أصبح فرانسوا كزافييه بيلامي على رأس لائحة مرشّحي حزب «الجمهوريين» لانتخابات البرلمان الأوروبي، وهو يكشف تفاصيل مشروعه في هذه المقابلة...
إختارك رئيس حزب «الجمهوريين» على رأس لائحة المرشّحين للانتخابات الأوروبّية. ما كانت ردة فعلك الأولية؟
أنا أدرك أهمية هذه المسؤولية، وأنا ممتنّ جداً لإيريك سيوتي لأنه وثق بي ولجميع من عبّروا عن دعمهم لي، وهم كثيرون. تتمحور هذه الحملة بشكلٍ أساسي حول مستقبل عائلتنا السياسية، لكنها ترتبط أيضاً بالحياة الديموقراطية في فرنسا. من واجبنا أن ننجح، وسأبذل قصارى جهدي لتحقيق هذا الهدف. أنا مرشّح الوضوح والثبات.
مع أي فريق تفضّل خوض المعركة؟
سنناقش هذا السؤال خلال الأسابيع المقبلة. لكن ثمة أمر مؤكد واحد: سأخوض هذا الاستحقاق الانتخابي مع الفريق الأكثر قدرة على إقناع الفرنسيين وخدمة مصالحهم من خلال الفوز بالمعركة الحاسمة التي تنتظرنا في البرلمان الأوروبي. لتحقيق هذا الهدف، يُمكننا أن نتّكل على مجموعة استثنائية من المواهب، والالتزامات، والخبرات. إنها ميزة حقيقية لأن نجاح أي عهد جديد لا يمكن ارتجاله. سأحضّر هذه اللائحة مع إيريك سيوتي ولجنة الترشيح وأنا أفكر بهذا الهدف حصراً. يتطلب الوضع بعض الاستمرارية طبعاً، لكنّ التجديد ضروري أيضاً.
من هي الشخصية النسائية التي تفكر بها لاستلام المركز الثاني؟
الجمهوريون لا يطبقون سياسة سطحية لاختيار المرشحين. هذا ما يميّزنا عن إيمانويل ماكرون. نحن نعطي الأولوية لجوهر الأمور.
ما هي دوافعك الأساسية؟
أنا ملتزم منذ خمس سنوات بالتعبير عن أصوات الفرنسيين في البرلمان الأوروبي وأدرك إلى أي حدّ أصبحت قارّتنا على مفترق طرق. أكدت الأزمات المتلاحقة التي واجهناها في السنوات الأخيرة على صوابية الأفكار التي كنا نُدافع عنها في العام 2019: يجب أن نُعيد بناء أوروبا التي تمنح ديموقراطياتنا الوسائل اللازمة للتحكّم بمصيرها. يتطلّب هذا الهدف التخلّي عن المعايير الخانقة واللجوء إلى استراتيجيات واقعية. لقد عالجنا المسائل العاجلة في عهدنا، ولم يبقَ لنا الآن إلّا أن نُعيد بناء مفهوم العمل الأوروبي. لكن يحمل هذا الاستحقاق الانتخابي تحدّياً آخر على صلة بإعادة بناء حياتنا الديموقراطية في فرنسا.
هل تضرّرت تلك الديموقراطية برأيك؟
يُفترض ألا يتحول هذا الاقتراع إلى استفتاء وطني بالشكل الذي يحلم به إيمانويل ماكرون ومارين لوبن، لكنّه سيسمح بتطوير مركز الحياة السياسية الفرنسية. بالنسبة إلى جميع الناخبين اليمينيين، إنها اللحظة المناسبة لِلَمّ الشمل والتأكيد على قناعاتهم. نحن نواجه أزمة عميقة جداً ولا يبدو الردّ السياسي عليها بمستوى التحديات الوجودية التي نواجهها. يتّضح هذا الوضع في الحكومة الجديدة التي لا تحمل أي وعود واضحة. يلجأ إيمانويل ماكرون ومارين لوبن إلى طريق مختصر ويريدان اعتبار الحياة الديموقراطية مجرّد خيار، لكنّ الواقع ليس كذلك. أنا أقول للناخبين اليمينيين: حان الوقت كي نُثبت أن الوضع لا يزال يسمح بإعطاء الأولوية للمسائل التي تهمّكم، وبطرح أفكار واضحة، واتخاذ خطوات جدّية. هذه الانتخابات الأوروبّية هي فرصتنا للهرب من اليأس الذي يرافق أي جولة ثانية مشابهة لن تجلب الحلول لأكبر مشكلات البلد.
كيف يختلف هذا الاستحقاق عن انتخابات العام 2019 التي انتهت بنتيجة مخيّبة للآمال رغم تنظيم حملة واعدة؟
في العام 2019، كان معظم المرشّحين عبارة عن وجوه جديدة. لم يكن حزب «الجمهورية إلى الأمام» يملك أي مسؤول مُنتخَب في البرلمان الأوروبي. أنا شخصيّاً ترشّحتُ للمرّة الأولى حينها. يكمن الفرق الحقيقي في أننا نملك برنامجاً واضحاً بعد مرور خمس سنوات. بتوجيه من مسؤولين مُنتخَبين من «حزب الخضر» أو الحزب الاشتراكي، صوّت النواب التابعون لماكرون ضدّ الطاقة النووية، ودعموا التضخم المعياري الذي يُضعِف زراعتنا وصناعتنا، وأيّدوا زيادة الضغوط الضريبية. أما حزب «التجمّع الوطني»، فقد بدت نتائجه بسيطة: هو لم يُحقق شيئاً. خلال خمس سنوات، لم ينجح نواب «التجمّع الوطني» في تغيير فاصلة واحدة من أيّ نصّ أوروبي. تتعلّق المسألة الحقيقية بالعمل والشجاعة وقوّة الإرادة. يشمل وفدنا عدداً أقلّ من الأعضاء، لكنّه سمح لنا بإطلاق معارك كثيرة والفوز بها.
قد يُهاجمك خصومك استناداً إلى القناعات التي تتمسّك بها، ولا سيما تلك التي تحمل طابعاً محافظاً. كيف يُمكنك تجنّب هذا النوع من الأفخاخ؟
يستفيد البعض من تضخيم المواقف لتجنّب المسائل الأساسية. في هذا العهد، حارب معسكرنا نقاط الضعف التي تُهدّد أوروبا انطلاقاً من المبادئ التي يُفترض ألّا نتخلّى عنها لأي سبب. وبعد معركة طويلة، جعلناهم يُصوّتون على تعديل يقضي بمنع المفوضية الأوروبّية من تمويل الإعلانات التي ترفع شعارات مثل «الحرّية تكمن في الحجاب». كيف يجرؤ المسؤولون المُنتخَبون في معسكر اليسار على رفع راية النسوية بعدما بذلوا قصارى جهدهم لمعارضة ذلك التعديل؟
حين تُعيد تقييم الوضع، ما هي الأخطاء التي تُريد تجنّبها هذه المرّة؟
يجب أن نُعيد النظر بطريقة مخاطبتنا للفرنسيين. لقد اعتدنا على إطلاق حملاتنا عبر التوجّه إلى داعمينا بشكلٍ أساسي بدل مخاطبة جميع الفرنسيين، ولا سيّما الفئات التي لم تعُد تهتمّ بالسياسة. يشعر الكثيرون بأنهم أصبحوا يتامى أو أنهم باتوا محرومين من مواقف تُمثّلهم. أنا أُريد مخاطبة هؤلاء الأشخاص في هذه الحملة. لهذا السبب، نُريد أن ننتشر في كلّ مكان، تزامناً مع تجديد الأساليب التي نعتمدها، والوصول إلى الأماكن التي خسرت فيها الخطابات العامة تأثيرها، والتلاقي مجدّداً مع الأشخاص الذين خسروا ثقتهم بالسياسة أو بمعسكر اليمين. يجب أن يسترجع الفرنسيون دورهم في هذه الانتخابات الأوروبّية.
ماذا ستكون ركائز حملتك؟
تكثر التحدّيات المطروحة. في ملف الهجرة مثلاً، لا بدّ من اتخاذ الخطوات اللازمة كي تتمكّن البلدان الأوروبّية من السيطرة على حدودها. إنه واحد من أكبر تحدّيات هذا القرن، فهو يؤثر على مستقبلنا وتوازن العالم في المراحل المقبلة. في ما يخصّ وضعنا الأمني، من الضروري أن نُعيد بناء أمننا الاقتصادي بعد عودة الحرب إلى أبواب أوروبا: يجب أن تسترجع القارة الأوروبّية قدرتها على إنتاج ما تحتاج إليه. وفي الملف البيئي، لم يكفّ معسكر اليسار وأنصار ماكرون عن الدفاع عن مشروع سيُمعن في إفقارنا وإضعافنا ويجعلنا نتّكل على إنتاجات مستوردة لها عواقب كارثية على البيئة. حان الوقت لتحرير العاملين في هذا القطاع من الضغوط التي تمنعهم من تحمّل مسؤولياتهم.
في نهاية تشرين الثاني، قابلتَ نيكولا ساركوزي. هل عبّر عن دعمه لك؟
لا. أنا لا أقابله أصلاً كي أحصل على دعمه. نيكولا ساركوزي حرّ في مواقفه طبعاً. خياره هو مُلك له.
ماذا سيكون دور لوران فوكييه في هذه الحملة؟
لوران فوكييه شخصية أساسية في عائلتنا السياسية، ولا يُمكن أن أنسى أنه الشخص الذي وثق بي في العام 2019. أنا مسرور لأنّني أستطيع الاتكال على دعمه في هذه الحملة الجديدة.
كيف ستتأثر حملتك الانتخابية بالأعمال المشتركة التي تقوم بها مع ديفيد ليسنار (من حزب «الطاقة الجديدة») وهيرفي موران (من المعسكر الوسطي)؟
لقد تقاسمنا عملاً بالغ الأهمية في مجالات أساسية من الحياة في فرنسا. لكنّي أنوي من الآن فصاعداً أن أُكرّس نفسي بالكامل لهذه المعركة الجديدة في الانتخابات الأوروبّية. إنها لحظة جديدة في مسيرتي. أنا أحمل أفضل مشاعر الصداقة والتقدير لديفيد وهيرفي. أُريد أن أبني هذه الحملة معهما استناداً إلى خبرة من يُريدون أن ينهض البلد من الأزمات التي يمرّ بها، من رؤساء بلديات ومسؤولين محلّيين مُنتخَبين.
يُقال إنّ صمود حزب «الجمهوريين» يتوقف على نتيجة هذا الاستحقاق. أنت تتحمّل مسؤولية هائلة...
أنا أُدرك حجم هذه المسؤولية: لا يتعلّق الرهان الحقيقي بصمود الحزب، بل بمستقبل البلد وأوروبا. أنا أحمل قناعة راسخة وصادقة بأنّ هذه الانتخابات ستمنحنا الفرصة التي تسمح لمعسكر اليمين بالنهوض. إذا أطلقنا هذه الحملة ونحن نُركّز على تجنّب الكارثة، سنرتكب خطأً فادحاً: لم يسبق أن انتظر هذا العدد من الفرنسيين المشروع الذي سنُقدّمه لهم. أنا جاهز لهذه المعركة.