ستيفاني غصيبه

«طرابلس جوهرة على المتوسط»...

عروض وأفلام ضمن "مهرجان بيروت للأفلام الفنية"

10 نيسان 2024

02 : 00

ينظّم «مهرجان بيروت للأفلام الفنية» سلسلة مؤلّفة من 9 ندوات وثلاثة عروض أفلام تحمل عنوان «طرابلس، جوهرة على المتوسط» للإحتفاء بـ «العاصمة الثقافية للعالم العربي لعام 2024». فطرابلس الغارقة تحت الأحكام المسبقة والمفاهيم الخاطئة، ستكون تحت مجهر خبراء في الفنّ والثقافة والتاريخ والمجتمع من 15 نيسان حتّى 3 حزيران، وسيكون الدخول مجانياً بلا حجز مسبق. كذلك، ولأنّ كلّ الأحاديث عن طرابلس تسقط أمام رؤية سحرها، تواكب السلسلة ابتداءً من 11 أيّار جولات إرشاديّة في عاصمة لبنان الثانية مع Brazilia Travel.



بعد سنة كاملة من العمل على المشروع حتّى يبصر النور، تقول رئيسة «مهرجان بيروت للأفلام الفنية» أليس مغبغب إنّ «طرابلس، بذاتها متحف حي، بأدق تفاصيلها». ففي وقت ينهمك فيه العالم في تشييد المتاحف التي لا يستهان بكلفتها، نجد طرابلس بنفسها معرضاً صامداً، لا يحتاج إلّا إلى حمايته من استهتارنا وفسادنا، حتّى لا نقول استهتار وفساد الوزارات المسؤولة عن التحف الأثريّة التي تأويها عاصمة الشمال والتي صُنّف بعضها ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو.

وتضيف مغبغب: «فيما لا يمكننا العودة إلى الوراء للإصلاح، حلّنا الوحيد هو التأقلم والتطوير، ومسؤوليتنا تسليط الضوء على جمال طرابلس وإرثها الفريد».

واللافت في هذه السلسلة، أنّها تنظم في بيروت، بين الـ West Hall في «الجامعة الأميركيّة في بيروت» ومسرح «بيريت» في «جامعة القدّيس يوسف». فربّما، شباب بيروت هم أكثر من يحتاج إلى التعرّف بالعمق على طرابلس، علماً أنّ جزءاً كبيراً منهم لم يزرها أبداً. كما أنّ الشباب حاضر في الندوات أيضاً، فمن قال إنّ الخبراء كلّهم من الحقبة العمريّة نفسها؟

وما كانت هذه الدورة الخاصة من المهرجان التي خصّصها للرصيد الإنساني والثقافي الذي تتغنى به طرابلس، لترى النور لولا الدعم الذي تلقّته من «مؤسسة سعد الله ولبنى خليل»، و»مركز الفنون والآداب» في «الجامعة الأميركية»، ومسرح «بيريت» و»كلية الموسيقى وعلم الموسيقى» في «الجامعة الأنطونية».

مدينة التراث والحداثة

تتميز طرابلس بموقعها الجغرافي ونسيجها الاجتماعي والثقافي المتنوع الذي خولها استقطاب الجوار فلعبت حتى ثمانينات القرن المنصرم دور عاصمة لبنان الثانية؛ وهي ثاني مدينة مملوكية بعد القاهرة ولا تزال مواقعها الأثرية ومبانيها التراثية تشهد، على الرغم من الإهمال، على تاريخها العريق. كما أنها تضم معلماً يعتبر رمزاً من رموز الحداثة المعمارية في السبعينات، وهو «معرض رشيد كرامي الدولي»، الذي أُدرج مؤخراً على لائحة التراث العالمي لليونسكو. لذا، فهي مدينة تجمع بين التراث والحداثة. وقد عرفت على مدى العقود تحولات كثيرة أثرت على دورها وموقعها وهويتها وتراثها.

لذا، تطمح الندوة الأولى التي تقام في 15 نيسان الجاري الساعة الخامسة مساءً في «أوديتوريوم باتهيش» في الجامعة الأميركيّة، إلى رصد مسار هذه التحولات وانعكاساتها على الصعد الثقافية والاجتماعية والعمرانية. يشارك فيها الدكتور خالد زيادة، الدكتور مصباح رجب، الدكتور نبيل عيتاني، ويديرها الدكتور جان جبّور.

المدينة بعيون الكتّاب

تستضيف الندوة الثانية في 22 نيسان الجاري الساعة الخامسة مساءً في «أوديتوريوم 310» في «الجامعة الأميركيّة»، ثلاثة كتّاب شغلتهم التحولات التي طرأت على طرابلس منذ الخمسينات، وصولاً إلى يومنا هذا. فقد أراد كل من جان توما في «يوميات مدينة»، وفضل زيادة في «أم أحمد أم أنطون» الحفاظ على ذاكرة المدينة الاجتماعية من خلال عملين سرديين تتقاطع فيهما السيرة الذاتية مع سيرة المدينة. أما محمد أبي سمرا، فقد استند إلى التحقيقات الصحافية التي أجراها في المدينة وعنها، على مراحل عدة وفي فترات زمنية مختلفة ليؤلف كتابه «طرابلس: ساحة الله وميناء الحداثة» الذي يندرج في سياق توجه جديد في كتابة التاريخ لا يكتفي بسرد الوقائع بل يستحضر الفاعلين الأساسيين ويحاول الإضاءة على دوافعهم وملامحهم الاجتماعية والسياسية والعقائدية. وتدير الجلسة الدكتورة زهيدة درويش جبور، حيث تقودنا لزيارة المدينة عبر الكتّاب المشاركين.

مقامات طرابلسيّة

نصل الى الندوة الثالثة في 29 نيسان الجاري الساعة الخامسة مساءً في «أوديتوريوم A» في «الجامعة الأميركيّة» التي تنظم تحت إدارة البروفيسور نداء أبو مراد ومشاركة كلّ من الدكتور هياف ياسين ومحمّد جبخنجيّ. أمّا هدفها فيكمن في توصيف التقاليد الموسيقيّة المقاميّة الأساسيّة الحيّة في طرابلس.

تُعتبر البيئة الطرابلسيّة من أعرق البيئات الاجتماعيّة اللبنانيّة في احتضانها التقاليد الموسيقيّة المقاميّة المشرقيّة. وتنقسم هذه التقاليد بين ما هو روحيّ، كالإنشاد الصوفيّ الإسلاميّ والترنيم الكنسيّ، وبين ما هو فنّيّ، أي التقليد الموسيقيّ الفنّيّ المشرقيّ العربيّ، وبين ما هو شعبيّ، أي التقاليد الموسيقيّة الشعبيّة المدنيّة في طرابلس. وهذه التقاليد، بغضّ النظر عن فوارقها الدينيّة والاجتماعيّة، يتغذّى بعضها من بعض على مرّ العصور، وتتخطّى الحدود المناطقيّة لتشكّل مكوّناً أساسيّاً لما يُمكن تسميته مجازاً «لسان المشرق العربيّ الموسيقيّ المقاميّ».

الحب عن بعد

أقامت الكونتيسة كليمنس في طرابلس في القرن الثالث عشر، وتجسّد الصورة المثالية التي تخيّلها التروبادور جوفري روديل الذي يقرّر منذ تلك اللحظة الانطلاق في ملحمةٍ شرقيةٍ بحثاً عنها. لكن تاناتوس الذي تشتعل الغيرة في قلبه من إيروس قد ضرب موعداً: يضع المرض حداً لحياة جوفري الذي يموت بين يدي الكونتيسة التي وجدها بعد عناءٍ.

«الحب عن بعد» هو عمل أوبرالي من خمسة فصول، يستند إلى كتاب أمين معلوف وموسيقى كايا سآرياهو، جامعاً بين عالمين مختلفين يتوقان للالتقاء: عملٌ غنائي تدور أحداثه في القرون الوسطى بألحانٍ عصرية الإيقاع وفيض من كلماتٍ تُغنّى على نغمات مبسّطة، ليروي قصة الغرب الشغوف الذي يمدّ يده للشرق المضياف الفاتح ذراعيه.

ولمناقشة هذا العمل، تجتمع زينة صالح كيالي وسيسي بابا في 30 نيسان في مسرح «بيريت» في جامعة القدّيس يوسف الساعة السابعة مساءً.

بين ريموند دو سان جيل والمنصور قلاوون وعزمي بك

تلقي هذه المحاضرة الضوء على رحلة طرابلس الرائعة بين الساحل والمدينة القديمة الحالية، على ضفاف نهر أبو علي وتحت القلعة ومركز المدينة العثمانية المتأخرة حول ساحة التل، إذ كانت طرابلس في شبه جزيرة الميناء منذ العصر الفينيقي حتى وصول الحملة الصليبية الأولى.

ويشارك في الجلسة التي تقام في 7 أيّار الساعة الخامسة مساءً في «أوديتوريوم C» في «الجامعة الأميركيّة»، كلّ من باسم زودة والدكتور ناهد غزال، ويديرها الدكتور جان ياسمين.

معرض رشيد كرامي الدولي

تبدأ الندوة مع عرض الفيلم الوثائقيNiemeyer 4 Ever، الذي أخرجه نقولا خوري عام 2018 عن معرض طرابلس الدولي لأوسكار نيماير، منذ بنائه وحتى سنوات الحرب وما بعد الحرب.

بعدها، يناقش الدكتور مصباح رجب في 13 أيّار الساعة الخامسة مساءً في «أوديتوريوم باتهيش» في الجامعة الأميركيّة، عملية الترميم ومشروع الحفاظ على مباني المعرض مع المهندسين المعماريين نيكولا فياض وشارل كتانة، اللذين يقدمان مشروعهما لتجديد جناح «بيت الضيافة» ضمن المعرض، والذي حصلا عليه على جائزة «الآغا خان» عام 2023.

الإرث المعماري خلال الإنتداب

في 20 أيّار الساعة الخامسة مساءً في «أوديتوريوم باتهيش» في «الجامعة الأميركيّة»، يعرّف المهندس المعماري وعالم الآثار الدكتور هاني قهوجي - جنحو بالعمارة في مدينة طرابلس في الفترة ما بين 1920-1940 التي تمثّل حقبة الانتداب، ليبيّن خصائصها ومكوناتها وهويتها. وتتطرّق الدكتورة مها كيّال إلى السياق الاجتماعي والحضري لهذه العمارة والتحولات العميقة التي شهدها هذا النوع من الإرث المعماري. كما تروي تجربتها اليومية داخل منزلٍ يعود إلى حقبة الانتداب. وأخيراً، تسلّط المهندسة المعمارية والمتخصصة في الترميم سالي قاسم الضوء على التحديات والضغوط التي تمارس على هذه الأحياء والخيارات المتاحة للحفاظ عليها. أمّا عالمة الآثار الدكتورة ياسمين معكرون، فتتولّى إدارة هذه المداخلات الثلاث التي تفتح النقاش حول أهمية هذا الكنز الطرابلسي المدفون وتردّي أوضاعه.

طرابلس على الشاشة الكبيرة

احتلت السينما في الحقبة بين عام 1930 وحتى نهاية القرن العشرين مكانةً بارزةً في حياة الطرابلسيين. وقد تخطى عدد صالات السينما الثلاثين صالة، وكانت تتوزّع في جميع أرجاء المدينة، من ساحة التل إلى البوليفار، مروراً بالأحياء الداخلية في باب التبانة، ووصولاً إلى المينا.

للأسف، لم تحظ هذه المدينة بفرصةٍ جدّيةٍ لتصويرها، بل ظلّت بيروت النجمة السينمائية الأكبر. لكن منذ بضع سنوات، وعلى الرغم من إغلاق بعض صالات السينما، تُعيد طرابلس روابطها مع الفن السابع بفضل «مهرجان طرابلس للأفلام» وعرض الأفلام وسط مناظرها الطبيعية التي لم تصل يد البشر إليها بعد.

والهدف من هذه الطاولة المستديرة التي يديرها هادي زكاك وزينة دكاش، وعرض أفلام «أنا يا بحر منك» لفيروز سرحال و»ابن القمرجي» لكارلوس شاهين، هو استكشاف طرابلس عن طريق السينما. والموعد في 27 أيّار الساعة الخامسة مساءً في «أوديتوريوم باتهيش» في «الجامعة الأميركيّة.»


أحد الأفلام الثلاثة التي تُعرض في الجامعة الأميركيّة في بيروت



ملصق السلسلة



أحد الأفلام الثلاثة التي تُعرض في الجامعة الأميركيّة في بيروت



أحد الأفلام الثلاثة التي تُعرض في الجامعة الأميركيّة في بيروت




أربع نساء من أجل طرابلس

في ختام هذه السلسلة، تلتقي سارة الشريف ولمياء كركور وأنستازيا الروس وليا بارودي، اللواتي أسّسن ويُدِرن أربع منظماتٍ غير حكوميةٍ مقرّها ونشاطها في طرابلس («روّاد التنمية»، و»تري-بولي»، و»ورشة»، و»مارش»).

فتتحمّل طرابلس التي أنهكتها الحرب الأهلية اللبنانية وتداعياتها منذ سنوات عدّة نتائج الأزمة الاقتصادية والصراع المسلّح بِبُعده الإقليمي. وقد انخرطت هؤلاء الناشطات الأربع في مجالات تعليم الشباب والنساء وتوفير التطوير المهني لهم، إلى جانب المصالحة والسلم الاجتماعي. وتُدير الحوار الصحافية جودي الأسمر في 3 حزيران الساعة الخامسة مساءً في «أوديتوريوم باتهيش» في «الجامعة الأميركيّة».

MISS 3