سعد العولقي ومهمّة رصّ صفوف "القاعدة" في اليمن

02 : 00

تُواجه قوات الحكومة الشرعية في اليمن تحدّيات على جبهتَي «القاعدة» والحوثيين (أ ف ب)

أعادت وفاة زعيم تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب خالد باطرفي وتعيين سعد العولقي خلفاً له، تسليط الضوء على نشاط التنظيم الإرهابي الذي شهد خلال السنوات الماضية تراجعاً كبيراً بفعل الخلافات التي عصفت به، فيما يُمثّل تولية العولقي، وهو في الأربعينات من العمر، زعيماً في الوقت الحالي، محاولة لإحياء التنظيم وإعادة رصّ صفوفه التي اضطربت خلال فترة سلفه.

وأعلن التنظيم الأحد وفاة باطرفي من دون أنّ يُقدّم أسباباً لذلك، بحسب بيان لمركز «سايت» الذي يرصد وسائل الإعلام الجهادية. غير أن مصادر قبلية وأخرى محلّية على صلة بالتنظيم، أشارت إلى أن باطرفي توفي متأثراً بمرض خبيث كان يُعاني منه منذ فترة طويلة، وقد ساءت حالته بعد وفاة الطبيب الذي كان يقوم بالإشراف على علاجه ويُدعى أبو عبدالله السوري، المعروف بـ»طبيب القاعدة». ويُشير الباحث في الجماعات الجهادية عاصم الصبري لوكالة «فرانس برس» إلى أن وصول العولقي إلى قيادة القاعدة في اليمن سيكون «بمثابة انتعاشة كبيرة للتنظيم الذي يُعاني من أزمة مالية، بالإضافة إلى الخلافات العالقة بين التنظيم والعديد من القبائل اليمنية إبّان إمارة خالد باطرفي».

ويُعدّ العولقي، وهو من أبناء قبيلة العوالق في محافظة شبوة، من القيادات الميدانية البارزة والنشطة في القاعدة. ويلفت الصبري إلى أن العولقي سيعمل على حلّ كلّ تلك الأزمات وإنهاء خلافات التنظيم مع القبائل اليمنية. والعولقي عضو في مجلس شورى التنظيم وعلى لائحة «برنامج المكافآت من أجل العدالة» الأميركي. وعرضت الولايات المتحدة مكافأة تصل إلى 6 ملايين دولار لمَن يُدلي بمعلومات عنه. وذكرت الخارجية الأميركية أنّ العولقي «دعا علناً إلى شنّ هجمات على الولايات المتحدة وحلفائها».

وفي ما يتعلّق بالعمليات الإرهابية الخارجية للتنظيم، يعتبر الصبري أن «تنظيم القاعدة يُعاني من أزمات داخلية، وهو ما يُعرقل تنفيذ أي عمل خارجي، لكن لا نستبعد أن يُحاول التنظيم تنفيذ عمليات في الغرب».

وتؤكد مصادر قبلية ومحلّية متقاطعة لـ»فرانس برس» أن العولقي، الذي عُيّن بوصيّة من باطرفي، يحظى بتأييد معظم قيادات وأعضاء التنظيم، وأن هناك مباركة من قيادات ميدانية ودينية لتعيينه، وتفاؤلاً كبيراً بقدرته على إعادة التنظيم للواجهة بعد قرابة عامين من الأفول.

ويُشير مصدر قبلي إلى أن «العولقي قد يستغلّ علاقاته في المرحلة الحالية لاستعادة الحاضنة القبلية للتنظيم، خصوصاً في شبوة التي كانت معقلاً بارزاً ومنطلقاً لعمليات التنظيم، وإعادة بناء معاقله التي دمّرتها القوات الحكومية في شبوة وأبين».

وقُتل عنصران من القوات الحكومية اليمنية جرّاء هجوم في جنوب البلاد الأحد، نُسب إلى تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب، في أوّل هجوم للتنظيم عقب تعيين العولقي. وبالتالي، يقول الباحث الزميل في منتدى الشرق الأوسط أيمن جواد التميمي: «ألاحظ أنه في دعاية تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، فإنّ معظم الحديث عن العمليات هذه الأيام يدور حول قتال الجماعات اليمنية المدعومة من الإمارات».

تأسّس تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب في العام 2009 على يد أسامة بن لادن بدمج فصائل التنظيم السعودية واليمنية، وبرز خلال الفوضى التي أنتجتها الحرب في اليمن، في وقت كان المتمرّدون الحوثيون المدعومون من إيران يُقاتلون في وجه التحالف العسكري الذي تقوده السعودية منذ العام 2015.

تبنّى هذا التنظيم الهجوم الإرهابي على مجلّة «شارلي إيبدو» في العاصمة الفرنسية باريس عام 2015 والذي أسفر عن مقتل 12 شخصاً. وبالتالي، يُعتبر تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب من أهمّ وأخطر أذرع التنظيم الأساسي، لكن نشاطه تراجع بشكل كبير مع تولّي باطرفي للقيادة خلفاً لقاسم الريمي الذي قُتل بضربة أميركية في شباط 2020، ما شكّل ضربة قاصمة للتنظيم آنذاك، فهل ينجح العولقي في إعادة توسيع دوره وتعميق نفوذه؟

MISS 3