سوزان كولبيل

جون بولتون: ترامب قادر على كل شيء تقريباً

20 تموز 2020

المصدر: DER SPIEGEL

02 : 00

كان جون بولتون (71 عاماً) مستشار الأمن القومي لدونالد ترامب بين العامَين 2018 و2019. في مقابلة مع صحيفة "شبيغل"، يتكلم بولتون عن علاقة ترامب مع القيادات النسائية وأصل خلافه مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.


بدأ ترامب يهاجم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل منذ أن كان أحد المرشحين الجمهوريين للرئاسة. فقال حينها إن سياسة اللاجئين التي تطبّقها ميركل كانت "كارثية على ألمانيا". هل نحمل انطباعاً خاطئاً أم أن ترامب مهووس فعلاً بالمستشارة الألمانية؟


أعتبر علاقات ترامب مع ميركل وتيريزا ماي (رئيسة الوزراء البريطانية السابقة) من أصعب العلاقات التي رأيتُها على الإطلاق. أظن أن التعامل مع قائدات أجنبيات يطرح مصاعب إضافية. لكنّ الوضع معقّد مع ميركل تحديداً. كان والد الرئيس ألمانياً، وقد أثّر هذا الجانب على علاقتهما على الأرجح. لكن ثمة أسباب سياسية أيضاً. كانت العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي سبباً أساسياً للجدل بين الولايات المتحدة وألمانيا. ثم برزت مسألة دعم الناتو والاتفاق على أن تدفع جميع الدول الأعضاء 2% من ناتجها المحلي الإجمالي مقابل الدفاع عنها، لكنّ ألمانيا متأخرة في هذا المجال.


يخوض ترامب خلافات مشابهة مع عدد آخر من قائدات العالم. هل يواجه مشكلة مع النساء بكل بساطة؟

أظن أن هذا العامل مؤثر فعلاً. لكنه يواجه المشاكل مع عدد كبير من القادة المُنتخَبين ديموقراطياً، رجالاً ونساءً. يبدو أن علاقاته مع الشخصيات المستبدة أفضل من عدد كبير من الحكام المُنتخَبين في البلدان الديموقراطية. يتعلق جزء من مشاكل ترامب في الشؤون الدولية بافتقاره إلى أي أساس فلسفي. هو لا يحمل أي فلسفة! هذا العامل زاد الوضع تعقيداً على جميع المستويات. أنا جمهوري محافظ، وهو ليس كذلك. لكنه ليس ديموقراطياً ليبرالياً أيضاً. بل إنه يميل إلى الخلط بين علاقاته الشخصية مع القادة الأجانب والعلاقات الثنائية الكامنة بين الولايات المتحدة والبلدان الأخرى.


لماذا لا يبدي ترامب أي اهتمام بشركاء الولايات المتحدة القدامى؟


يبذل المعلّقون السياسيون في الولايات المتحدة وأوروبا جهوداً متواصلة لفهم ترامب أو تحديد عقيدته. لكني أدعوهم إلى التوقف عن إهدار وقتهم! لا وجود لعقيدة ترامب. قد يختلف القرار الذي يتخذه صباحاً حول أي مسألة عن قراره في فترة بعد الظهر، وتتوقف قراراته عموماً على اعتبارات سياسية. هو يهتم في المقام الأول بإعادة انتخابه.

في أوروبا، يسود جدل واسع حول أفضل طريقة للتعامل مع ترامب. قام ماكرون مثلاً بدعوة ترامب والسيدة الأولى ميلانيا إلى مطعم فاخر في برج إيفل. لكنّ ميركل في المقابل لم تبذل أي جهد للتقرب منه. *ما هي أفضل مقاربة؟

على كل زعيم أن يختار المقاربة التي تريحه. ربما افترض ماكرون أن إقامة علاقة شخصية جيدة مع ترامب تفيد فرنسا. لكني لا أظن أن مقاربته نجحت.


يتمحور خلاف آخر بين الولايات المتحدة وألمانيا حول مشروع خط أنابيب "نورد ستريـــم 2". هل تتعلق المشكلة فعلاً بالمخاوف من زيادة اتكال ألمانيــــــــــا وأوروبا على روسيـــــــا؟ أم أنها ترتبط بالتجارة وبرغبة الولايات المتحدة في بيع الغاز الطبيعي الأميركي إلى أوروبا؟

المشكلة خليط من العاملَين. تكلم ترامب عن فرض العقوبات طوال الوقت، لكنه لم يفرضها يوماً. أظن أن العقوبات كانت لتوقف خط الأنابيب. لم ينتهِ المشروع بعد ولا يزال وقفه ممكناً. هو يسيء إلى أوروبا والولايات المتحدة من الناحية الاستراتيجية.


*في صورة شهيرة من قمة مجموعة الدول الصناعية السبع في كندا في نيسان 2018، تظهر ميركل وهي تنحني على طاولة مقابل ترامب الذي شبك ذراعيه وبدا مستاءً. كنتَ تقف إلى جانبه. هل تتذكر الحديث الذي حصل في تلك اللحظة؟

نعم، لم يكن الوضع مريحاً. حسب ما أتذكر، لم تكن المستشارة ميركل هي من تُكلّم ترامب في تلك اللحظة بل الرئيس ماكرون على ما أظن. لكنه مجرّد تفصيل تاريخي. أظن أنه يثبت أمرَين. من جهة، إنه أحد الأسباب التي تجعلني أكره تلك البيانات الصادرة عن اجتماعات مجموعة السبع ومجموعة العشرين. ومن جهة أخرى، حُشِر ترامب في الزاوية حرفياً ومجازياً، فاستاء كثيراً من الوضع كله. بعد وقت قصير على التقاط تلك الصورة، حين عدنا إلى الطائرة الرئاسية، سحب ترامب موافقته على البيان الختامي. لم يسبق أن حصل ذلك يوماً. رداً على ما حدث، حضّرتُ مسبقاً البيان الخاص بقمة الناتو اللاحقة في تموز 2018، كي لا يبقى ما نقرره أو نتفاوض عليه.


هل سيسحب ترامب عضوية الولايات المتحدة من حلف الناتو في حـــــال إعادة انتخابه؟

يصعب توقّع ما سيفعله. في الوقت الراهن، هو يتخذ مواقف متشددة من الصين. لكن إذا أُعيد انتخابه، أظن أنه قد يعود للتقرب من رفيقه شي جين بينغ ويحاول استئناف المفاوضات حول صفقة تجارية. سيصبح مصير هونغ كونغ ومسائل متنوعة أخرى على الهامش مجدداً.


هل تكون تصرفات الرئيس غير متوقعة بالنسبة إلى فريقه بقدر ما هي عليه بنظر بقية دول العالم؟

هذا ممكن! بعد قمة حلف الناتو في تموز 2018، كنا مسافرين إلى لندن لمقابلة تيريزا ماي، ثم إلى هلسنكي لحضور الاجتماع الشهير مع بوتين. أعلن ترامب أمام الصحافة حين كان في طريقه إلى المطار: "هل تعرفون؟ من بين هذه الاجتماعات كلها، قد يكون اللقاء مع بوتين الأكثر سهولة". من كان ليظن ذلك؟ الجواب هو ما يلي: لا أحد كان ليتوقع ذلك باستثناء ترامب!


هل يجب أن تتحمّل ألمانيا وبقية دول أوروبا مسؤولية أمنها القومي الخاص والدفاع عن نفسها مستقبلاً؟

يجب أن تعتبر أوروبا ترامب حالة شاذة في السياسة الأميركية. ما يفعله ترامب لا ينمّ عن سياسة فعلية. وبما أن قراراته لا تعكس فلسفة معينة، لن تكون العودة إلى الوضع الطبيعي صعبة جداً. يظن الحزب الجمهوري أن أوروبا يجب ألا تبقى وحدها في جهود الدفاع عن نفسها. تتعلق المشكلة الحقيقية مع الاتحاد الأوروبي بوفرة الخطابات عن السياسات الأمنية القوية وعدم تطبيقها على أرض الواقع. نسمع دوماً القادة الأوروبيين وهم يقولون مراراً وتكراراً: "نحن سندافع عن أنفسنا"! إذا لم يتوخَ هؤلاء القادة الحذر، قد يظهر آخرون في الولايات المتحدة ويقولون على غرار ترامب: "لا بأس بذلك، دافعوا عن أنفسكم إذاً".


إلى أي حد يمكن اعتبار حلف الناتو جديراً بالثقة؟

أظن أنه لا يزال قوياً. لكن ترتكب أوروبا خطأً فادحاً حين تعتبره الوسيلة التي تستعملها الولايات المتحدة لحماية أوروبا. هذه الفكرة تعزز نظرة ترامب إلى العالم، أي المفهوم القائل إننا ندافع عنكم ولهذا السبب يجب أن تدفعوا لنا أموالاً إضافية. عملياً، يبقى الناتو تحالفاً دفاعياً مشتركاً. على المدى الطويل، يتوقف مستقبل الحلف جزئياً على مراجعة اقتراحات أشخاص من أمثال رئيس الوزراء الإسباني السابق خوسيه ماريا أثنار الذي دعا إلى إعطاء الناتو طابعاً عالمياً وإشراك اليابان وأستراليا وسنغافورة وإسرائيل فيه.


هل أساء عهد ترامب الرئاسي إلى سمعة الولايات المتحدة؟

الأضرار موجودة. إذا خسر ترامب في تشرين الثاني المقبل، ستواجه إدارة بايدن مهمة كبرى. لكن من واجب الحزب الجمهوري أيضاً أن يحرص على عدم وصول هذا النوع من المرشحين إلى المراحل النهائية من الانتخابات مستقبلاً. أقصى ما يمكنني فعله لمواساة الأوروبيين أو أي جهات أخرى هو تكرار ما قاله وينستون تشرشل يوماً: "يمكنكم أن تتكلوا دوماً على قدرة الأميركيين على فعل الصواب بعد تجربة جميع الخيارات الأخرى". نحن اليوم نجرّب الخيارات الأخرى.


يشعر بعض الديموقراطيين بالقلق من أن يتجاهل ترامب بكل بساطة هزيمته في الانتخابات ويبقى في البيت الأبيض.

لا أجد أي أدلة على حصول ذلك. لو كانت موجودة، لأضفتُها إلى كتابي. هو قادر على فعل كل شيء تقريباً. لكنّ هذه الفكرة جزء من الظاهرة التي نسمّيها "متلازمة عداء ترامب": كل شيء، أي جميع التحليلات السياسية، يُحدّدها ترامب وما يفعله وما يمتنع عن فعله. تتوقف التحليلات عند هذا الحد.


ما هي أكبر مخاوفك في حال بقي ترامب في منصب الرئاسة لأربع سنوات إضافية؟

أخشى أن يتنامى نفوذ القادة المستبدين خلال ولايته الثانية.


نشرتَ كتابك جزئياً لمنع ترامب من الفوز بولاية ثانية. لو أردتَ تحقيق هذا الهدف فعلاً، كنت لتقدّم شهادتك في جلسات الاستماع خلال إجراءات عزل الرئيس.

لا أظن أن شهادتي كانت لتُحدِث فرقاً حقيقياً. أراد الديموقراطيون شن حرب حزبية وحصلوا على ما يريدونه. لإدانة المتّهم في مجلس الشيوخ بعد إجراءات العزل، يجب أن يصوّت ثلثا الأعضاء لصالح هذا القرار، ما يعني أنهم كانوا يحتاجون إلى عدد كبير من أصوات الجمهوريين. لكنهم حصلوا على دعم جمهوري واحد. أظن أن أقوالي في مجلس الشيوخ، مهما كان محتواها، كانت لتضيع وسط هذه المعمعة.


بعد نشر كتابك، أعلن ترامب أن الولايات المتحدة كانت لتتورط في حــــــــــروب متعددة لو فعلتَ ما تريده.

(يضحك) إنه تعليق طفولي وأظن أنه يُضعِف قيمة منصب الرئاسة. لن أردّ على هذا الكلام بكل بساطة.


ما هي النظرة التي يجب أن نحملهـــــــــــــا عنك؟ هل أنت بطـــــل تخلى عن السلطـــــــــة بسبب قناعاتــــــه؟ أم أنك خائن ينتقــم بعد طرده من منصبـه كما يزعم ترامب؟

كلام الرئيس يثبت وجهة نظري. أنا جزء من السياسة الأميركية والحكومات منذ أن كان عمري 15 عاماً. كنت أوزع المناشير وأقرع أجراس المنازل كجزءٍ من حملة باري غولدووتر في العام 1964...


... إنه المرشح الجمهوري للرئاســــــــــــة الأميركية في تلك السنة.

الفلسفة التي أحملها ثابتة منذ ذلك الحين. خدمتُ في أربع إدارات جمهورية وتولّيتُ أعلى المناصب فيها. مع كامل احترامي، سيتلاشى الجدل الإعلامي خلال خمسين سنة وسيختفي جميع اللاعبين من الساحة. لكنّ كتابي سيبقى موجوداً.


هل يملك ترامب فرصة الفوز بالانتخابات في تشرين الثاني المقبل؟

نعم طبعاً! هو متأخر جداً اليوم في استطلاعات الرأي ويتعلق السبب الأساسي بأزمة فيروس كورونا وعواقبها الاقتصادية. لكن كشفت الاستطلاعات في العام 2016 أنه كان متأخراً أيضاً. وفي يوم الانتخابات توقّع الجميع خسارته، بما في ذلك أوساط حملة ترامب. من وجهة نظري، يجب ألا نستخف مطلقاً بقدرة الحزب الديموقراطي على الإخفاق في أي انتخابات.


MISS 3