جولي مراد

أخطر من الإلغاء: صمتُ الثقافة!

5 آب 2019

10 : 00

سواء كنت تصفّق لإلغاء الفرقة الهولندية Within Temptation أمسيتها المقرّرة في 6 آب ضمن "مهرجانات بيبلوس الدولية" تضامناً مع "مشروع ليلى" لأنك لا تستسيغ فنّ "الجماجم" الهابط والهجين، أو كنت تستاء للأمر ذوداً عن حقّ المرء في الاختيار والتعبير، فلا تستطيع إنكار حقيقةٍ بانت بوضوح الشمس: ساحتك الثقافية لا تقلّ ضياعاً عن نظيرتها السياسية.

هنا أيضاً لن تجد رباناً يقودك الى برّ هانئ. ولعلّ الواقع هنا أتعس. فلا صوت رسمياً يعلو مدافعاً أو شاجباً أو مؤيداً. صمتٌ مطبق يشرّع بلدك لانتقاداتٍ من منظمات دولية لحقوق الانسان، وصولاً الى مقالاتٍ أجنبية تشوّه صورته "المنفتحة" في محيطٍ من البلدان المتشدّدة فكرياً وثقافياً. صمتٌ أولاً من وزير الثقافة، المنتمي الى بيئة ترتضي أساساً منع بيع الكحول في مناطق بلونٍ معيّن. لا تسمع للرجل حساً لا سلباً ولا ايجاباً. والسكون المدوّي نفسه من جهة الحركة الثقافية في انطلياس، ومن دوائر وهيئات ثقافية أخرى يفترض أن تشكل رافعةً ثقافية في بلد الحرف والتمدّن. عرّت "طبلة النبطية" و"مشروع ليلى" أرضية لبنان ثقافياً، فبدت الأوساط كلّها، السياسية والثقافية على حدّ سواء كـ"طبلةٍ" مثقوبة، من "لجنة مهرجانات بيبلوس" الى الهيئات الثقافية المختلفة، الى نواب جبيل وكسروان، الذين كان من المفترض ان يذودوا عن الحريات أكثر من غيرهم لأسباب يدركها الجميع. موقف هؤلاء جميعاً إما غائبٌ مرتضٍ، أو متخاذلٌ رعديد أمام ترهيب جحافل "الرب" و"غيارى الدين"، أو حتى عند البعض انتهازيّ منطلق من حساباتٍ سياسية ضيّقة.

لم يهبّ أحدٌ لانقاذ "ليلى" من براثن الذئب. حتى "والدها" وصل الى ساحة الجريمة متأخراً، وإن رفع لاحقاً دعوى قضائية يطالب فيها بدم ابنته المهدور. لن "أسكت" راح يردّد بصوتٍ خافت. استيقظ قاطنو الغابة على واقع مرير: لا أمان في ربوعها، والذئب ما زال حراً طليقاً يتربّص فريسته المقبلة.