هل غيّرت الأوبئة القديمة غلاف الأرض الجويّ؟

02 : 00

إكتشف العلماء في جليد القطب الجنوبي رابطاً غريباً بين مستويات ثاني أكسيد الكربون القديمة في الغلاف الجوي وأوبئة عالمية نشأت منذ قرون، ما يُذكّرنا بسهولة أن يرسم البشر معالم الأرض.



منذ ألفَي سنة تقريباً، في بداية الحقبة الحديثة بعد الميلاد، بدأت الإمبراطوريات تظهر، وراح جبل فيزوف يثور، وتابع البشر القتال في أنحاء أوروبا. خلال القرون السابقة والمرحلة التي تلتها، قضت أمراض مثل الطاعون ومرض الزهري على البشر في مناسبات متكرّرة.

يقال إن عدد سكان الأرض تراجع بسبب تلك الأوبئة لدرجة أن تتخلّى المجتمعات عن المناطق المأهولة سابقاً للسماح بإعادة نمو الغطاء النباتي. كانت هذه المناطق المتجدّدة لتمتص كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، ما يفسّر التراجع الكبير في العيّنة اللبية في القبة الجليدية.

لكن لا تكشف هذه العيّنة في غرب القطب الجنوبي المستوى نفسه من التراجع، بل تشير إلى انخفاض تدريجي في مستويات ثاني أكسيد الكربون بحلول القرن السابع عشر.

يكشف التحليل الجديد أن مستويات ثاني أكسيد الكربون تراجعت فعلاً خلال تلك الفترة، ويتعلّق السبب على الأرجح بالتغيرات الكبرى التي أصابت البشر ونباتات الأرض. لكن بدا ذلك التراجع تدريجياً أكثر مما توحي به العيّنة اللبية في القبة الجليدية.

يوضح الباحثون: «يدعم تحليلنا حصول تراجع تدريجي في كمية ثاني أكسيد الكربون، بمعدل 0.5 جزء في المليون، كل عشر سنوات، بين العامين 1516 و1670 بعد الميلاد. تمّ امتصاص حوالى 2.6 جيغا طن من ثاني أكسيد الكربون خلال كل عقد، تزامناً مع انخفاض الأعداد السكانية وتجدّد نمو الغابات. تسمح هذه النتائج بتحضير سيناريوات نموذجية عن إعادة تنظيم طريقة استعمال الأراضي على نطاق واسع في الأميركيتَين بعد الاحتكاك الأخير بين العالم الجديد والعالم القديم».

أجرى الباحثون لاحقاً تجارب محاكاة لتدفّقات الكربون في الغلاف الجوي بناءً على كل عيّنة من العيّنات اللبية الجليدية، واختبروا التغيّرات المحتملة في الغطاء النباتي على سطح الأرض استناداً إلى تقديرات سكانية تقريبية. تبيّن أن تراجع ثاني أكسيد الكربون السريع داخل العيّنة اللبية في القبة الجليدية، في العام 1610 بعد الميلاد، كان «كبيراً على نحو لا يُصدّق»، وهو لا يتماشى مع أكثر السيناريوات تطرفاً عن تغيّر استعمالات الأراضي.

MISS 3