«حين يبادر الإنسان الى عمل الخير، ينال مكافأته في السماء وليس على الأرض». هكذا يستهل الأب عبود حديثه، مضيفاً: «لا يمكن للانسان أبداً أن يكفي أخيه الإنسان ولا أن يرضي أحداً من خلال العمل الإجتماعي. لكنّه يعلم أيضاً أنّ الرب سيكون راضياً عنه حينما يعمل الخير لأجل وجه الله». ويلفت الى أنّ ما يميّز الحملة هذه السنة هو أنّها تأتي في مرحلة إنتقالية، في ظلّ أخبار عن أنّ أوضاع البلد ربّما سوف تباشر بالتحسّن، وهذا ما يدفع بالكثيرين لتقديم التبرّعات بطرق مميزة. لكن في المقابل، هناك أزمة إقتصادية ما زالت تنهش باللبنانيين، هذا ما يؤكّده العدد الكبير من الأشخاص الذين يطرقون باب المؤسّسة، خصوصاً ممّن يطلق عليهم اسم «الفقراء الجدد». «وهم أشخاص كنّا نتّكل على هباتهم، لكنّهم باتوا اليوم يتّكلون على مساعدتنا لهم»، بحسب قوله.
إندفاع كبير للتبرّع
لا بدّ من الإشارة الى أنّ تقديم المساعدات بقي مستمرّاً في لبنان رغم الظروف المعيشية القاسية. وكثيرون يتبرّعون حتى لو بفلس الأرملة. فما الذي يحافظ على تواجد الأيادي البيضاء في هذا الزمن الصعب؟ هُنا يعبّر الأب عبود عن إعجابه وافتخاره بكرم اللبنانيين وبكيفية تجاوبهم مع مؤسّسة «كاريتاس» في كلّ المحطات. ويوضح: «يقومون بزيارتنا ويتبرّعون بالمبالغ الكبيرة والصغيرة. يتجاوبون باندفاع مع حملة التبرّع على الطرقات وفي الأماكن العامة. وهذا دليل على روح الكرم والعطاء التي يتمتّع بها اللبنانيون، ودليل على ثقتهم بـ»كاريتاس». ولولا كرم اللبنانيين المغتربين والمقيمين وتضامنهم مع بعضهم البعض، لما بقي لبنان صامداً في مواجهة أزماته». ويلفت الى أنّ هناك من اختبر وقوف الآخرين الى جانبه، وعمل بدوره على الوقوف الى جانب المعوزين من خلال «كاريتاس». «ونحن نؤمن أنّ القلوب المعطاءة موجودة دوماً، لأنّ المحبة لا تنتهي».
العطاء مصدر سلام داخلي
«من يعطي يفرح ويُفرّح»، يؤكّد الأب عبود. ويضيف أنّ «سرّ العطاء موجود داخل الإنسان، وهو الذي يمنحه السلام الداخلي. ولن يشعر بفرح العطاء إلا المُعطي، لأنّه يدرك أنّه سيكون مصدر انتعاش وراحة للآخرين. وهُنا نسترجع مقولة «من يعيش لأجل الآخر، يعيش مرّتين». ونفهم أيضاً أنّ «هناك من هو أتعس منك، فابتسم». ومن نِعم الله علينا، حاجة الناس إلينا. وعندما نعطي، فهذه علامة على أنّ لدينا القدرة على ذلك. وهُنا نشجّع الجميع على أن يعيشوا سرّ السلام الداخلي الذي لا يُمنح إلا من الرب، وهو القائل «سلامي أترك لكم، سلامي أعطيكم، لا كما يعطيه العالم». من هُنا يدعو الجميع الى اختبار الفرح الداخلي الذي يجدونه في العطاء. كما توجّه الأب عبود بكلمة الى شباب وصبايا «كاريتاس» الذين يجمعون التبرّعات ويقفون على الطرقات تحت أشعة الشمس أو في عزّ البرد: «أشكرهم باسم الرب وباسم «كاريتاس» وباسم الكنيسة. كل دقيقة تقدّمونها من وقتكم إنما تعمل على تنميتكم أكثر. خلال وقوفكم على الطرقات، ستختبرون أموراً كثيرة من بينها تعلّم الكرم من الآخرين. وما من حب أعظم من أن يبذل الإنسان نفسه في سبيل أحبّائه».
لن يسلبوا منّا إيماننا
هذا وختم الأب ميشال عبود بكلمة أمل للبنانيين ولكلّ إنسان يمرّ في ظروف صعبة وقال: «ما يميّز هذا الوطن هو وقوف أبنائه الى جانب بعضهم البعض. نحن الى جانبكم، حتى لو لم نستطع تغطية كل حاجاتكم. وإن كانوا قد سلبوا أموالنا وتركونا جائعين ومرهقين، لكنّهم لن يسلبوا منّا إيماننا ولا عزيمتنا في مواجهة الصعاب وعيش هذه الحياة بملئها. وأقول أيضاً: نحن بحاجة لكم، وهناك من هم بحاجة لنا. ونؤمن بأنّ هذه الفترة ستكون عابرة مهما طالت. والرب الذي رافقنا خلال السنوات الخمسين من عمر «كاريتاس»، سيكون معنا الى الأبد».