادة أيوب على باسيل دون أن تسميه بقولها «لقد انقلب السحر على الساحر، ومن عطل ويخرق الدستور يأتي اليوم ليقدم خرقاً فاضحاً للدستور من خلال بدعة تبني الموازنة باقتراح قانون من قبل النواب».

وهذا الأمر كان محط رد من قبل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي رأى فيه هرطقة دستورية، مؤكداً في ردّ على اسئلة الصحافيين أنّ لبنان كان ولا يزال منذ السابع من تشرين الماضي لا يريد الحرب وهو ملتزم بقرارات الشرعية الدولية من إتفاق الهدنة وصولاً إلى القرار 1701، مشدداً على أنّ «الحكومة تعمل كل جهدها لتسيير شؤون البلاد وأنّ النقاش الدائر في الجلسة فيه غنى رغم وجود بعض التجني على الحكومة ولكنني احترم آراء ووجهات نظر الجميع».

وقد توزعت مواقف النواب بين المطالبة بالاهتمام بشؤون الناس وتأمين الحد الأدنى المطلوب، وبين رفع السقوف السياسية وخصوصاً ما طرحه النائب باسيل لجهة ربط إستمرار مشاركة التكتل بالقبول باقتراحه، وإلا سينسحب ويبقى فقط رئيس وأعضاء لجنة المال من التكتل للمناقشة التقنية انطلاقاً مما عدلته لجنة المال والتصويت ضد الموازنة. وبعد الكلمة بحوالى خمس دقائق غادر القاعة مع عدد من نواب «التكتل».

وقائع الجلسة

بعدما تلا رئيس لجنة المال النائب ابراهيم كنعان تقرير اللجنة، كانت الكلمة الأولى للنائب جورج عدوان الذي شدد على حصر قرار الحرب والسلم بيد الدولة، مثيراً ملفات القضاء وأموال المودعين والوجود السوري وغياب قطع الحساب، ناصحاً مجلس النواب بعدم السير بالمادة التي تتجاوز قطع الحساب.

أما النائب جميل السيد فتحدث عن انقسام سياسي ظاهره داخلي وباطنه خارجي متحدثاً عن عمليات تجميلية في الموازنة وواصفاً البلد بالجثة التي تتحلل على قارعة الطريق. نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب ركز في مداخلته على الخلاف بين رئيس الحكومة ووزير الدفاع بشأن التعيينات العسكرية، معتبراً أن الكلام عن صفر عجز غير صحيح، مكرراً دعوة بري للحوار مجدداً للتفاهم على انتخاب رئيس أو استقالة مجلس النواب والذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة.

النائب حسن فضل الله حيا الشهداء في الجنوب وفلسطين والعراق وسوريا واليمن متسائلاً عن قطع الحساب وملفات الهدر والفساد وداعياً إلى تصحيح الأجور والرواتب والتوافق على انتخاب رئيس جمهورية. النائب ميشال معوض وصف الموازنة بأنها موازنة تشبيح على المواطن معلناً أن كتلة «تجدد» ستؤمن النصاب لكنها ستصوت ضد الموازنة. النائب راجي السعد تساءل عما إذا كانت الموازنة التي تناقش هي موازنة حرب في ظل التهديدات التي تطلق ضد لبنان.

وفي الجولة المسائية دعا النائب ميشال الضاهر بري إلى معاودة الكرة في الحوار للتفاهم على انتخاب رئيس جمهورية، مطالباً باللامركزية الادارية والمالية الموسعة ولامركزية لانشاء محطات توليد كهرباء واضافة دولار على كل صفيحة بنزين تخصص لصيانة الطرقات.

النائب جبران باسيل قال إنّ الموازنة في صلب التشريع وينطبق عليها تشريع الضرورة ولكن الخلاف على الطريقة والجهة صاحبة الحق في إحالة المشروع بظل غياب رئيس الجمهورية، مذكراً بتجربة عام 2014 وتوقيع كل الوزراء وكيف جرت تفاهمات سابقة لاقرار قوانين الضرورة وليس جدول اعمال بـ109 بنود، داعياً إلى حوار حقيقي ومنفتح يحمي وجود وصيغة لبنان التي لا يمكن استمرارها بلا رئيس وبحكومة مبتورة وعوراء ومجلس نواب لا يقوم بدوره، مؤكداً على امكانية التفاهم على رئيس اصلاحي يجمع بين حماية المقاومة التي هي جزء من الدولة وبناء الدولة، داعياً لاعتبار الجلسة محطة لاعادة اللحمة وليس استمراراً وتعميقاً للانقسام.

النائبة غادة أيوب رأت أن الموازنة هي صورة عن السلطة التي ضربت مبدأ الفصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، فهي بلا رؤية وتحاول رمي المسؤولية على مجلس النواب ولا يوجد فيها شفافية بالأرقام، مستعرضة المراسلات بين وزارة المالية ورئيس لجنة المال والموازنة بشأن الأرقام المختلفة فيها وغياب قطع الحساب. أما النائب زياد حواط فرأى أن لبنان يواجه أكبر خطر وجودي والمؤسسات مهددة بالتحلل مطالباً باللامركزية الموسعة واجراء الإنتخابات البلدية.

النائب سجيع عطية وصف الموازنة بالميزانية التي تعمل بالحد الأدنى المطلوب بظل الظروف الموجودة والامكانيات المتاحة، مستعرضاً بعض مشاكل منطقة عكار ومستشهداً ببعض الأمثلة الفكاهية كما تناول ما اسماه مافيا المصارف. أما النائب نعمة افرام فتحدث عن أهمية وجود خطة خمسية لمعالجة الأزمة الإقتصادية والمالية. وطالب النائب وائل أبو فاعور بالتصويت العلني على المادة المتعلقة بفرض ضريبة على المستفيدين من منصة صيرفة وأموال الدعم، منوهاً بالجهود الداخلية التي تسعى لايجاد حلول للأزمة. والنائب ابراهيم منيمنة أثار ما وصفه بثغرات الموازنة مستعرضاً كيفية حماية أموال المودعين معلناً أنه ضد الموازنة.

في المحصلة، ستقر الموازنة بالاكثرية المطلوبة على الرغم من المعلومات التي تفيد بأن «تكتل الجمهورية القوية» سيصوت ضدها وكذلك كتلة «تجدد» وعدد من نواب التغيير وبعض النواب المستقلين، إلا أن النصاب سيكون مؤمناً من قبل كل الكتل وكذلك الميثاقية.

ثم قال النائب الياس جرادة إن الحكومة مستقيلة وغير خاضعة للمحاسبة والمساءلة والمجتمع منقسم عاموديا بين السيادة والمقاومة وقلة بينهما.

وختاماً، وصف أديب عبد المسيح الموازنة بالمشحرة.

MISS 3