بكين لمتظاهري هونغ كونغ: من يلعب بالنار سيحترق بها!

خطط نشر صواريخ أميركيّة في آسيا تستفزّ الصين

10 : 10

التظاهرات مستمرة وتوقعات بازدياد العنف (أ ف ب)

حذّرت الصين من أنّها ستتّخذ تدابير مضادة لم تُحدّدها في حال مضت الولايات المتّحدة الأميركيّة في خطط نشر صواريخ متوسّطة المدى في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. وجاء التحذير الصيني بعد أيّام من إعلان وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر أنّه بات بإمكان بلاده نشر تلك الأسلحة في أعقاب انسحابها الأسبوع الماضي من معاهدة الحدّ من انتشار الأسلحة النوويّة المتوسّطة المدى الموقّعة مع روسيا.

وقال المدير العام لمراقبة الأسلحة في وزارة الخارجيّة الصينيّة فو كونغ للصحافيين: "الصين لن تبقى مكتوفة اليدين، وستكون مضطرّة إلى اتّخاذ تدابير مضادة في حال نشرت واشنطن صواريخ أرض متوسّطة المدى في هذه المنطقة من العالم"، مضيفاً: "ندعو جيراننا من الدول المجاورة إلى توخّي الحذر وعدم السماح بنشر الولايات المتّحدة صواريخها المتوسّطة المدى على أراضيها"، مسمّياً أستراليا واليابان وكوريا الجنوبيّة. ورأى أن "هذا لن يكون في مصلحة الأمن القومي لتلك الدول". ولفت إلى أنّه من المهمّ أن تُدرك واشنطن بأنّها تقترح نشر الأسلحة على "أبواب" الصين.

ولطالما اعتُبرت معاهدة الحدّ من انتشار الأسلحة النوويّة المتوسّطة المدى أساساً في هندسة مراقبة الأسلحة عالميّاً، لكن واشنطن رأت أن المعاهدة الثنائيّة منحت دولاً أخرى، وتحديداً الصين، حرّية تطوير صواريخها. وكان وزير الدفاع الأميركي الجديد أعلن السبت أنّ بلاده تُريد الإسراع في نشر صواريخ جديدة في آسيا، إلّا أنّه صرّح بأنّ النشر الفعلي للصواريخ "سيحصل بعد فترة طويلة". وزادت تلك التصريحات من غضب الصين، التي تُقارع واشنطن على بسط نفوذها على المنطقة، لكن إسبر اعتبر أن بكين يجب ألّا تُفاجأ بالخطط الأميركيّة.

ولم يُحدّد الوزير الأميركي المكان الذي تعتزم فيه واشنطن نشر تلك الأسلحة، لكن خبراء رجّحوا أن يكون جزيرة غوام، التي تضمّ منشآت عسكريّة أميركيّة مهمّة. وفي هذا السياق، رأى فو كونغ أن أيّ نشر للصواريخ في غوام، على بُعد نحو 3 آلاف كلم من شنغهاي على الساحل الشرقي للصين، سيُعدّ "عملاً استفزازيّاً كبيراً من جانب الولايات المتّحدة وقد يكون خطيراً جدّاً".

واستبعدت أستراليا أمس الأوّل احتمال نشر الصواريخ على أراضيها، مشيرةً إلى أنّه لم يُطلب أساساً من كانبيرا استقبالها. كذلك أعلنت وزارة الدفاع الكوريّة الجنوبيّة أنّه لم تُجرَ أيّ مباحثات مع الولايات المتّحدة في شأن نشر صواريخ متوسّطة المدى.

وفي ملف هونغ كونغ، وجّهت السلطات الصينيّة تحذيراً هو الأشدّ حتّى اللحظة للمتظاهرين في المستعمرة البريطانيّة السابقة الذين يتحدّونها منذ شهرين، معتبرةً أن "من يلعب بالنار يحترق بها" وملوّحةً بـ"القوّة الهائلة" للحكومة المركزيّة. وغداة يوم من الفوضى في هذه المنطقة الواقعة جنوب الصين، شهد اضراباً عاماً واضطرابات في وسائل النقل، صعّدت السلطات الصينيّة لهجتها بأمل دفع المحتجّين الداعين إلى الديموقراطيّة إلى التوقّف عن التظاهر.

وقال المتحدّث باسم مكتب شؤون ماكاو وهونغ كونغ، يانغ غوانغ: "لا تستهينوا البتة بالتصميم الحازم وبالقوّة الهائلة للحكومة المركزيّة"، متّهماً "حفنة من الناشطين" بتدبير الاضطرابات بدعم من قوى أجنبيّة، لم يُحدّدها. وتابع: "يجب أن يكون واضحاً جدّاً لهذه الزمرة من المجرمين العنيفين والعديمي الأخلاق والقوى المقيتة التي يحتمون بها، أن من يلعب بالنار سيحترق بها"، مشدّداً على أنّه "ستتمّ معاقبتهم في نهاية المطاف". وهذا أقوى تحذير توجّهه بكين منذ بداية الاحتجاجات في مستهلّ حزيران، إثر مشروع قانون كان غرضه السماح بترحيل مدانين إلى الصين القاريّة. ومع أنّ مشروع القانون عُلّق، فقد استمرّت التظاهرات متّخذةً طابعاً يزداد عنفاً مع الوقت. ويُطالب المحتجّون بالتخلّي نهائيّاً عن مشروع القانون وبرحيل رئيسة الحكومة المحلّية كاري لام، المدعومة من بكين. وردّاً على سؤال عن احتمال تدخّل الجيش، أجاب يانغ أن الحكومة والشرطة المحلّيتين "قادرتان تماماً على معاقبة العنيفين وفق القانون واستعادة النظام والاستقرار الاجتماعي".

ونشر الجيش الصيني الأسبوع الماضي، شريطاً لا يخلو من تهديد مبطّن، يُصوّر جنوداً صينيين وهم يردعون أعمال شغب في هونغ كونغ. ويملك الجيش الصيني ثكنة فيها آلاف الجنود في هونغ كونغ. وحذّر قائد هذه الحامية أخيراً من أن القانون يسمح بتدخّل الجيش لإعادة فرض النظام إذا طلبت ذلك منه السلطات المحلّية. ومن شأن مثل هذا التدخّل، إذا حصل، أن يُعيد إلى الأذهان ذكرى قمع متظاهري "ربيع بكين"، الذي خلّف مئات القتلى العام 1989 في العاصمة الصينيّة. كما يُمكن أن يؤدّي إلى كارثة ماليّة في إحدى أكبر بورصات آسيا.


MISS 3