فادي عبود

كيف يُفكّر الرئيس العتيد إقتصادياً؟

15 آذار 2024

02 : 00

أتساءل انه في خضم الحديث عن المرشح الرئاسي، والجدال حول اسم المرشح العتيد، ودعم مطلق لمرشح معين ضد مرشح آخر، ألا يتم طرح سؤال اساسي: كيف يفكر المرشح كذا او كذا عن افكار اقتصادية واجتماعية، وما هي مواقفه الشخصية من قضايا يواجهها البلد، وما هي قناعاته الشخصية الاقتصادية التي لا يحيد عنها؟ ألا يتساءل المواطن اللبناني مثلاً عن موقف هذا المرشح وبرنامجه الاقتصادي؟

ونعرف اننا سنسمع المعزوفة ذاتها بان الرئيس لا يملك صلاحيات وهو غير قادر ان ينفذ خطة اقتصادية. نعرف ذلك جيداً ولكن الا ينبغي للرئيس المقبل ان يملك توجهات اقتصادية، وقناعات اساسية تدفعه لممارسة ضغوط، ومن يترأس جلسات مجلس الوزراء يجب ان يمتلك رؤية اقتصادية واضحة الملامح بالنسبة الى الموضوعات المطروحة، من أزمة المصارف الى الضرائب والرسوم والضمان والصحة والكهرباء والتعليم واللامركزية الادارية والبيئة.

هل لدى الرئيس العتيد تصور حول موضوع الادارة العامة، والتخبط الحاصل فيها، وضرورة اجراء تقييم كامل لعدد الموظفين وانتاجيتهم وربط اية عطاءات جديدة بموضوع الاصلاحات الادارية؟ إصلاحات بكل بساطة هي اعادة هيكلة القطاع العام، مع توصيف وظيفي جديد واجراءات تنفيذية جديدة على اساس حكومة إلكترونية! خارج هذا الإطار لا تعتبر اصلاحات بل «تفنكات» وكلام لن يؤدي إلى قطاع عام فعّال!

هل لديه فكرة حول موضوع التهرب الضريبي وتحديدا الـTVA والذي تحول في لبنان اقتصاداً تحت الطاولة يمنع عن الخزينة العامة واردات حرزانة، ويشكل تنافساً غير مشروع قد يؤدي الى اقفال الشركات الملتزمة بدفع هذه الضريبة؟

هل يملك قناعة بخطة لحل أزمة المودعين واعادة هيكلة القطاع المصرفي، وما هي معالمها وما هي قناعاته في هذا الاطار؟

هل يملك تصوراً حول تغيير الاجراءات الادارية لاستعادة الفعالية في الاجراءات التي ما زال معظمها من القرن التاسع عشر. هذه الإجراءات اليومية التي تتآكلها البيروقراطية الادارية تدمّر الاقتصاد اللبناني يومياً؟ وهل يفكر بضرورة اطلاق ورشة تشريعية لإلغاء القوانين الحقيرة المعدّة على قياس افراد ومصالح ضيّقة، وإعادة دراسة كل القوانين التي تمّ تشويهها بفعل مراسيم تنفيذية لاحقة. بالإضافة الى تبسيط القوانين وترشيقها، لتحظى بفهم افضل من المواطن. وتخفيض الاعياد الرسمية لكي لا تتخطى الـ12 يوماً في السنة؟

هل لديه خبرة بمواضيع الاستيراد والتصدير وساعات الدوام في مرفأ بيروت. المرفأ الذي يعمل ست ساعات يومياً والتي باتت تنعكس على انتاجية لبنان، كما البريد السريع وشركاته التي تجبي الملايين في لبنان، وخاصة خدمة تخليص الطرود والتعقيدات المفروضة على التخليص وكلفة دفع رسوم وجمارك وهذه اكثر من الرسم نفسه! وأثر هذه الاكلاف على تنافسية لبنان وعلى اسعار السلع؟

هل يمتلك توجهاً لاصلاح الضمان الاجتماعي بعد ان فقد الناس مدخراتهم وتغطيتهم الصحية؟ وهل يعتبر انه من المنطقي اعادة نظام الضمان الاجتماعي كما هو ودفع اشتراكات لصندوق قد تذهب مع الريح، وللتذكير هذه ثالث مرة يتعرض فيها للافلاس؟

هل يحمل خطة لتطوير التعليم وهو الركن الأساس لأي اقتصاد منتج... وخاصة انه لا يخفى على أحد فشل التعليم الرسمي في منح خدمة تعليم متطور للمواطنين؟

هل هو مقتنع بالشفافية قبل الشروع في أي اصلاحات او خطط ومطالب استدانة؟ وهل يتعهد بالعمل لضمان الشفافية المطلقة والبيانات المفتوحة لكي تكون الرقابة أفعل وأسرع؟ ولا بدّ من التذكير في هذا الاطار بأنّ القانون المعمول به حالياً، والذي يفرض طلب المعلومة ويترك امكانية الاستنساب بإعطاء او عدم اعطاء المعلومة، غير مقبول نهائياً، ولا يؤدي الى الشفافية التي نطمح للوصول اليها.

هذا غيض من فيض الافكار الاقتصادية والاجتماعية التي يجب ان يفكر بها الرئيس العتيد، والأهم ان المواطن اللبناني يجب ان يطالب بأن تكون الافكار الاقتصادية في خضم اي حوار لاختيار مرشح.

(*) وزير سابق

MISS 3