حوت غامض يطوّر شكلاً من التقاليد الثقافية

02 : 00

شاهد العلماء مجموعة من حيتان «بيرد» المنقارية وهي تمرح في مياه ضحلة، في محيط جزر «كوماندر»، على الحدود بين المحيط الهادئ وبحر «بيرنغ». تُعتبر تلك الحيتان من الأجناس التي تتواجد في عمق البحار.

لكن بين العامين 2008 و2019، شاهد فريق بحثي من جامعة جنوب الدنمارك عدداً من الحيتان التي تظهر كل سنة في مياه أقل عمقاً من 300 متر.

بدأ الباحثون يتنبهون إلى هذه الظاهرة، فوثقوا مكان ظهور الحيتان وعددها ونزعتها إلى العودة كل سنة، وراقبوا ما مجموعه 186 حوتاً فردياً طوال 12 سنة.

كان بعضها يظهر ويرحل بشكلٍ متقطع، لكن شوهد 61 حوتاً وهي تتفاعل مع الجماعة المقيمة في تلك المنطقة، وتواجدت سبعة حيتان في مياه ضحلة تُعتبر غريبة عن هذه الفصيلة. يظن العلماء أن هذا السلوك يشير إلى تطوير تقاليد ثقافية.

يفترض الباحثون أن الحيتان العابرة تتعلّم منافع ذلك الموقع عبر مراقبة الجماعات المقيمة هناك، والتفاعل معها، والتكيّف مع ظروفها. يظهر هذا النوع من المشاركة الثقافية أيضاً لدى حيوانات مثل الحيتان القاتلة التي ظهرت بدورها وهي تشارك في شكل من التفاعلات الاجتماعية.

على صعيد آخر، تتقاسم الحيتان القاتلة، والدلافين، وأنواع أخرى من الحيتانيات، تقنيات صيد مشتركة لاستهداف فرائس مختلفة مثلاً. هي تجد طريقة جديدة للقيام بنشاط معيّن أو تأمين الغذاء، فيراقبها أفراد آخرون ينسخون سلوكها إلى أن يصبح هذا التصرف مشتركاً ضمن المجموعة الواحدة. سرعان ما يصبح هذا السلوك تقليداً ثقافياً. إنها المرة الأولى التي يرصد فيها العلماء تقاليد من هذا النوع وسط الحيتان المنقارية.

قد لا تكون السلوكيات الثقافية المعقدة لدى الحيتانيات ظاهرة مفاجئة، لكنها تثبت أن توقّع سلوك هذه الحيوانات ليس سهلاً بقدر ما كنا نظن. قد يؤثر هذا الاستنتاج على محاولات حمايتها في هذا العالم الذي يشهد تغيرات سريعة وجذرية.

تعني هذه النتائج أن أحداً لا يستطيع توقّع سلوكيات متشابهة ضمن الفصيلة نفسها، ويُصعّب هذا الجانب الخطط الرامية إلى حماية الحيوانات. تبيّن هذه المرة أن الحيتان المنقارية تعيش في مياه ضحلة وساحلية، وقد تتواجد أيضاً في موائل مختلفة لا نعرفها بعد.

MISS 3