الديدان الصغيرة بالقرب من تشيرنوبيل طوّرت مهارة جديدة

02 : 00

يبدو أن الديدان المجهرية الموجودة في البيئة فائقة الإشعاعات في منطقة تشيرنوبيل المحظورة تعيش من دون أن تتأثر بأضرار الأشعة. على عكس ما يمكن توقّعه من الكائنات المتواجدة في هذا المكان الخطير، لا تحمل الديدان الخيطية التي جُمِعت من تلك المنطقة أي مؤشر على تضرر جينوماتها. لا يعني هذا الاستنتاج أن منطقة تشيرنوبيل المحظورة أصبحت آمنة، بل يشير إلى قوة تحمّل الديدان وقدرتها على التكيّف مع ظروفٍ قد لا تتحمّلها أجناس أخرى.


برأي فريق من علماء الأحياء، بقيادة صوفيا تينتوري من جامعة نيويورك، قد يطرح هذا الاكتشاف بعض الأفكار الجديدة حول آليات إصلاح الحمض النووي، ويمكن تعديلها يوماً لاستعمالها في الطب البشري.

توضح تينتوري: «كانت حادثة تشيرنوبيل مأساة هائلة، لكننا ما زلنا لا نعرف حقيقة تأثيرها على السكان المحليين. هل استهدف التحوّل البيئي المفاجئ أجناساً أكثر قدرة على مقاومة الإشعاعات الأيونية»؟

يمكن استشكاف هذه المسألة عبر مراقبة الديدان الخيطية التي تُعتبر قوية بدرجة لافتة (تعيش هذه الديدان الدائرية المجهرية في مجموعة من الموائل، بما في ذلك أجسام بعض الكائنات). عادت هذه الديدان للظهور في حالات كثيرة بعد تجمّدها طوال آلاف السنين في التربة الصقيعية.

تحمل الديدان جينومات بسيطة وتعيش حياة قصيرة، ما يعني إمكانية دراسة أجيال عدة منها خلال وقتٍ قصير. هذه الخصائص تجعلها كائنات نموذجية ممتازة لدراسة مسائل متنوعة، بدءاً من التطور البيولوجي وصولاً إلى إصلاح الحمض النووي والاستجابة للسموم. كانت الديدان الموجودة في منطقة تشيرنوبيل المحظورة متشابهة وراثياً، وتفوق نقاط الشبه بينها تلك التي تجمعها مع أنواع أخرى من الديدان. لكن لم تظهر أي مؤشرات على تضرر الحمض النووي بسبب البيئة الإشعاعية.

حلل الباحثون جينوم الديدان ولم يجدوا أي أدلة على إعادة ترتيب الكروموسومات لديها بسبب البيئة المليئة بالطفرات المستجدة. حتى أنهم لم يرصدوا أي رابط بين مستوى الطفرات لدى الديدان وقوة الأشعة في مكان ظهور كل واحدة منها.

أخيراً، أجرى الباحثون اختبارات على نسل كل واحدة من 20 سلالة ديدان لقياس قدرة تحمّلها لأضرار الحمض النووي. حملت كل ذرية قدرة تحمّل مختلفة، لكن لم يرتبط هذا الجانب بالأشعة التي تعرّض لها أسلافها.

إستنتج الباحثون بكل بساطة عدم وجود أي أدلة مرتبطة بتأثير بيئة منطقة تشيرنوبيل المحظورة على جينومات الديدان الخيطية. لكن قد تسمح نتائجهم للعلماء باكتشاف سبب تعرّض بعض البشر للسرطان أكثر من غيرهم.

في النهاية، تستنتج تينتوري: «الآن وقد حدّدنا سلالات الديدان الخيطية التي تكون أكثر حساسية تجاه أضرار الحمض النووي أو أكثر مقاومة لها، يمكننا أن نستعمل تلك السلالات لدراسة ما يجعل بعض الناس أكثر عرضة لعواقب المواد المسرطنة. كذلك، قد تتحسن معلوماتنا عن عوامل الخطر البشرية عبر تقييم طريقة تجاوب الأفراد مع مختلف العناصر المُضِرّة بالحمض النووي في البيئة».



MISS 3