غادة حلاوي

حكومة بلا جدول أعمال دسم يُحرج الوزراء قبل غيرهم

9 تموز 2020

01 : 59

تطول لائحة القضايا العالقة والتي تحتاج الى البت سريعاً (دالاتي ونهرا)

بجدول أعمال أقل من عادي يعقد مجلس الوزراء جلسته الثانية هذا الاسبوع. تسعة عشر بنداً على جدول الأعمال تتوزع بين بنود مالية وأخرى وظيفية وما شابه، من دون ذكر أي بنود متصلة بأمور وقضايا مهمة كتعيينات أو إصلاحات بنيوية أو قرارات مالية. وتكمن المفارقة في ما ورد في سياق البند 18 لناحية عرض نائب رئيس الحكومة ووزيرة الدفاع زينة عكر لمسار التقدم في الإصلاحات الحكومية. كان الله في عون الوزيرة فعن أي إصلاحات ستسأل وعن أي مسار، وقلة من الوزراء لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة تعمل فيما الآخرون لم ندرِ بإنجازاتهم بعد. وينقل أحد المعنيين بالشأن الحكومي وجود ما يزيد على مئات القرارات يتجنّب الوزراء التوقيع عليها، إما خشية الوقوع بالخطأ او لعدم إلمامهم بالموضوع قيد المعالجة. ويصلح ليكون أشبه بجدول أعمال روتيني ليناقش في ظروف عادية، وليس في ظل انهيار مالي اقتصادي يحتاج الى قرارات اصلاحية جريئة يتوجب على رئيس الحكومة اتّخاذها اليوم قبل الغد.

شكّل جدول الاعمال هذا صدمة لبعض الوزراء قبل غيرهم ممن اعترضوا عليه، ووجدوا ان لا حاجة لانعقاد مثل هكذا جلسة من الاساس وفكروا جدياً بعدم المشاركة. المبرر الوحيد الذي قد يضعه رئيس الحكومة حسان دياب في الحسبان إظهار استقلاليته لجهة ترؤسه جلسة للحكومة في المقر الحكومي، بدل ان يقال ان كل الجلسات التي تعقد يترأسها رئيس الجمهورية في القصر الجمهوري. وإذا صح مثل هذا الاعتبار فالقضية هنا لا تقتصر على من يرأس الجلسة او تبيان حسان دياب حرصه على صلاحيات رئيس الحكومة السني. لم يعد المواطن في لبنان يلتفت لمكان انعقاد الجلسة او من يترأسها بقدر ما ينتظر خروجها بقرارات تلامس همومه اليومية. ولم يعد يلتمس عذر التأخير في المعالجات، فالمسألة لا ترتبط بعدد الجلسات التي تعقد في الاسبوع بقدر ما ترتبط بما تخرج به الجلسة.

وخلال الجلسة الماضية التي خرجت على الناس بـ"انجاز" تعيين مجلس ادارة للكهرباء، أرجئ البت بموضوع الهيئة الناظمة الى جلسة الثلثاء المقبل لحاجة الوزراء الى التعمق في دراسة الملف، فيما لا يزال ملف الشركة المرشحة للتدقيق المالي قيد الدرس للتأكد من عدم وجود صلة لها بإسرائيل.

تطول لائحة القضايا العالقة والتي تحتاج الى البت سريعاً. وأولاها وأهمها ورقة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي التي يتهددها الخطر طالما ان لبنان لم يلتزم بتعهداته ولم ينفّذ الإصلاحات المطلوبة منه، لا في السياسة ‏النقدية ولا في السياسة المالية ولا على مستوى مكافحة الفساد أو تنشيط الاقتصاد واستعادة الثقة. والعودة الى تقليب دفاتر الماضي بتحميل المسؤولية لمن باتوا خارج الحكم لم تعد مقبولة مع ملامسة سعر صرف الدولار 9000 ليرة، فيما ‏المصرف المركزي، الخاضع‏ مبدئياً للسلطة السياسية، لا يتحرك.

الانطباع الراسخ في ذهن الناس ان الحكومة وضعت خطة ماليّة عاجزة عن تنفيذها، فلا خطة الكهرباء وضعت قيد التنفيذ وساعات التقنين زادت، ومرسوم حماية الإنتاج الوطني الذي أقرّته الحكومة السابقة لا يزال عالقاً لدى المجلس الاعلى للجمارك، ويبدو انّه لم يأخذ صيغته التنفيذية الى الآن. ‏والحكومة عاجزة عن اعداد لائحة بموجودات وممتلكات الدولة وتخمين قيمتها، تمهيداً لوضعها في صندوق سيادي ائتماني. حتى البديهيات المؤجلة منذ سنوات خلت لم تقر ولم يُعَد النظر في مسارب الهدر المالي وايقافها. وفي ظل أزمة مالية معيشية واقتصادية حادة كالتي يمر بها لبنان، من مسؤولية مجلس النواب وواجباته ‏ان يعزز الأطر التشريعية التي توفر للناس شبكة الأمان الاجتماعي، لأنه أساس أي أمن آخر. أضف إلى كل هذا التفلت الأمني من خطف يحصل وسرقات والحكومة لم تتخذ إجراءات تطمئن الناس بعد.

مقيدة الحكومة ومطوقة داخلياً وخارجياً، واذا كان الطوق الخارجي معلوم الأسباب فإن الطوق الداخلي غير مبرر، ويحتاج الى دفع قوي لرئيس الحكومة كي يجتاز بحكومته الى بر الاصلاحات الحقيقية. غير أن المشكلة هي في التعاطي البطيء في معظم الأحيان، وكأننا في بلد طبيعي بظروفه ومشاكله حتى بات الموضوع يشكل إحراجاً لبعض الوزراء، ممن لا يجدون تفسيراً لطبيعة العمل الحكومي بهذا الشكل. يعتبر هؤلاء ان التعطيل مرده الى أسباب سياسية بالدرجة الاولى ورغم ذلك فلا مبرر للمراوحة أو قلة الانتاجية.


MISS 3