عماد موسى

مارك ضو: حكي لايت

9 شباط 2024

02 : 00

أمامي فيديو يظهر فيه النائب الشاب مارك ضو ( 44 سنة) مرتدياً قميصاً أزرق ومتحدثاً بحيوية لافتة في ندوة انعقدت في الجامعة الأميركية في بيروت يوم الإثنين (5 شباط) بعنوان: لبنان في قرنه الثاني: رؤية مستقبلية. وضو، ممن يتمتعون بصدقية ومعرفة ويتابعون الملفات ويراقبون العمل التشريعي ويشتغلون كما يفترض بالنائب أن يشتغل.

ضو نفسه شطح وطلع بمقاربات غريبة عجيبة أمام طلّاب جامعيين يتمتعون بقدر من الوعي. تحدث النائب، في ندوة أجهلُ مضامينها ومحاورها، عن النزوح السوري رداً على سؤال على الأرجح، فقال: «اللبنانيين ما بدن يجيبوا ولاد. وفي دولة بدها تكبر وبدها تشتغل، الجواب تجوّز هلّأ وجيب ولاد أو نحن بدنا نتقبل أننا متلنا متل كل أوروبا اللي عم تفوت ناس من كل المحلات لإنو ما عم يجيبوا ولاد. متلنا متل الخليج اللي قلّع إقتصادياً من كل المحلّات (الأماكن)».

أي عقل، مهما كان منفتحاً أو منغلقاً أو بنصف فتحة يمكنه أخذ هذا الكلام بجديّة؟ على الصعيد الشخصي أشعرني سعادة النائب أنني مقصر، رُزقت بثلاثة أولاد فقط واكتفيت. وعلى الصعيد الوطني، أشعرني سعادته أن لبنان يعاني نفس مشكلة كندا: الحاجة إلى مواطنين وأصحاب اختصاص. تجاهل نائب الجبل الأشم أن ألمانيا وفرنسا وبريطانيا ودبي تستقبل من تستقبل «على الطبلية» ووفق متطلبات العمل والإستثمار لديها، كما أن حدودها غير مستباحة كما حال حدودنا. حتى التضامن الإنساني في أعلى درجاته في أوروبا يُخضِع طالبي اللجوء لمعايير وإجراءات محددة وإلّا لنقلت إدلب كلّها إلى الدائرة الخامسة في باريس، ونقل سوق الحميدية إلى ميونيخ.

ويستطرد النائب بسؤال لدعم نظرياته: «لو إجانا مليونين سويدي كانت ردة فعلنا نفس الشي؟ كنا إلنا أكلونا»، في سؤال ضو تلميح إلى الروح العنصرية المتأصلة في نفوس اللبنانيين الجَهلة. أعطى مثلاً خيالياً لأن لا أطماع للسويديين في لبنان أو في أرض جيرانهم (لا بوعيهم ولا بلاوعيهم). لنفترض أنهم فارون من حكم كارل السادس عشر، سيجدون حتماً بلداً أقرب إليهم من لبنان يحتمون فيه من بلطجة البعث السويدي.

ورأى ضو أن «المشكلة ليست في الأعداد مشكلتنا الأساسية إذا في عنا دولة تحميلنا حقوقنا». مليونا نازح في بلد من الأعلى كثافة سكانية في العالم مشكلة عابرة، قياساً بمشكلة وجود الدولة حامية الحقوق. لو وجدت هذه الدولة سعادة النائب لما كان الإخوة السوريون يسرحون ويمرحون ويمارسون حقوقهم في كل استحقاق دستوري. المشكلة في الأعداد الرهيبة تقابلها مشكلة في الدولة الرهينة.

ما سمعناه من النائب المحاضر لا يمكن هضمه مع أنه لايت. عسى أن يعيد النظر والتفكير واللجوء مستقبلاً إلى أسانيد تدعم نظرياته الإنجابية.

MISS 3