"حتّى ما يستشهد باسكال مرتين"... الحواط: "ولادنا بالدقّ"

15 : 52

ألقى النائب زياد الحواط كلمة خلال وداع باسكال سليمان، قال فيها: "لبنان اليوم حزين وجبيل أيضاً، كانت تتحضر لاستقبال الربيع ولكن سبقها شيطان الموت والاغتيال والإجرام ليعكر حب الحياة ويوتر الأجواء فيلُفَ المنطقة وأهلها بالسواد واختار أفضل شبابها واقربهم للناس، والظاهر ان هذا الشيطان اللعين لا يعرف حقيقة بلاد جبيل وأولادها الذين تضامنوا جميعاً في وجهه، وهو لا يعرف "القوات اللبنانية" التي "عرفت قبلو شياطين كتار" ولم تقوَ عليها أبواب الجحيم في الماضي ولن تقوى اليوم".


وشدّد على أن "من ارتكب جريمة قتل الحبيب باسكال كان يريده أن يموت ويدفن اليوم. ولكن بإسم كل الحاضرين أقول: باسكال حيٌّ لا يموت، باسكال حيٌّ فينا"، مضيفاً: "من ارتكب هذه الجريمة كان يسعى من خلال هذه الخطوة إلى الفتنة وموت لبنان. من هنا، أؤكد أن لا مكان للفتنة لا في جبيل ولا في كسروان ولا في أي منطقة لبنانية، ولن نسمح "يصير يللي ما صار بالحرب رغم كل قساوتها، يصير بعد الحرب".


وأكد الحواط أن "النموذج الجبيلي الكسرواني الذي يرتكز على العيش المشترك والتواصل والتفاعل الإيجابي نموذج لكل لبنان، ونحن نحميه بـ"رموش العين" رغم كل الطارئين والمحرضين، فالاختلاف بالرأي أمر والعيش بسلام واستقرار مع بعضنا البعض أمر آخر".


أضاف: "المشكلة الحقيقية واضحة وهي بين مشروعين: الأول يريد الحفاظ على لبنان والآخر "بدو يطيّر لبنان اذا ما طيروا بعد". مشكلتنا مع هذا المشروع بالمغامرات التي لا حدود لها، فقد تدخل بالحروب العبثية واتى بالويلات للبنان، وهو عند كل استحقاق يعطل انتخاب رئيس للجمهورية ويضرب الدستور وساهم في تفكيك الدولة وانحلالها ودمر القضاء وشرع الحدود لتهريب الحجر والبشر. هذا المشروع الذي يعمل على حرف الانظار عن تداعيات حرب الجنوب والمشاكل والمآسي، بالمختصر مشروع صنع خارج لبنان".


وأثنى الحواط على مزايا الشهيد، قائلاً: "خسرت باسكال عائلته الصغيرة، هذه العائلة المسيحية المسالمة التي تعيش في إيمان ورجاء وتمثّل العائلة اللبنانية المقاومة والمناضلة في هذا الزمن الصعب، هي عائلة لا تستسلم لا بل تنشر الأمل رغم كل شي ومنها نتعلّم، تمنحنا القوة والأمل بأن لبنان لا يموت. كما خسرت باسكال أيضًا عائلته الأكبر: القوات اللبنانية، خسرت العقل الراجح، وخادم القضيّة الذي لا يتعب ولا ينعس ككل رفاقه حراس القضية اللبنانية، خسرت المسؤول المنفتح على الكل، الآدمي العصامي الذي يتابع الكبيرة والصغيرة، ولكن عمل باسكال في منسقية جبيل مستمراً من خلال رفاقه والركائز التي وضعها".


وإذ طالب بوجوب "إجراء تحقيق جديّ، شفاف وواضح في هذه الجريمة وليس تحقيقاً في سبيل إخفاء الحقيقة "حتى ما يموت باسكال مرتين"، لفت الحواط إلى "أن الخوف نابع من تجارب الماضي، لا نريد أن يُصدِر الناس القرار الاتهامي بل القضاء اللبناني، نرفض أن يكون القاتل معلوماً ومكشوفاً والفاعل عند القضاء يبقى مجهولاً، نريد أن نعرف من خطّط، ومن شغّل، ومن استفاد، ولماذا وكيف!؟ نريد أن نعرف كيف تسرح وتمرح سيارة فيها قتيل ين ميفوق والداخل السوري والدولة آخر من يعلم، رغم اننا ابلغنا القوى الامنية منذ اللحظة الاولى عن وقوع الحادثة".


وشدد على انه "في انتظار نتيجة التحقيق تعتبر هذه الجريمة سياسية بامتياز حتى إثبات العكس، وما حصل هو نتيجة الفوضى والفلتان وتغييب الدولة ورعاية الدويلة للعصابات والسرقات والتعديات والخطف وتهريب المخدرات والسلاح، نتيجة خلق ملاذ آمن لكل شذّاذ الآفاق والمجرمين والعصابات والأشرار وقطّاع الطرق، ما حصل هو نتيجة السلاح المتفلّت غير الشرعي تحت حجج ومسمّيات عدة، نتيجة الحدود "الفلتانة" والتي يريدونها أن تبقى سائبة كي يستطيعوا أن يسرحوا ويمرحوا من دون محاسبة أو عقاب".


أردف: "عبثاً التفتيش عن معالجات موضوعية إذا لم نعالج لبّ المشكلة، سلاح الدويلة وكل تداعياته. موضوع النازحين اساسي ومهم ويجب معالجته ومقاربته بشكل حازم ونهائي، فالنازحون حتما يجب ان يعودوا الى بلادهم، فمن المرفوض ان يبقى بعض منهم "بيعمل شو ما كان، بيتنقل وين ما كان وبيسرق وبيقتلوا مين ما بدوا"، ويكون أحيانا "قاتل غب الطلب". أزمة النزوح كبيرة وخطيرة فقد بتنا رهائن في بلدنا والأسوأ سنصبح غرباء أيضًا، خبزنا لم يعد يكفي لشعبين، ولا اقتصادنا ولا البنى التحتيّة في لبنان "بيحمل شعبين"، أمننا وأماننا في خطر، وأي منطق أو عقل بشري يقبل أن يصبح اللبنانيون مشروع نزوح "وغيرنا يأخذ محلّنا" وبالتالي مهما كانت الظروف الإنسانية أرضنا وديمغرافيتنا لا قدرة لديها بتحمّل شعبين من جديد.


تابع في السياق: "بعد 13 سنة، قمنا بأكثر من واجبنا الإنساني كشعب لبناني لكن بعد 13 سنة، الدولة اللبنانية لم تقم بواجبها والمجتمع الدولي رمى كل العبء علينا. وبعد 13 سنة، أصبح بإمكان النازحين السوريين العودة إلى بعض المناطق السورية، ومن واجب المجتمع الدولي أن يمنحهم المساعدات ذاتها التي يقدمها اليوم للبقاء في لبنان، ومن واجبه أيضًا كما لديه القدرة بإعادة توزيعهم على بلدان العالم حيث جغرافيتها واقتصادها والبنى التحية قادرة على استيعابهم أكثر بكثير من لبنان".


وأكد "أهمية الدور الأساسي للبلديات "يللي حلّا "، باستثناء البعض منها المضطلع بواجبه، أن تستمع إلى صرخات المواطنين والهيئات المحلية والحزبية المتكررة من اشهر واشهر، وتتخذ التدابير الفورية من أجل إعادة ترتيب وضعنا الداخلي قبل فوات الأوان"، لافتا الى ان "هذه المعالجة لا تقتصر على البلديات طبعاً، بل يجب أن تنطلق منّا وصولاً إلى أعلى الهرم حتى يعود المواطنون السوريون إلى بلادهم أو أي بلد لجوء، ويبقى لنا بلد "بالحد الأدنى يللي موجود فيه".


وللحبيب باسكال، قال الحواط: "البطل لا يموت، مكانه في القلب والذاكرة، وانت باق في جبيل في كل زاوية وحي، باق في قلوب رفاقك في حزب "القوات اللبنانية" في كل منطقة ومدينة. انت في ضمير كثرٍ من اللبنانيين عرفك ولم يكن يعرفك، بكوا بموتك على وطن مجروح وحريّة وأمان مسلوبين، انت صورة للقوات البهية بالنضال، والتضحية، والاستقامة، وحب الوطن فوق كلّ حدود. انت مثال كل شاب وشابة آمنوا ببلدهم رغم كل الصعوبات. مع يسوع المسيح نقول الموت بداية. ومع موتك نقول: هذه ليست النهاية. معك، من مكانك، ومن مكاننا "كلّنا مكمّلين، ما منتعب مكمّلين، ما مننعس مكمّلين، ما منخاف مكمّلين، حتى استعادة لبنان وقيام الجمهورية القوية".

MISS 3