جان الفغالي

وسيم الأول أو رياض الثاني؟

25 كانون الثاني 2024

02 : 00

سؤال افتراضي: ماذا كان ليفعل حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، لو طلب منه «راعيه السياسي» الرئيس نبيه بري، ما كان يطلبه من حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، لجهة فتح الاعتمادات للكهرباء وغيرها، هل كان ليرفض؟ سؤال افتراضي ثانٍ: لماذا لا يطلب الرئيس بري من الحاكم بالإنابة أن يفتح اعتمادات؟ هل ليُظهره بأنه المنقِذ، وبأن سلفه هو الذي تسبب بإفلاس البلد؟ السؤالان افتراضيان، لكن لا بد من طرحهما لفهم طبيعة العلاقة التي كانت سائدة بين الحاكم ونائبه الاول الذي اصبح حاكماً بالإنابة.

ثمة مَن يقول «جاء ليكمِّل لا لينقض أو يدمِّر»، بمعنى أنه يسير على الطريق التي سار عليها «رئيسه السابق»، وبناءً عليه، وتأسيساً على ذلك، لماذا توقفت الحملات على مصرف لبنان حين غادره سلامة وأصبح في عهدة منصوري؟

لنعد قليلاً الى الوراء، الدولار انخفض الى ما دون التسعين ألف ليرة على أيام رياض سلامة، منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم، أي منذ أكثر من ستة أشهر، لماذا لم ينخفض الدولار ليرة واحدة عما جرى تثبيته عليه؟ السؤال موجّه الى الحاكم بالإنابة الذي في يده خفض الدولار، وهو الذي يقول إنه كوّن احتياطياً جديداً منذ تسلمه الحاكمية. اذا كانت الأرقام صحيحة لجهة اعادة تكوين الاحتياطي، فلماذا لا يرد الى المصارف جزءاً من ودائعها لديه لتستطيع رد جزء من الودائع للمودعين؟ هذا الأمر يحتاج الى نقاش جدي بين الحاكم بالإنابة وبين جمعية المصارف، لأن في الأمر «خراب بيوت» بالنسبة الى المودِعين، ولا يجوز ترك الأمور على غاربها.

قد يتأخر انتخاب رئيس جديد للجمهورية، واستطراداً، قد يتأخر تعيين حاكم جديد أصيل لمصرف لبنان، هذا يعني أنّ الحاكم بالإنابة وسيم منصوري سيبقى في منصبه الحالي مدة ليست بقصيرة، وبما أنّ السياسة النقدية التي ينتهجها تشكِّل استمراراً لنهج الحاكم السابق، فهذا يعني كأن الحاكم رياض سلامة ما زال في مصرف لبنان.

بناءً عليه، إذا أراد الحاكم منصوري أن يُحدِث بصمةً أثناء ولايته في الحاكمية، فإنّه يجدر به أن يطبِّق خطة يسميها «خطة منصوري»، لا أن يبقى على «خطة سلامة»، فهل يُقْدِم؟ وهل يُسجَّل له أنه ساهم في إنقاذ القطاع المصرفي؟ أو يسجَّل عليه أنه «بصمَ» بدل أن يترك»بصمة»؟

المودِعون ينتظرون الكثير من الحاكم بالإنابة، لأنهم ينظرون إليه على أنه «المنقذ» لودائعهم، لكن المسألة أبعد من النيات الحسنة، فحين يتعلّق الأمر بالأرقام، فإن العواطف تنحسر بشكلٍ كلّي. إنّ الحاكم بالإنابة مُطالبٌ بأن يُطل على الرأي العام لتقديم جردة بما حققه، وبناءً عليه يسمّى إمّا «وسيم الأول» وإمّا «رياض الثاني».

MISS 3