عبد الساتر: لا يُمكن إعادة بناء البلد من دون مصالحة حقيقيّة

16 : 34

إستقبل رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس عبد الساتر في دار المطرانية، وفداً من "لقاء مستقلّون من أجل لبنان"، ضمّ، الدكتور رافي مادايان، اللواء جورج قرعة، الدكتور بسام الهاشم، عيسى نحاس، رياض نعيم، خليل برمانا، أيوب الحسيني، الاعلامية نيكول القارح، جوزيف مارون وفارس فتوحي، وتطرّق الحديث إلى آخر الملفات والتطوّرات على الساحة اللبنانيّة، لا سيّما الأوضاع الأمنيّة في الجنوب والحرب الإسرائيليّة - الفلسطينيّة، إلى الفراغ الرئاسي في الموقع الماروني الأوّل.


ونوّه الوفد بـ"مواقف المطران عبد الساتر الداعية إلى المحبّة والإنسانيّة والمصالحة والتواصل والحوار مع الإخوة في الوطن، وبدوره في تقريب وجهات النظر بين الكنيسة المارونيّة والمرجعيّات الإسلاميّة بتكليف من البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي في مسألة تشخيص الأزمة الرئاسيّة وسبل معالجتها".


وقال: "لا يغيب عن البال أنّ المطران عبد الساتر يؤمن بلبنان وطناً نهائيّاً لجميع أبنائه المسلمين والمسيحيّين، يعيشون جميعاً فيه ويمارسون حريّاتهم الدينيّة والمدنيّة بكلّ كرامة متساوين في الحقوق كما الواجبات ومُسهمين معًا في ازدهار لبنان والتنمية المستدامة لمجتمعه".


وأعلن "اللقاء"، ضمّ صوته إلى "صوت سيادته لدعوة النواب المتشاورين في ما بينهم ومع الرئيس نبيه بري إلى انتخاب رئيس للجمهوريّة يتّسم بالجرأة والنزاهة وسواهما من الصفات الإنسانيّة والحنكة السياسيّة وروح التعاون والقدرة على جمع الأطراف كافّة حول برنامج للإنقاذ الوطني"، مشيراً الى "ضرورة تنظيم حوار وطني جاد، يكون الغرض منه إنتاج خطة وطنيّة أو تفاهم حدّ أدنى مشترك يُسهم في تحسين ظروف وصول الرئيس المسيحي العتيد إلى بعبدا، وذلك كي لا تُفرض على اللبنانيين خيارات خارجيّة خارجة عن إرادتهم".


وأشار إلى "أهميّة تجديد الدور المسيحي في إدارة النظام السياسي وإدارة التوازنات والاختلافات السياسيّة والطائفيّة والدينيّة، فضلاً عن صياغة الاستراتيجيّات الوطنيّة".


ورأى أنّ "ما يقوم به كيان الفصل العنصري "الأبارتايد" الإسرائيلي اليوم في غزة، إبادة لا تستهدف الشعب الفلسطيني بمفرده، وإن كان هذا الشعب هو ضحيّته المباشرة، بل الإنسانيّة جمعاء، كما ردّد في هذا الموضِع، كلام زعيم المعارضة الفرنسية جان لوك ميلانشون الذي قال إنّ الصامت عن إبادة غزة هو مجرم حرب، وإنّ إدانة إجرام نتنياهو لا علاقة لها بالسياسة، بل بالقيم الإنسانيّة والأخلاقيّة فحسب"، وشدّد على أنّ "ما يحصل في فلسطين في غزة والقدس وبيت لحم والضفة الغربية وحيفا وعكا والجليل، يعني المسيحيّين اللبنانيّين أيضًا، لأنّها الأرض التي وطئتها قَدَما السيّد المسيح، وهو في طريقه إلى قانا، حيث كانت المعجزة، وكان كلام الله في آي عرس قانا الجليل، وكان مجد يسوع الذي حاربه أحبار اليهود في كلّ زمان من بيلاطس البنطي إلى بنيامين نتنياهو. إنّ قضيّة فلسطين هي قضيّة العالم أجمع، فهي موطن الأديان بحيث يقتضي أن تكون أرضًا للعيش المشترك بين المكوّنات لا مركزًا لكيان عنصري من جهة، كما وأن القضيّة الفلسطينية القائمة على المقاومة في فلسطين هي الردّ المباشر على كلّ محاولات توطينهم وحرفهم عن قضيّتهم الأمّ ما يجعلها مصلحةً لبنانيّة بامتياز".


وأعرب "اللقاء" عن "ضرورة نصرة أهلنا الصامدين في الجنوب، الذين يتعرّضون للاعتداءات الإجراميّة اليوميّة من قبل الجيش الإسرائيلي، الذي يضغط على لبنان بهذه الطريقة لثنيه عن التضامن مع الشعب الفلسطيني والحفاظ على مصالحه الوطنيّة"، مطالبًا بـ"إلزام العدوّ الإسرائيلي بالامتناع عن خرق سيادة الأراضي اللبنانيّة برًّا وبحرًا وجوًّا، كما عن استخدام الأجواء اللبنانيّة للاعتداء على أراضي سوريا والعراق والأردن".


عبد الساتر

من جهته، أسف المطران عبد الساتر "لهذا العدد الكبير من الضحايا الأبرياء الذين يسقطون في جنوب لبنان وغزة وصمت المجتمع الدولي بحكّامه وأصحاب القرار فيه إزاء ما يحصل من جرائم"، ولفت إلى أنّ "لا حلّ إلّا بالحوار الذي يجب أن يدخل فيه الجميع متساوين بعيدًا من منطق الغالب والمغلوب. كما لا يمكن إعادة بناء البلد من دون مصالحة حقيقيّة وتنقية الذاكرة من كلّ مآسي الحرب ومسامحة بعضنا والعمل مع بعضنا كشركاء".


ورأى أنّ "كثر من لديهم مرجعيّات في الخارج للأسف وينفّذون أجندات خارجيّة وداخليّة انطلاقًا من مصالحهم الشخصيّة، في حين أنّنا نحتاج إلى أجندة واحدة تكون لبنانيّة فقط".


وشدّد على أنّ "عمليّة خلاص لبنان تحتاج إلى قرار بالمبادرة ومثابرة وكثير من الصبر من دون تعب وكلل"، متوجّهاً إلى الوفد بالقول: "دوركم كبير في تغيير الأفكار النمطيّة والمعلّبة لبناء رأي عام يُجمع على مصلحة البلد أوّلًا ويتحرّر من التعصّب الأعمى والانتماء الحزبي المتزلّف".

MISS 3