رواد مسلم

الدول الأوروبّية تدعم كييف باعتبارها خطّ دفاعها الأوّل

9 آذار 2024

02 : 00

الوضع الراهن في أوكرانيا يُثير قلق الأوروبّيين (أ ف ب)

يستغلّ الجيش الروسي في الفترة الأخيرة نقص الذخائر لدى الجيش الأوكراني، خصوصاً صواريخ أنظمة الدفاع الجوي التي تحصل على غالبيّتها من الولايات المتحدة وتخصّصها لحماية مدنها الرئيسية في الداخل على حساب حماية خطوط القتال الأمامية، لإعادة تفعيل قدرات التفوّق الجوي الذي أحجمته المضادات الغربية لفترة طويلة. وأعادت القوات الجوية الروسية إطلاق العديد من المقاتلات والقاذفات لإسقاط القنابل الموجّهة الثقيلة والقنابل الإنزلاقية على الأهداف الأوكرانية تمهيداً لأي هجوم برّي، وقد نجح هذا التكتيك لإعادة إحتلال مدينة أفدييفكا.

الوضع الراهن في أوكرانيا فتح باب التساؤلات عند الدول الأوروبّية عن إمكانية معاودة الزخم الروسي الذي شهدته الأراضي الأوكرانية في شباط 2022، بإستغلال فترات الضعف الأوكرانية لاستكمال إحتلال الأراضي وإسقاط نظام كييف. وما يحصل يؤكّد أنّ الكرملين لن يقف مكتوف الأيدي بانتظار وصول المساعدات الغربية للجيش الأوكراني. ومثل أوكرانيا، يُمكن أن تفتح روسيا الجبهات مع دول أوروبّية أخرى معادية لها، تعتمد هي أيضاً بنسبة عالية على شراء الأسلحة والذخائر الأميركية، التي لن تحصل عليها في المسقبل مع تعدّد التوتّرات العسكرية حول العالم.

منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، جاء نحو 70 في المئة من الأسلحة التي اشتراها الأوروبّيون لمساعدة كييف من الولايات المتحدة، وفق مسؤولين أوروبيين. هذه الكميات ستتقلّص بنسبة عالية بمجرّد عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، أو إذا حوّلت واشنطن جهودها من أوروبا نحو آسيا لاحتواء الصين، الأمر الذي كان وما زال يعتبر من الأولويات الاستراتيجية للأمن القومي الأميركي.

المخاوف الأوروبّية بدأت تتظهّر من خلال قرارات زيادة الإنفاق الدفاعي وزيادة الدعم الأوروبي المنشأ لأوكرانيا، فضلاً عن إنشاء مصانع دفاعية لصناعة الأسلحة والذخائر الأوروبّية، حيث كشفت المفوضية الأوروبية عن برنامج الصناعة الدفاعية الأوروبّية (EDIP) استجابةً للحاجة الملحّة إلى استراتيجية دفاعية منسّقة في مواجهة احتمال هجوم روسي. وهذا البرنامج يهدف إلى معالجة نقاط الضعف في الصناعة العسكرية الأوروبّية التي أظهرتها الحرب في أوكرانيا، أبرزها عدم قدرة المصانع على تأمين الطلب المتزايد على المنتجات العسكرية.

أمّا بالنسبة إلى زيادة الدعم الأوروبي المنشأ للجيش الأوكراني، تعتبر فرنسا من أكثر الدول الأوروبّية الداعمة. فبعد تزويد فرنسا الجيش الأوكراني بصواريخ «سكالب» التي تُطلق من الجوّ بواسطة المقاتلات الأوكرانية ويصل مداها إلى 250 كلم في أوائل فترة انطلاق الهجوم المضاد، تُطلق المقاتلات الأوكرانية الآن قنابل فرنسية جو - أرض موجّهة عالية التقنية «هامر» للمرّة الأولى في الحرب، وتعتبر دقيقة جدّاً، أي أنّها تُصيب هدفها ضمن متر مربّع واحد عند توجيهها بالليزر، ولمسافة تصل إلى 70 كلم.

ستُسلّم فرنسا 50 نظام «هامر» شهريّاً للقوات الجوية الأوكرانية خلال عام 2024، وقد عُدّلت جهازية إطلاق الصواريخ للمقاتلات الأوكرانية من طراز «ميغ 29»، وقاذفات الخطوط الأمامية «سو 24»، لتتمكّن من حمل هذا النوع من القنابل التي تزن 250 كلغ.

تعتبر فرنسا ثاني أكثر دولة مانحة للجيش الأوكراني بعد ألمانيا بين الدول الأوروبّية، حيث تبرّعت فرنسا خلال سنة واحدة بأكثر من 2.8 مليار دولار من المعدّات العسكرية لأوكرانيا، وفقاً للبيانات التي نشرتها وزارة الدفاع الفرنسية، وتشمل تسليم أعداد كبيرة من الصواريخ الموجّهة ومنصات إطلاق صواريخ «كروتال» و»ميسترال»، وكلاهما من الأنظمة المضادّة للطائرات قصيرة المدى وعالية الفعالية. كما أرسلت 30 مدفع «هاوتزر» من عيار 155 ملم.

وفي إطار زيادة قدرة الجيش الأوكراني على صدّ الجيش الروسي المهاجم، لمنعه من إمكانية تحويل جهوده العسكرية نحو دول أوروبّية أخرى وإشغاله بالحرب على الأراضي الأوكرانية التي باتت تُشكّل خطّ الدفاع الأوّل عن أوروبا، واستنزافه، ستُقدّم بريطانيا هذا العام 1000 مسيّرة انتحارية وأكثر من 10 آلاف مسيّرة يتمّ التحكّم فيها من منظور طيار افتراضي، ومسيّرات بحرية، جميعها من الصناعات البريطانية.

مسيّرات الهبة البريطانية مضافةً إلى المسيّرات أوكرانية الصنع، أثبتت كفاءتها منذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا في شباط 2022، حيث تعرّضت الأراضي الروسية بانتظام لضربات نُسبت إلى كييف واستهدفت في الأسابيع الأخيرة مستودعات نفط ومصافي تكرير، أبرزها في كورسك وبيلغورود الروسيّتين على الحدود الأوكرانية، فضلاً عن تدمير رادار المراقبة والسيطرة الروسي «زووبارك 1» الذي يتباهى به الجيش الروسي من حيث قدرته على رصد صواريخ المدفعية وتدميرها، وهو ردّ عادل على مهاجمة موسكو شبكة الكهرباء الأوكرانية.

MISS 3