يترنّح «اتفاق الهدنة» على «حافة الهاوية» من دون أن يتلقّى «ضربة قاضية» حتّى اللحظة، فيما تُواصل إسرائيل عمليّاتها البرية وضرباتها الجوية في قطاع غزة الذي يقف على شفير مجاعة مميتة. وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس أن الاستعدادات جارية لاجتياح رفح، موضحاً أن هذا التحرّك «سيستغرق بعض الوقت».
وحسم نتنياهو أنه سيوافق قريباً على خطّة لإجلاء المدنيين من رفح تمهيداً لإطلاق العملية العسكرية هناك، بينما كشف القيادي في «حماس» أسامة حمدان أن الردّ الإسرائيلي على مقترح الحركة في شأن الهدنة التي يُتفاوض حولها في الدوحة، جاء «سلبيّاً بشكل عام»، معتبراً أن «تراجُع الاحتلال عن موافقات قدّمها للوسطاء سابقاً إمعاناً في المماطلة، قد يوصل المفاوضات إلى طريق مسدود».
وتزامنت تصريحات حمدان مع وصول وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى مدينة جدّة، في إطار جولة إقليمية ستشمل إسرائيل لمناقشة جهود التوصّل إلى اتفاق لوقف النار في غزة. واستقبل وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بلينكن في جدّة، حيث جرى بحث تطوّرات الأوضاع في القطاع، وتحديداً في مدينة رفح، وأهمّية الوقف الفوري لإطلاق النار، بالإضافة إلى مناقشة بذل كلّ الجهود لضمان إدخال المساعدات الإنسانية الملحّة، وفق وكالة «واس».
وذكرت الخارجية الأميركية أن الوزيرَين «ناقشا الحاجة المُلحّة لحماية جميع المدنيين في غزة، وزيادة المساعدات الإنسانية على الفور للمحتاجين»، موضحةً أن بلينكن «شدّد على أهمية استمرار التنسيق الوثيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين في شأن حلّ النزاع في غزة والتحضير لمرحلة ما بعد الحرب».
ومن المرتقب أن يُجري بلينكن محادثات مع وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان الذي التقاه مرّات عدّة منذ بدء حرب غزة. ومن المقرّر أن يزور بلينكن اليوم مصر التي تقود، مع الولايات المتحدة وقطر، جهود الوساطة لإرساء هدنة، حيث سيجتمع مع وزراء خارجية عرب، ليتّجه الجمعة إلى إسرائيل التي لم تكن في البداية على جدول أعمال جولته الإقليمية التي تترافق مع توتر متصاعد في العلاقة بين الرئيس الأميركي جو بايدن ونتنياهو.
وفي أوّل زيارة رسمية له منذ اندلاع حرب غزة، يتوجّه وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إلى واشنطن الأسبوع المقبل، بناءً على دعوة نظيره الأميركي لويد أوستن. وأوضح مكتب الوزير الإسرائيلي أن غالانت سيجتمع مع أوستن في البنتاغون للبحث في تطوّرات الحرب في غزة و»مجالات التعاون العسكري الثنائي والقضايا الإنسانية».
وأوضح مسؤول في البنتاغون أن زيارة غالانت «منفصلة عن الاجتماع الذي أُعلن عنه الثلثاء بعد مكالمة هاتفية» بين بايدن ونتنياهو «الذي وافق خلالها على إرسال فريق رفيع المستوى يضمّ عسكريين ومسؤولين استخباراتيين وعن المساعدات إلى واشنطن».
توازياً، دعا أكثر من ثلث أعضاء مجلس الشيوخ الديموقراطيين إدارة بايدن إلى اتخاذ «خطوة جريئة» نحو إقامة دولة فلسطينية على كلّ من الضفة الغربية وقطاع غزة. وقال 19 سيناتوراً ديموقراطيّاً يتقدّمهم توم كاربر، حليف بايدن ومن ولاية ديلاوير، مسقط رأس الرئيس، في الرسالة، إنّ أزمة الشرق الأوسط «بلغت نقطة انعطاف» تتطلّب قيادة أميركية تتجاوز «تسهيل» محادثات إسرائيلية - فلسطينية. ودعوا إلى «مبادرة سلام إقليمية» تكفل اندماجاً لإسرائيل.
في المقابل، كشف رئيس مجلس النواب مايك جونسون، أعلى زعيم جمهوري مُنتخب في أميركا، أنه تحدّث مع نتنياهو مطوّلاً أمس، وعبّر عن «رفضه الشديد» لخطاب زعيم الغالبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر الذي كان قد دعا إلى إجراء انتخابات جديدة في الدولة العبرية.
ميدانيّاً، زعم الجيش الإسرائيلي أنّه قتل نحو 90 مسلّحاً واعتقل 160 خلال مداهمته مجمّع الشفاء الطبي في غزة، فيما ذكرت السلطة الفلسطينية أن 3 فلسطينيين قُتلوا جرّاء قصف إسرائيلي على سيارة كانوا يستقلّونها في جنين في الضفة الغربية، حيث أكد الجيش الإسرائيلي «القضاء» على عضوَين بارزَين في حركة «الجهاد الإسلامي» وإصابة شخصَين آخرَين.
إنسانيّاً، قدّمت السعودية مساعدة بقيمة 40 مليون دولار لوكالة «الأونروا». وأوضح «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية» في بيان أن هذه المساعدة تهدف إلى «دعم جهود الإغاثة الإنسانية التي تقوم بها الوكالة في قطاع غزة»، مشيراً إلى أنّها «توفّر الغذاء لأكثر من 250 ألف شخص وخيم لـ20 ألف أسرة».
وكان لافتاً قرار كندا وقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، ما أثار غضب الدولة العبرية وعلّق وزير خارجيّتها يسرائيل كاتس عليه بالقول إنّه «يُقوّض حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها في وجه إرهابيي حماس»، بينما استدعت الخارجية الألمانية القائم بالأعمال الإيراني في أعقاب صدور حكم خلص إلى أنه تمّ التخطيط لحرق كنيس يهودي في بوخوم (غرب) في عام 2022 بمساعدة أجهزة الدولة الإيرانية.