مايا الخوري

في يوم المرأة العالمي...

المدرّبة كارين ديرموسيسيان: لا تنسي رعاية نفسك

8 آذار 2024

02 : 00

إختارت نساء أن يكنّ عاملات لما يمنحهنّ ذلك من شعور بالإنجاز والغاية والإستقرار المادي، فيما قررت أخريات أن يكنّ الأم والإبنة والزوجة والراعية لمن تحبّ. وثمة من فرضت ظروفها الحياتية الصعبة أن تكون أمّاً عاملة. ولكن مهما كان الدور المختار من قبل المرأة، يبقى مهمّاً بالنسبة إليها، شرط أن تشعر من خلاله بأنها عضو فاعل في المجتمع، منتجة ومنجزة، قوية وقادرة على اتخاذ القرارات التي تتماشى مع قيمها وتطلعاتها، وتتلقى في الوقت نفسه التقدير والدعم. فما هي التحديات اليومية التي تواجه المرأة العاملة وخصوصاً الأم، وهل هي فعلاً كما وُصفت بالمرأة الخارقة؟

المرأة العاملة عامةً، والأم العاملة خصوصاً، في سباق دائم مع الوقت، من أجل إعطاء الأفضل للعائلة والأولاد في ظلّ تحديات يومية كثيرة وضغوطات نفسية وجسدية وصحية، حيث تبحث دائماً عن وسيلة التوفيق ما بين حياتها العائلية والعملية من دون الشعور بالذنب والتقصير. وتتحدث المدرّبة كارين ديرموسيسيان عن المسؤوليات الكثيرة التي تقع على عاتق المرأة والتي يجب إنجازها في خلال يوم أو أسبوع، لذلك تنصحها بالإستعانة بتطبيقات إلكترونية تسجّل واجباتها اليومية بشكل واضح ومحدد النقاط ما يساعدها على تحديد مهامها. كما يمكنها أن تحدد أولوياتها بالمهم والأهم، فتنظّم مهامها بطريقة الأمور المستعجلة والمهمة. «إذ ثمة أمور مهمة ومستعجلة، وأمور مهمة وغير مستعجلة، وأشياء مستعجلة ولكن غير مهمّة، وأمور غير مهمّة كثيراً وغير مستعجلة جداً».

وتدعو ديرموسيسيان المرأة العاملة إلى إزالة فكرة superwoman من رأسها وطلب مساعدة الآخرين عند الحاجة، لأن فكرة المرأة الخارقة التي تريد أن تنفّذ كل المسؤوليات وحدها، والإهتمام بالأولاد مع التميّز والنجاح في العمل محض خيالية.

وتضيف: «نحن في النهاية بشر معرّضون للأخطاء والتقصير، نعيش حياة فيها مطبّات كثيرة. كما أن فكرة الأم المثالية غير واردة أبداً، لأن الأطفال أساساً لا يحتاجون إلى أم مثالية بل إلى أم تهتمّ بهم وتحبّهم وتتواجد جسدياً ونفسياً معهم. ولا تهمل نفسها وعملها أيضاً، لأن ذلك ينعكس سلباً على حياتها العائلية».



عادات تساعدك

تذكّر ديرموسيسيان المرأة بأن المثالية من الأمور النسبيّة في الحياة، فما هو مثالي بالنسبة إليّ قد لا يكون كذلك عند الآخر لذلك يجب أن تحدد أولوياتها وما هي الأشياء التي تحصد منها نتيجة في حياتها العملية والعائلية، والتي تشعرها بالرضا الشخصي. وتنصحها بتخصيص وقت لنفسها، فيتضمّن جدول يومياتها مشاريع مسلية تريحها وتفرحها، كقضاء وقت مع الأصدقاء ومع نفسها. وتقول: «ثمة أمر أساسي لا تنتبه اليه المرأة العاملة وهو ضرورة قضاء وقت مع ذاتها. فهذه المرأة التي تريد أن تكون أماً وزوجة وربّة بيت وراعية لعائلتها وأهلها وأصدقائها، تنسى رعاية نفسها. لذلك من المهم تخصيص وقت قصير مع الذات لأخذ نفس عميق، والجلوس بسكون وصمت للتفكير بإنجازاتها وفشلها وماذا تريد أن تحقق لتستمدّ الطاقة للإستمرار».

وتتحدث المدرّبة عن العادات الشخصية التي يجب أن تواظب عليها المرأة لتخفيف منسوب التوتّر والضغط في حياتها العملية والمحافظة على صحتها الجسدية والنفسية، وذلك لأن ثمة عادات نمارسها يومياً تسبب التوتّر عن غير قصد، وقد تكون مرتبطة بحياتنا الشخصية أو العملية. وتقول: «ثمة أخطاء شائعة تقع فيها المرأة بشكل عام، وهي تعدد المسؤوليات والتأجيل والتسويف. فمن أجل تخفيف حدّة التوتّر، خفّفي من عدد المسؤوليات عبر الإفساح في المجال أمام الآخرين لمساعدتك، خصوصاً إذا لم تكن مهمّة وأساسية، ما يساهم في زيادة التركيز على المهام العملية والإنتاج والتطوّر.

من جهة ثانية يجب إيقاف التسويف والتأجيل، لأنه يسبّب ضغطاً نفسياً وعقلياً وجسدياً وصولاً إلى الإرهاق. لذا من المهمّ أن تتعلّم المرأة وخصوصاً الأم كيفية الرفض ووضع حدٍ لكل ما يزيد المسؤوليات الضاغطة، في الحياة العائلية أو المهنية، فلا تقبل المهام التي تأتي على حساب الراحة الشخصية».

وتشير ديرموسيسيان إلى أهمية أن تحظى بدعم عاطفي، فيكون لديها من يصغي بفعالية حين تعبّر عن رأيها، فيدعمها ويشجّعها ويمنحها شعوراً بالرضا والأمان لتتميّز بعملها وحياتها. كما من المهمّ مساعدتها في تقاسم المسؤوليات الحياتية في المنزل ومع الأولاد. وتدعوها أيضاً إلى تقويم ذاتي حول إنجازاتها وإخفاقاتها لعدم بلوغ مرحلة الإرهاق. مضيفة: «إذا لم تحافظ المرأة على التوازن في حياتها، لتتذكّر بأن الحياة مطبّات وجلّ من لا يخطئ، ولا يمكن تفادي التقصير بمكان ما، إنما يمكن السيطرة عليه لئلا يتكرر. لا تكرّسي وقتك للعمل حتى حدود الإرهاق لأنك ستهملين نفسك وأولادك، ولن تتمكني من الإنتاج على الصعد كافة».

التجاهل المجتمعي

وتأسف ديرموسيسيان لتجاهل بعض المجتمعات أهمية المرأة ودورها في المجتمع بسبب الأعراف والقوالب النمطية وعدم المساواة المنهجية التي فضّلت الرجل عليها على مرّ التاريخ رغم الإنجازات التي حققتها. وتضيف: «ثمة صورة نمطية عن تكريس دور المرأة للبيت والعائلة. وإن كانت عاملة، فيجب أن يبقى دورها محدوداً، فلا تتميّز في المجتمع أو في مجالها المهني، لأن هذا الأمر سيشتّت تركيزها عن دورها الأساس كأم وربة منزل وزوجة فقط. نشهد حالياً مجهوداً وسعياً لتحدي هذه الحواجز النمطية وتعزيز المساواة بين الجنسين وتعزيز البيئة الشاملة، لتخطّي قضية تجاهل المرأة، الذي هو ظاهر جداً في مجتمعاتنا الشرقية لكنه موجود في المجتمعات الغربية أيضاً».


لا تنافسي الرجل
وتنصح ديرموسيسيان المرأة بالتركيز على دورها كإمرأة وأم وشريكة وعضو فعّال في المجتمع وعدم منافسة الرجل أو السعي لتحتل مكانه، بل تأدية دورها فقط في الحياة.

ومن المهم أن تتواصل بشكل واضح وشفّاف مع زوجها وتخبره عن تطلعاتها وأهدافها وأهمية نجاحها العملي وأن هدفها بنّاء لا يعيق تواصلها مع عائلتها، وأن تصارحه عما تريد منه كشريك، على صعيد التقبّل والتقدير والرضا والتشجيع والإحترام، وهذا لا يعني السعي للتفوّق عليه لأنهما في النهاية شريكان في مؤسسة العائلة أو الزواج وثنائيان مسؤولان معاً عن تربية الأولاد.

MISS 3