إبطال التوقيف الإداري لهيئة الأسواق المالية

02 : 00

قرّر مجلس شورى الدولة بالإجماع وقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما من قبل وليد خليل قادري ونادين جورج عبد النور وريتا جوزف حوراني وتاتيانا طوني ثابت ورومي ريشار الحلو ورولا روبير واكد وفكتوريا ميشال المعلم ونادين كريم صوما وغراسيا بشارة بولس وعماد أحمد منصور، والذين تقدموا بواسطة الوكيل القانوني (المحامي باسكال ضاهر) بمراجعة لدى المجلس بتاريخ 2024/1/24 وطلبوا بموجبها وقف تنفيذ وإبطال القرارين الصادرين عن رئيس هيئة الأسواق المالية المتعلقين بالتوقف الاداري المؤقت لهيئة الأسواق المالية، وكل ما هو متصل بهما و/أو متلازم معهما، وبالتالي قبول المراجعة شكلاً وأساساً، وأخيراً تضمين الجهة المستدعى بوجهها رسوم ومصاريف المحاكمة.

وتم تكليف الجهة المستدعى بوجهها، في سياق جوابها على أساس المراجعة، ابراز الطلب المرفوع من رئيس هيئة الأسواق المالية الى مجلس الوزراء من أجل الموافقة على تأمين التمويل لتغطية موازنة النفقات التشغيلية المرتقبة لهيئة الأسواق المالية والمقرة من قبل مجلس الهيئة والمستندات المرفقة المؤيدة لهذا الطلب، كما والافادة ما اذا كانت قد أنجزت قطع الحساب عن السنة المالية 2023 مع إبراز المستندات المؤيدة لذلك، وتقديم كل ما من شأنه إدارة القضية.

وفي ما يلي نص القرار كاملاً:

الجهة المستدعية

وبما أن الجهة المستدعية تدلي تأييداً لمطالبها بما يلي:

- أنه بتاريخ 2011/8/17 أنشأت السلطة التشريعية هيئة الأسواق المالية بموجب القانون رقم 161 الذي منحها الشخصية المعنوية المستقلة واعتبرها من أشخاص القانون العام وحجب عنها الخضوع لقواعد الادارة وتسيير الأعمال والرقابات التي تخضع لها مؤسسات القطاع العام، وقد حددت المادة 5 من القانون المهام الجوهرية لهذه الهيئة، بحيث تعنى «هيئة الأسواق» بالمحافظة على سلامة الادخار الموظف في الأدوات المالية وبتشجيع الأسواق المالية في لبنان بالتنسيق بين مختلف القطاعات المعنية.

أنه بالرغم من أهمية هذه الهيئة ودورها في نظام الأسواق المالية وعلاقتها مع الهيئات الدولية المماثلة وصندوق النقد الدولي، أصدر رئيسها القرار المطعون فيه المتضمن وقف أعمالها وملزماً بفسخ عقود الهيئة مع المستخدمين معها معتبراً اياهم مستقيلين حكماً.

أن المراجعة واردة ضمن مهلة الشهرين القانونية، وأن الجهة المستدعية تتشكل من عضو مجلس هيئة الأسواق المالية ومن الأمين العام للهيئة والمستخدمين فيها، حيث أن القرار المطعون فيه يعنيهم بالذات، ما يوليهم الصفة والمصلحة للتقدم بالمراجعة الراهنة لحماية أموالها. وأن القرارين المطعون فيهما هما قراران اداريان تنظيميان يتمتعان بقوة النفاذ، وهما يخضعان لأحكام المادة 13 من القانون رقم 2011/161.

أسباب الطعن

أنه يقتضي إبطال القرارين التنظيميين المطعون فيهما للأسباب التالية: لمخالفتهما أحكام المادة 57 من نظام مجلس شورى الدولة التي توجب استشارة مجلس شورى الدولة قبل اصدار القرار التنظيمي..

لصدورهما عن مرجع غير مختص، ذلك أن القرارين موضوع الطعن قد أوقفا تشغيل المرفق العام المنشأ بقانون أصدرته السلطة التشريعية تمهيداً لتصفيته كما هو واضح من مندرجات القرار الذي حدد تاريخ 2024/1/31 موعداً لانهاء مهام اللجنة المكلفة بتصفية الهيئة ووقف أعمالها. اذ أن أحكام المادتين 10 و 11 من القانون رقم 2022/161 اللتين حددنا نطاق اختصاص وسلطة رئيس المجلس والمجلس، لم توليا المجلس أو رئيسه أية صلاحية لوقف عمل الهيئة ولو مؤقتاً، بحيث يعتبر القراران المطعون فيهما من قبيل القرارات الرامية إلى اغتصاب صلاحيات السلطة التشريعية، وبالتالي من عداد القرارات منعدمة الوجود.

لتعديهما بشكل واضح على مبدأ استمرارية المرافق العامة، لا سيما وأن المادة الرابعة من القانون رقم 2011/161 قد اعتبر بصريح العبارة «أن هيئة الأسواق المالية هي شخص معنوي من أشخاص القانون العام»، الأمر الذي يفيد بعدم جواز وقف أعمالها بقرار اداري سواء أكان بشكل دائم أو مؤقت.

لانتفاء صحة السبب المحدد في متنهما، ولمخالفتهما القانون لا سيما المادة 26 من القانون رقم 2011/161 والمادة 3 من النظام المالي المرعي الاجراء لهيئة الأسواق المالية، ذلك أنه يتبين من مندرجات القرار المطعون فيه، أن مجلس هيئة الأسواق المالية اتخذ القرار «نظراً لعدم موافقة الحكومة على تأمين اللازم لتغطية موازنة النفقات التشغيلية المرتقبة لهيئة الأسواق المالية....، في حين أنه يتضح من نص المادة 26 من قانون الهيئة والذي حدد مواردها المالية، أن الدولة تعنى فقط وحين تأسيس الهيئة بأن تؤمن لها مساهمة مالية من الموازنة العامة تخصص لمرة واحدة فقط، وبالتالي فهي غير مطالبة بأي تمويل لاحق للتأسيس بغية تأمین استمرار عمل الهيئة، خاصة وأن الموارد المالية للهيئة متعددة ومتنوعة وفق المادة 3 من النظام المالي. وأنه يضاف الى ما تقدم، أن هيئة الأسواق المالية تحوز الأموال الكافية التي تغطي كامل تكاليفها التشغيلية، وأنه بالرغم من اطلاع المجلس ورئيسه على حقيقة حيازة الهيئة للأموال الا أنه قرر المضي قدماً بالقرارين المطعون فيهما وحتى دون وجود موازنة.

أنه يقتضي تقرير وقف التنفيذ سنداً لأحكام المادة 77 من نظام مجلس شورى الدولة، بسبب الضرر الأكيد الذي يلحق بالشخص المعنوي كما بالجهة المستدعية، ولاعادة الأمور إلى نصابها القانوني.

طلب مضاد

وبما أنه بتاريخ 2024/2/13 تقدمت المستدعى بوجهها - هيئة الأسواق المالية - بلائحة جوابية طلبت بموجبها رد طلب وقف التنفيذ ورد المراجعة شكلاً والا أساساً وتضمين الجهة المستدعية الرسوم والمصاريف كافة، وهي أدلت بما يلي:

أن المادة 77 من نظام مجلس شورى الدولة نصت على امكانية وليس على موجب وقف التنفيذ. حتى في حال كانت شروطه متوافرة، وأن القاضي الناظر في طلب وقف التنفيذ يلتفت خصوصاً الى الصالح العام والى مدى تأثير وقف التنفيذ على النزاع.




وسيم منصوري



أن موارد الهيئة اقتصرت منذ بدء عملها وحتى اليوم على الرسوم والبدلات المفروضة على التراخيص والطلبات وهي موارد لا تكفي لتغطية النفقات التشغيلية وتأمين رواتب وأجور العاملين فيها. ومرد ذلك أن المورد الأساسي لتمويل هذه الهيئة الادارية الناظمة المستقلة هي الغرامات المنصوص عليها في البند 8 من المادة 26 من القانون رقم 161، علماً أن هذه الغرامات تفرض من قبل لجنة العقوبات المنصوص عليها في المادة 16 وما يليها من القانون، وذلك تحت مراقبة المحكمة الخاصة بالأسواق المالية المنصوص عليها في المادة 21 وما يليها من القانون، في حين أن مرسومي تشكيل كل من المحكمة واللجنة لم يصدر حتى تاريخه، مما اضطر هيئة الأسواق المالية الى التوجه الى مجلس الوزراء بغية تأمين التمويل اللازم. وأنه تبعاً لرفض مجلس الوزراء طلبها، أصبح لزاماً على مجلس ادارة الهيئة أن يتخذ القرار رقم 2023/11/1 بالتوقف الاداري المؤقت اعتباراً من 2024/1/31، وأن هذا القرار اتخذ في ظل ظروف مالية واقتصادية استثنائية لم تعرفها البلاد من قبل وهي ظروف تشكل بالنسبة للهيئة قوة قاهرة مكتملة عناصرها كافة.

أن النزاع الحاضر يدور حول انهاء خدمات المستخدمين والتعويضات التي قد تستحق لهم، فهو لذلك يخرج عن الاختصاص الوظيفي لمجلس شورى الدولة ويعود النظر فيه للمحاكم العدلية ذات الاختصاص.

أن الظروف الاستثنائية والقوة القاهرة أملت على المستدعى بوجهها اتخاذ الاجراء العاجل المطعور فيه، بحيث لا يمكن أن يؤخذ عليها اغفالها لمعاملة جوهرية منصوص عليها في المادة 57 من نظام مجلس شورى الدولة. أن القرارين المطعون فيهما لم يلغيا هيئة الأسواق المالية بل تضمنا توقيفاً ادارياً مؤقتاً بانتظار تأمين تمويل للهيئة المذكور، بحيث يُردّ التعدي المزعوم على صلاحية المشترع، علماً أن صدور قرار اداري في مادة هي من اختصاص المشترع يعتبر في حال تحققه، عيب عدم اختصاص مادي أو موضوعي... أن التذرع بمخالفة مزعومة لمبدأ استمرارية المرفق العام ليس في محله، وذلك لأن المستدعى بوجهها، وهي هيئة ناظمة ورقابية لم تكن تمارس فعلياً هاتين الوظيفتين بغياب كل من لجنة العقوبات والمحكمة الخاصة اللتين تضطلعان بمهام أساسية ان لجهة انتظام السوق أم لجهة الرقابة عليه. هذا فضلاً عن أن مبدأ استمرارية المرفق العام يجب أن يكون متوائماً مع مبدأ آخر الا وهو حماية المال العام وعدم هدر مبالغ طائلة على شخص عام لم يتمكن من ممارسة مهامه الأساسية. أنه بعد أن رفض مجلس الوزراء التمويل لم يعد أمام الهيئة سوى اتخاذ القرارين المطعون فيهما وقفاً لهدر المال العام دون طائل، وأن ما تدعيه الجهة المستدعية حول وجود أموال لدى الهيئة تكفي نفقات التشغيل، فهو يحتاج الى تدقيق من خبراء مختصين.

- أن المستدعى بوجهها لم تتعد على حرية المستخدم بل حفظت له حقوقه وإمكانية طلب استيداعه وامكانية عودته الى العمل. وأنه لا توجد في القضية الحاضرة أي عقوبة مقنعة...

أن رئيس الهيئة (حاكم مصرف لبنان أو نائبه بالانابة) هو سلطة تابعة للهيئة وليس لمصرف لبنان، كي تطبق عليه المواد الواردة في قانون النقد والتسليف. وبما أن المستشار المقرر وضع تقريره بتاريخ 2024/2/15، كما أعطى مفوض الحكومة مطالعته بتاريخ 2024/2/20 على ما تقدم، في طلب وقف التنفيذ:

بما أن الجهة المستدعية تطلب وقف تنفيذ القرارين الصادرين المتضمنين قرار مجلس الهيئة المتعلق بالتوقف الاداري المؤقت لهيئة الأسواق المالية وبالزام المستخدمين لغاية تاريخ 2024/1/10 (مددت من بعدها حتى 2024/1/31) بالخيار اما بتقديم استقالاتهم أو بالاستيداع تحت طائلة اعتبارهم في حال عدم الخيار مستقيلين حكماً. وبالموافقة على الآلية المقترحة المتعلقة بتصفية الأعمال الادارية للهيئة، وهي تدلي بأن القرارين موضوع الطعن يلحقان الضرر الأكيد بها وبهيئة الأسواق المالية، وبأنهم مشوبان بعيب عدم الاختصاص ومخالفة القانون ويتجاوزهما لمعاملة جوهرية فضلاً عن تعديهما على مبدأ استمرارية المرفق العام.

وبما أن الجهة المستدعى بوجهها تطلب رد طلب وقف التنفيذ وهي تدلي بأن المادة 77 من نظام مجلس شورى الدولة نصت على امكانية وليس على موجب وقف التنفيذ حتى في حال كانت شروطه متوافرة، وأن القاضي الناظر في طلب وقف التنفيذ يلتفت خصوصاً الى الصالح العام والى مدى تأثير وقف التنفيذ على النزاع، وتضيف بأن القرارين اتخذا في ظل ظروف مالية واقتصادية استثنائية لم تعرفها البلاد من قبل وهي ظروف تشكل بالنسبة للهيئة قوة قاهرة مكتملة عناصرها كافة.

أن المادة 77 من نظام مجلس شورى الدولة لا توقف المراجعة تنفيذ العمل الاداري أو القرار القضائي المطعون فيه. ان مجلس شورى الدولة يقرر وقف التنفيذ بناء على طلب صريح من المستدعي إذا تبين له من ملف الدعوى أن التنفيذ قد يلحق بالمستدعي ضرراً بليغاً وان المراجعة ترتكز على أسباب جدية هامة.

MISS 3