رواد مسلم

السعودية تتّجه نحو الصناعات الدفاعية المحلّية

7 شباط 2024

02 : 00

وزير الدفاع السعودي خلال افتتاحه «معرض الدفاع العالمي 2024» في الرياض الأحد الفائت (واس)

إنطلق في 4 شباط الحالي «معرض الدفاع العالمي 2024» بنسخته الثانية في الرياض، ويستمرّ لخمسة أيام، ويعدّ هذا المعرض الذي تُنظّمه الهيئة العامة للصناعات العسكرية في المملكة العربية السعودية، معرضاً متكاملاً يتمحور حول مستقبل صناعة الدفاع، ويستعرض أحدث التطوّرات التقنية التي توصّلت إليها 773 جهة عارضة من أكثر من 45 دولة مشاركة في المعرض من ضمنها الولايات المتحدة، روسيا والصين، وذلك عبر مختلف قطاعات الدفاع البرّية، البحرية، الجوية، الفضاء والأمن.

أطلقت السعودية في عام 2016 «رؤية 2030»، لتحديث الأمّة لتصبح «قوّة استثمارية عالمية» وتتضمّن الرؤية تجارة الدفاع أيضاً، ويعني ذلك جذب الاستثمارات الأجنبية وإقامة المزيد من الشراكات مع شركات الدفاع الأجنبية، والأهمّ من ذلك، تخصيص كمية كبيرة من الإنتاج المحلي للمواد الدفاعية، وبموجب هذه الرؤية، تأسّست الشركة السعودية للصناعات العسكرية أو «سامي» في عام 2017.

أهمّ الشراكات التي أُقيمت على هامش المعرض، هي الاتفاقات الموقّعة بين شركة «لوكهيد مارتن» الأميركية وشركتَين سعوديّتَين، لتصنيع أجزاء من نظام الدفاع الجوي البعيد المدى والمخصّص للارتفاعات العالية «ثاد»، الذي يُعتبر الأكثر تطوّراً، بحيث يُمكنه اعتراض الصواريخ البعيدة المدى التي تفوق 200 كلم، ومصمّم لاعتراض الصواريخ الباليستية العالية داخل الغلاف الجوي وخارجه، أي يُمكنه تخفيف آثار أسلحة الدمار الشامل قبل وصولها إلى الأرض، والمميّز في هذا النظام هو إمكانية تحريكه بسرعة لتجنّب استهدافه.

نشرت الولايات المتحدة نظام «ثاد» في كلّ أنحاء العالم، بما في ذلك جزيرة غوام، إسرائيل، كوريا الجنوبية واليابان. وفي عام 2017، وافقت السعودية على شراء نظام «ثاد» في صفقة يُعتقد أن قيمتها تصل إلى 15 مليار دولار. وكانت دولة الإمارات العربية المتحدة أوّل مستخدم أجنبي للنظام ودرّبت وحداتها عليه بين عامي 2015 و2016، وقد استخدمته الإمارات بنجاح عام 2022، لاعتراض صواريخ «ذو الفقار» الباليستية التي أطلقها الحوثيون، وفقاً لمعهد الأبحاث الدفاعي التابع للمعهد الملكي البريطاني للخدمات المتحدة.

ستتمكّن السعودية من خلال هذه الإتفاقية من إنتاج أقسام محدّدة من نظام «ثاد»، ومن تجميع كلّ الأقسام بعد استيرادها من المصانع الأميركية. وبالتالي تُمهّد هذه الإتفاقية الطريق لأوّل عميل دولي، لإنتاج أجزاء من نظام الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية محلّياً، بعد أن كانت الولايات المتحدة الوحيدة التي تُصنّع منظومة «ثاد».

إلى جانب الاتفاق مع شركة «لوكهيد مارتن»، أعلنت وزارة الاستثمار السعودية الإثنين والهيئة العامة للصناعات العسكرية، توقيع 11 اتفاقية شراكة مع القطاع الخاص، بما في ذلك شركة «برزان» القابضة القطرية، وشركة «إيرباص» للصناعات الفضائية والدفاعية لبيعها المزيد من طائرات الشحن العسكرية «أي 330». وأشارت الوزارة عبر منصة «أكس» إلى أنّ من بين شركات القطاع الخاص التي تمّ التوقيع معها أيضاً، شركة «ليوناردو» الإيطالية التي تعمل في مجال الفضاء والدفاع والأمن، و»بي أم سي» الأميركية لتكنولوجيا المعلومات و»روكيتسان» التركية لتصنيع الأسلحة، ولم يفصح المنشور عن قيمة هذه الاتفاقات أو إطارها الزمني.

وكشفت شركة «ميلكور» الجنوب أفريقية أنها حصلت على موافقة للتجميع والتصنيع الكامل للمسيّرة «يو سي أي في 380» التي تعمل على تطويرها في السعودية، حيث تتطلّع إلى استكمال المناقشات مع الرياض في شأن طلب مؤكد للمسيّرة، التي تعتبر مميّزة في القتال إذ يُمكنها القيام بأدوار مختلفة، من الهجوم إلى المهام الاستخباراتية والمراقبة والاستطلاع.

وهذه المسيّرة مزوّدة بأحدث الرادارات والحسّاسات، كرادار الفتحة الاصطناعية الأمامي، ورادار الفتحة الاصطناعية العكسية، ويمكنها تشغيل كاميرا «ويسكام أم أكس 15» التي تستطيع توجيه قنابل المدافع الأرضية، والصواريخ أو القنابل الموجّهة من المقاتلات، كما يُمكنها حمل 400 كلغ من الصواريخ أو القنابل الذكية الموجّهة تحت جسم الطائرة و230 كلغ تحت كلّ جناح. وفي المعرض الحالي، جُهّزت بقنبلة انزلاقية من طراز «طارق أكس» التي تُعادل القنابل الموجّهة الأميركية «أم كي 81 و82»، وتحمل الطائرة أيضاً أسلحة من طراز «ديزرت سنينغ 25» تحت جناحها، ويُمكن تسليحها بقاذفات صواريخ «تاليز أف زي 602».

يبدو أنّ السعودية تهتمّ بالصناعات الدفاعية حسب «رؤية 2030»، بعد عقود من الاستيراد المكلف، والآن هي تمتلك واحدة من أكبر موازنات الدفاع في العالم، ففي عام 2023 أنفقت 69 مليار دولار على الصناعة الدفاعية، أي ما يقارب 23 في المئة من إجمالي موازنة المملكة. وبذلك، تُحصّن الرياض قدراتها الدفاعية بشكل مستدام.

MISS 3