الأفاعي أساس تطوّر الزواحف

02 : 00

ظهرت الأفاعي على سطح الأرض فجأةً منذ 128 مليون سنة تقريباً، ثم زادت تنوعاً إلى أن بلغ عدد أجناسها حوالى أربعة آلاف اليوم.

لكن لا يمكن ربط شيوعها بتخليها عن أطرافها وإطالة جسمها بكل بساطة. يفتقر 25 نوعاً مختلفاً من السحالي إلى الأطراف، ومع ذلك لم يبلغ أي نوع من الزواحف مستوى التنوع الموجود وسط الأفاعي. لتفسير نجاحها، حلل عالِم البيئة الكلية التطورية، باسكال تايتل، من جامعة «ستوني بروك» العوامل الوراثية والحميات الغذائية لدى أكثر من 60 ألف عيّنة من الأفاعي والسحالي المأخوذة من متاحف عالمية لفهم أسباب نجاح هذا النمط من الحياة.

يوضح عالِم الأحياء التطوري، دانيال رابوسكي، من جامعة ميشيغن: «اكتشفنا أن الأفاعي راحت تتطور بوتيرة أسرع من السحالي في بعض المجالات المهمة، وقد سمحت لها سرعة التطور بالاستفادة من فرص جديدة لم تحصل عليها السحالي الأخرى».

يبدو أن الأفاعي تحمل بعض المزايا التطورية، فهي مرّت بمجموعة سريعة من الابتكارات البيولوجية الناجحة التي سمحت لها بالازدهار والتكاثر. تتعدد العوامل الكامنة وراء هذه العملية برأي الباحثين، لكن تتميز الأفاعي عن الزواحف الأخرى بأسلوبها الغذائي، فهي تملك جمجمة مرنة تسمح لها بابتلاع حيوانات أكبر من رأسها بكثير، فضلاً عن نظام كيماوي متطور لرصد الفرائس وتعقبها.

شمل التحليل الوراثي الجديد 1018 فصيلة من الأفاعي والسحالي، واكتشف أن الأفاعي بدأت تتطور بوتيرة أسرع من السحالي بثلاث مرات، علماً أن مراحل تطورها السريع كانت متعددة على مر التاريخ. عندما قضى الكويكب على الديناصورات غير الطائرة منذ 66 مليون سنة، كانت الأفاعي مزوّدة بأدوات بيولوجية للصمود، حتى أنها تتمتع بقدرة وراثية على التكيّف سريعاً مع البيئات المتبدلة من حولها وتستفيد من المساحات الخالية.

لا يزال العامل الوراثي الذي يفسّر تطورها السريع غامضاً حتى الآن. لكن ربما تدين الأرض بمظاهر حياتها المدهشة لأحداث مفاجئة ومؤثرة مثل الصفات التطورية الكلية، حين يظهر خليط مثالي من الخصائص والظروف غير المتوقعة.

تُعتبر هذه الدراسة مثيرة للاهتمام لأنها تجمع بين مجال يصعب استكشافه، وبيانات من المتاحف، ووسائل جينومية وتحليلية جديدة، لإثبات حقيقة بيولوجية أساسية: الأفاعي كائنات استثنائية ومميزة جداً.

MISS 3