رواد مسلم

أستراليا تُطوّر قدراتها البحرية وتُعزّز "الردع الأميركي"

24 شباط 2024

02 : 01

بحّارة أستراليون يقفون أمام مدمّرة في سيدني الثلثاء الفائت (أ ف ب)

أعلنت أستراليا الثلثاء الفائت عن الخطّة التي ستتّبعها لبناء أكبر أسطول بحري منذ إنتهاء الحرب العالمية الثانية، وذلك ضمن الخطوات التي تنتهجها الحكومة لمواجهة سباق التسلّح المتسارع في المحيطين الهندي والهادئ، ولردع الزيادة الهائلة في القوّة النارية البحرية لدى الصين وروسيا في الأعوام الأخيرة، ووسط مواجهة متزايدة بين حلفاء واشنطن وحكومات استبدادية.

تخصّص أستراليا أكثر من 35 مليار دولار للمشاريع الدفاعية على مدى السنوات العشر المقبلة، حسب شبكة «سي أن أن» الأميركية، ولديها تحالفات دفاعية طويلة الأمد مع عدّة دول كبرى، أهمّها تحالف «أوكوس» العسكري مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة المُعلن في 15 أيلول 2021، والذي منحها إمكانية الوصول إلى التكنولوجيا البريطانية والأميركية للحصول على أسطول من الغواصات الجديدة التي تعمل بالطاقة النووية، لكن بأسلحة تقليدية غير نووية. ومن المتوقّع أن تطلق كانبيرا الغواصات الثلاث الأولى من طراز «فيرجينيا» بحلول عام 2030.

تتضمّن خطّة تعزيز الأسطول الأسترالي المؤلّف حالياً من 14 سفينة حربية، رفع عددها لتُصبح 26 بزيادة 7 مليارات دولار للموازنة الدفاعية، وتنقسم بين 6 فرقاطات جديدة من طراز «هانتر» مزوّدة بأنظمة مضادّة للغواصات والتي من المتوقّع إطلاق أوّل دفعة منها في عام 2032، و6 سفن حربية مسيّرة جديدة التي سيكون لكلّ منها 32 خلية نظام إطلاق عمودي للصواريخ «في أل أس». وقد وافقت الحكومة أيضاً على إمتلاك 25 سفينة حربية صغيرة، للمساهمة في عمليات الأمن البحري المدني، تشمل 6 سفن من طراز «أرافورا» للقيام بالدوريات، و19 زورق دوريات من طراز «أيفولفد كيب».

كما ستعمل على استبدال وتطوير أسطولها الحالي المؤلّف من 11 فرقاطة لأغراض عامة كالحراسة والمراقبة، والنقل والدفاع الجوّي من طراز «أنزاك» و»شوول» و»كانبيرا»، فضلاً عن تطوير 3 مدمّرات من طراز «هوبارت»، حيث تعمل على ترقية أنظمة الدفاع الجوّي فيها وتسليحها بصواريخ «كروز» طويلة المدى من طراز «توماهوك»، التي يمكن إطلاقها من غواصات «فرجينيا» أو السفن السطحية وتستخدم ضدّ أهداف بحرية أو أرضية.

بموجب الخطة الجديدة، قلّصت أستراليا عدد الفرقاطات «هانتر» المحلّية الصنع إلى 6 بعد أن قرّرت مسبقاً بناء 9 منها. وقد اختارت الحكومة الأسترالية هذا التصميم في عام 2018 وأوكلت شركة «بي أي إي سيستمز أستراليا» لإنتاجها، والتي تقوم حاليّاً باستكمال النماذج الأولية في حوض بناء السفن المصمّم خصيصاً في أوسبورن جنوب أستراليا.

الفرقاطة «هانتر» مزوّدة بنظامي الإطلاق العامودي «أم كي 41» و»أم كي 57» المخصّصين للدفاع الجوي، ومكوّنين من 96 خلية قادرة على إطلاق نوعين من الذخائر المتوسطة المدى، صواريخ « آر أي أم 66» وصواريخ «سي سبيرو آر أي أم 162» المضادة للطائرات والسفن. كما أنّها مزوّدة بصواريخ «كانيستر» المضادة للسفن، و»توربيدو أم يو 90» المضاد للغواصات، وأسلحة دفاعية، فضلاً عن وجود طوافة «أم أتش 60 سي هوك» على متنها، قادرة على إطلاق «توربيدو» عدد إثنين، و4 صواريخ «هيلفاير أي جي أم 114» المضادة للسفن والأهداف الأرضية، إضافةً إلى أسلحة رشاشة دفاعية.

هذا التسلّح يظهر سعي أستراليا إلى مواجهة نفوذ الصين العسكري في جنوب المحيط الهادئ، حيث أنشأت الأخيرة العديد من الجزر الإصطناعية خارج مياهها الإقليمية لاستخدامها كقواعد عسكرية. كما زادت بكين قدراتها البحرية من 216 سفينة حربية في عام 2005 إلى 351 سفينة في عام 2022، ما يجعلها أكبر بنحو 60 سفينة من البحرية الأميركية، فضلاً عن تسارع عملية التحديث النووي بعد زيادة عدد الرؤوس الحربية النووية من 300 إلى 500 رأس.

لدى بكين طموحات لإنشاء مجال معزّز لنفوذها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وأن تصبح القوّة الرائدة على الساحة الدولية من خلال إتباع سياسات خارجية وديبلوماسية تجعلها تطرح نفسها كبديل للولايات المتحدة لقيادة العالم. ولتنفيذ رؤيتها الاستراتيجية الجديدة، بدأت الصين برنامج تحديث عسكري طويل الأمد في أواخر التسعينات، مع التركيز بشكل خاص على القدرات الجوية والبحرية. فكان هذا تغييراً عن الاستراتيجية العسكرية السابقة للصين، والتي كانت ترتكز على القوات البرية، وقد برز أداؤها الضعيف في حرب الحدود مع فيتنام عام 1979 حيث لم تتمكّن من ممارسة نفوذها بالقرب من حدودها.

ونتيجة لذلك، حدّدت إدارة بايدن في استراتيجية الأمن القومي لعام 2018 أنّ «جمهورية الصين الشعبية هي المنافس العالمي الرئيسي للولايات المتحدة، والمنافس الوحيد الذي لديه نية إعادة تشكيل النظام الدولي، وعلى نحو متزايد، الاقتصاد، القوة الديبلوماسية والعسكرية والتكنولوجية للقيام بذلك».

تحتاج الولايات المتحدة إلى حليف يتمتّع بقوّة إقليمية كبيرة ومتنامية، في وقت يمكن أن تصل فيه الصواريخ الصينية إلى قواعدها الأمامية في غوام واليابان والفيليبين. فأستراليا دولة ديموقراطية قويّة ولديها قوّات مسلّحة عالية الجودة وموقع جغرافي استراتيجي، لكنّها لا تمتلك قدرات بحرية تُمكّنها من مواجهة الحرب البحرية المحتملة ضدّ الصين وحيدةً. لذلك تسعى الولايات المتحدة إلى تحفيز أستراليا على زيادة هذه القدرات لمواجهة الخطر الصيني، وبالتالي زيادة قدراتها وقوّة ردعها في شكل غير مباشر في منطقة المحيطين الهندي والهادئ عبر الشراكات العسكرية.

MISS 3