تحكّم بوزنك بفضل خلّ التفاح المخمّر

02 : 00

لا يسهل الحفاظ على وزن صحي في جميع الظروف. قد يلجأ الناس إلى عدد من الاستراتيجيات لتسهيل فقدان الوزن. تقضي مقاربة مثيرة للاهتمام باستهلاك خل التفاح المخمّر بانتظام. يعطي هذا الخل عدداً من المنافع الصحية المحتملة، وقد زاد شيوعه في الفترة الأخيرة لأن المستهلكين يستعملونه لتحضير الطعام وللاعتناء بالشعر والبشرة أيضاً.



تكشف دراسة جديدة نشرتها «المجلة الطبية البريطانية» للتغذية والوقاية والصحة أنّ خل التفاح المخمّر قد يسهم في التحكم بالوزن لدى الراشدين الشباب البدينين أو أصحاب الوزن الزائد.

سجّل المشاركون في هذه التجربة تراجعاً بارزاً في وزنهم، ومحيط الخصر نسبةً إلى الورك، ومؤشر كتلة الجسم، ونسبة الدهون في الجسم.

كذلك، برزت منافع أخرى مثل تراجع سكر الدم، ومستوى الشحوم الثلاثية، والكولسترول. تشير النتائج إلى منافع محتملة للسيطرة على الوزن. يجب أن تؤكد الأبحاث المستقبلية هذه الاستنتاجات وتكتشف الآلية التي تجعل استهلاك خل التفاح يفيد فئات أخرى من الناس.

شملت الدراسة عدداً من الراشدين الشباب والمراهقين اللبنانيين، تتراوح أعمارهم بين 12 و25 عاماً. لم يكن المشاركون يأخذون أي دواء، وما كانوا مصابين بأي أمراض مزمنة.

بلغ مجموع المشاركين البدينين 120 شخصاً وانقسموا إلى أربع مجموعات. تلقّت المجموعة الأولى دواءً وهمياً، وأخذت المجموعات المتبقية جرعة محدّدة من خل التفاح المخمّر (5 أو 10 أو 15 ملليلتراً من الخل المذوّب في الماء يومياً).

في الوقت نفسه، تابع المشاركون حمياتهم الطبيعية ودوّنوا ما يأكلونه. جمع الباحثون عينات دم وبيانات حول قياسات الجسم كل أربعة أسابيع. امتدّت الدراسة على 12 أسبوعاً.

تبيّن أن جميع كميات خل التفاح المخمّر تُحسّن القياسات المتعلّقة بالوزن. بشكل عام، سجّل المشاركون في جميع المجموعات تراجعاً في الوزن، ومؤشر كتلة الجسم، ومحيط الخصر نسبةً إلى الورك، ونسبة الدهون في الجسم.

كذلك، تراجعت مستويات سكر الدم، والشحوم الثلاثية، والكولسترول الكلي، وسجّلت المجموعة التي تلقّت 15 ملليلتراً من خل التفاح المخمّر أكبر تراجع.

تأثرت النتائج بالجرعة المستهلكة على ما يبدو، فقد سجلت المجموعة التي أخذت أعلى جرعة من خل التفاح أكبر تراجع في الوزن ومؤشر كتلة الجسم.

لكن اختبرت المجموعات كلها تراجعاً مشابهاً في دهون الجسم ومحيط الخصر نسبةً إلى الورك. في الوقت نفسه، لم يواجه المشاركون أي آثار معاكسة أو ضارة بسبب هذه المقاربة. تشير النتائج إلى استراتيجية محتملة لتسهيل خسارة الوزن.

يقول المشرف على الدراسة، روني أبو خليل، رئيس قسم علم الأحياء في جامعة الروح القدس، الكسليك: «تكشف نتائج دراستنا أن إضافة خل التفاح المخمّر إلى الحمية الغذائية قد تشكّل علاجاً مساعِداً ومفيداً للتحكم بوزن المراهقين والراشدين الشباب إذا كانوا بدينين أو من أصحاب الوزن الزائد. قد يوصي الأطباء بأخذ مكملات خل التفاح كجزءٍ من برنامج شامل لفقدان الوزن، تزامناً مع تعديل الحمية الغذائية وأسلوب الحياة. لكن لا بدّ من إجراء أبحاث أخرى للتأكد من هذه النتائج وتحديد الجرعة المثالية ومدة أخذ مكملات خل التفاح».

هل تنطبق النتائج على كبار السن؟

يعترف الباحثون بأن دراستهم كانت محدودة على بعض المستويات. أولاً، ركّز العلماء على مجموعة سكانية معيّنة، ما يعني استحالة تعميم النتائج على جميع الناس. ثانياً، اقتصرت مدة الدراسة على 12 أسبوعاً، لذا يمكن إطالة فترة المراقبة وزيادة عدد المشاركين في الأبحاث المستقبلية.

أخيراً، استندت بعض البيانات إلى معلومات المشاركين التي لا تكون دقيقة دوماً. شملت قياسات سكر الدم تقييم مستويات السكر على الريق بدل اختبار الهيموغلوبين الغليكوزيلاتي. يُفترض أن تحصل أبحاث أخرى إذاً لمعرفة كيف يتأثر سكر الدم بخل التفاح المخمّر على المدى الطويل.

تعليقاً على النتائج الجديدة، تقول خبيرة التغذية كارين بيرغ (لم تشارك في البحث الجديد): «إنها دراسة قوية لأنها تستعمل الدواء الوهمي، ولم يعرف الباحثون ولا المشاركون حجم الجرعات المستعملة من خل التفاح. قد تكون الفئة العمرية الناحية السلبية الوحيدة في هذه الدراسة. تراوحت أعمار المشاركين بين 12 و25 عاماً. تشهد هذه المرحلة من حياة الناس تحوّلات كبرى، فيتغير الجسم كثيراً، وتحصل طفرات نمو بارزة، ويعمل الأيض بسرعة فائقة. لكن بما أن المشاركين في مختلف المجموعات كانت أعمارهم متشابهة، فمن الإيجابي أن يقارن الباحثون بين من تلقوا خل التفاح المخمّر ومن امتنعوا عن استهلاكه ولم يسجلوا أي تغيرات بارزة عند أخذ الدواء الوهمي».

تعليقاً على المجالات التي تستحق متابعة الاستكشاف، يقول أبو خليل: «قد تحلل الأبحاث المستقبلية الآليات الكامنة وراء تأثير خل التفاح المخمّر على الوزن وصحة الأيض، وتستكشف الاختلافات المحتملة رداً على مكملات خل التفاح استناداً إلى خصائص فردية مثل العمر، والجنس، ووضع الأيض الأساسي، وتُقيّم خل التفاح كخيار آمن ومستدام على المدى الطويل للتحكّم بالوزن. كذلك، قد تطرح الدراسات أفكاراً مفيدة عن دور خل التفاح في السيطرة على البدانة عبر مقارنته بمقاربات أخرى لإنقاص الوزن أو تحليل فاعليته عند جمعه مع مكملات غذائية أخرى».

ما أهمية التحكّم بالوزن للحفاظ على الصحة؟

يُعتبر الحفاظ على وزن صحي عنصراً أساسياً لحماية الصحة، فهو يسهم في تخفيض مخاطر الإصابة ببعض الأمراض المزمنة، مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري. قد يحاول الناس الحفاظ على وزن صحي عبر ممارسة التمارين الجسدية بانتظام. تكون الحمية الغذائية عنصراً أساسياً آخر للتحكم بالوزن. قد يختار الناس بعض الأنماط الغذائية المحدّدة التي تُسهّل إنقاص الوزن، مع أن فاعليتها تتفاوت من شخص إلى آخر. غالباً ما يصبّ التركيز على الحد من السعرات الحرارية المستهلكة واختيار نوعية المأكولات المناسبة.

توضح كالين ترو، خبيرة تغذية في «نظام ميموريال هيرمان الصحي» في هيوستن (لم تشارك في الدراسة الجديدة): «التحكم بالوزن عامل ضروري لأسباب متنوعة، فهو يفيد الصحة الجسدية والنفسية في آن».

يعطي الوزن الصحي المنافع التالية:

• تخفيض مخاطر الأمراض المزمنة: تزيد البدانة أو الوزن الزائد خطر الإصابة بمشاكل صحية خطيرة مثل أمراض القلب، والنوع الثاني من السكري، والجلطات الدماغية، وبعض أنواع السرطان، وانقطاع التنفس أثناء النوم. في المقابل، يسمح الحفاظ على وزن صحي بتخفيض خطر الإصابة بتلك الأمراض.

• تحسين الصحة الجسدية: يؤدي التحكم بالوزن إلى زيادة مستويات الطاقة، وتوسيع نطاق الحركة والمرونة، وتخفيف الضغط على المفاصل.

• زيادة الراحة النفسية: يتحسن مستوى تقدير الذات والصورة التي يحملها الناس عن جسمهم بعد فقدان الوزن، وتتراجع أيضاً أعراض الاكتئاب والقلق.

• تحسين نوعية الحياة: من الأسهل على أصحاب الوزن الصحي أن يمارسوا التمارين الجسدية ويستجمعوا طاقتهم للعمل والمشاركة في نشاطات عائلية واجتماعية.

في ما يخص استعمال خل التفاح لإنقاص الوزن، قد يعطي هذا المنتج بعض المنافع الصحية، لكن لا يمكن التأكيد منذ الآن على قدراته الحقيقية كخيار بديل للسيطرة على الوزن.

في النهاية، تحذّر ترو: «ينجم خل التفاح المخمّر عن تخمير عصير التفاح، ويُعتبر هذا العنصر الطبيعي فيه جاذباً. اعتُبِر خل التفاح خياراً لتسهيل الهضم وإنقاص الوزن منذ فترة طويلة، لكن لم تكن الأبحاث التي اختبرت مفعوله على البشر قوية بما يكفي حتى الآن لتأكيد وجود روابط واضحة أو طرح توصيات دقيقة».