جاد حداد

Triple Frontier... مخيّب للآمال رغم براعة ممثليه

27 تموز 2020

02 : 00

يجتمع فريق عمل مبهر أمام الكاميرا ووراء الكواليس لتقديم فيلم التشويق Triple Frontier (الحدود الثلاثية)، لكنّ النتيجة النهائية متفاوتة على نحو مُحبِط!

يُخرِج جيفري ماكدونالد تشاندور سيناريو شارك في كتابته مع مارك بول الفائز بجائزة أوسكار عن فيلم The Hurt Locker (خزانة الألم). بفضل أفلام معدودة، أثبت تشاندور أسلوبه الذكي والمميز في استكشاف المواضيع الأخلاقية المعقدة والغامضة، بدءاً من Margin Call (نداء الهامش) وA Most Violent Year (أعنف سنة)، مروراً بالفيلم الآسر والهادئ All Is Lost (كل شيء ضاع) من بطولة روبرت ريدفورد. يتعاون تشاندور هذه المرة مع طاقم تمثيلي قوي يشمل بن أفليك وأوسكار آيزك، ويصوّر المشاهد في مواقع مدهشة لكن خطيرة. توحي هذه المعطيات كلها بأن المخرج سيقدم عملاً درامياً آسراً آخر ومحكوماً بالنجاح.

تبدو مشاهد الحركة حيوية ومشوقة جداً، لكنّ الشخصيات سطحية لدرجة أن يعجز المشاهدون عن التواصل معها أو الاهتمام بقدرتها على الهرب مع الملايين المسروقة. ستكون الأحداث التي تلي عملية السرقة أكثر تشويقاً من التحضيرات لها، فيناضل أعضاء الفريق الخمسة لتجاوز العوائق المتلاحقة في منطقة خطيرة من أميركا الجنوبية، علماً أن عنوان الفيلم مستوحى منها (تلتقي بلدان باراغواي والبرازيل والأرجنتين في «منطقة الحدود الثلاثية» عند منعطف في «نهر بارانا»). لكن في هذه المرحلة من الفيلم، لن نعرف الكثير عن الشخصيات ولن نتعمق في قصصها كي نتأثر بالقرارات الصعبة التي تضطر لاتخاذها للبقاء على قيد الحياة.





يبدأ الفيلم مع ظهور «سانتياغو غارسيا» المعروف بلقب «بوب» (أوسكار آيزك)، وهو أصبح الآن عسكرياً متعاقداً خاصاً، فيقود فريقاً مدججاً بالأسلحة في مداهمة كبرى ضد مخبأ سري يعود إلى رئيس كارتل مخدرات داخل ديسكو. يتعاون في هذه العملية مع مُخبِرة (أدريا أرجونا التي يقتصر دورها على الركض واستعراض جمالها). يضع «بوب» خطة لسرقة مبلغ 75 مليون دولار الذي خبأه رئيس العصابة داخل قلعته الخفية التي يقيم فيها. لكنه يحتاج إلى مساعدة رفاقه القدامى. هكذا يتخذ الفيلم منحىً مألوفاً حين يبدأ بجمع أعضاء الفريق لتنفيذ عملية مشتركة أخيرة. لكنهم ينفذون المهمة هذه المرة لأنفسهم، لا لصالح أي حكومة أو إيديولوجيا معينة. يتطرق الفيلم إلى الفكرة القائلة إن هؤلاء الرجال قدموا كل ما لديهم لبلدانهم لكن بالكاد يستطيعون إعالة أنفسهم اليوم. هذه العبرة مثيرة للاهتمام وتكون المقاربة التي تشكك بالوطنية مشوقة بالقدر نفسه (إنه موضوع متكرر في كتابات مارك بول). لكنّ الأسلوب السطحي الذي يعكس مسار الحياة اليومية لتلك الشخصيات لا يترك صدىً مؤثراً بل يُجرّد العمل من قوته.

قد يكون «بوب» محرك الأحداث، لكنه ليس الشخصية الأكثر تطوراً في الفريق (مع أن آيزك يحافظ على حضور قوي على الشاشة دوماً). وحدها شخصية «توم ديفيس» الملقّب بـ»ريدفلاي»، والد أفليك المطلّق، تتطور بشكلٍ ملحوظ، فنشاهده في مرحلة مبكرة من الفيلم وهو يحاول بيع شقق رديئة بصفته سمساراً في فلوريدا. هو لا يزال رجلاً ضخماً، لكنّ أثقال العالم حين عاد مواطناً مدنياً دمّرته بكل وضوح، ويبدو الأكثر حاجة إلى الأموال النقدية التي تستهدفها خطة السرقة. يشمل الفريق أيضاً الأخوَين «ويليام ميلر» الملقّب بـ»أيرون هيد» (تشارلي هانام)، وهو يتنقل في كل مكان ويلقي خطابات تحفيزية، و»بن ميلر» (غاريت هيدلاند) الذي يتعارك مع الآخرين طوال الوقت بما أنه يجيد الفنون القتالية المختلطة. (كان اختيار هانام وهيدلاند الوسيمَين كشقيقَين في هذا الفيلم مثالياً لدرجة أن نستغرب عدم اختيارهما سابقاً). آخر عضو من الفريق هو بيدرو باسكال بدور «فرانشيسكو موراليس» الملقّب بـ»كات فيش»، وهو طيار خسر رخصته بسبب تعاطيه الكوكايين. تنشأ شرارات متقطعة بين هؤلاء الرجال حين يجتمعون مجدداً ويتذكرون الأيام الغابرة.

لكن يتمحور Triple Frontier بشكلٍ أساسي حول مشاهد الحركة التي تبدو متفاوتة. يكون مشهد السرقة مشوّقاً ويشمل جوانب ذكية. ورغم التخطيط المسبق والدقيق لعملية السرقة، سرعان ما تتحول إلى سباق ضد الزمن وتتخللها أحداث غير متوقعة. في هذه المرحلة بالذات، يتّضح للجميع أن الهرب مع المال سيكون أصعب من سرقته. مع كل خطوة يتخذها الفريق، يواجه المقاتلون معضلات جديدة تُعرّض حياتهم للخطر، وتبلغ الأحداث ذروتها في رحلة المروحية الخطيرة فوق جبال الأنديز. كل تضحية يقدمها الأبطال تجعلهم يتساءلون إذا كانت هذه المهمة تستحق العناء منذ البداية.

حين تسوء الأوضاع وتصبح الضغوط فائقة، من الطبيعي أن ينقلب الرجال على بعضهم. لكنّ العنصر الإنساني الجوهري في هذا السيناريو الاستثنائي لا يترك الأثر المنشود لأن المشاهدين لن يتعرفوا على الأبطال بما يكفي كي يتفاعلوا معهم، مع أنهم شاهدوهم في أسوأ أحوالهم وأفضلها على مر الفيلم.