وليد شقير

هل تُبدّد أولوية رفح تهديدات غالانت؟

26 نيسان 2024

02 : 05

يتأرجح البلد بين الخطورة على جبهة الجنوب، وبين تكثيف زيارات المسؤولين الدوليين من أجل تفادي تنفيذ إسرائيل تهديداتها بشن حملة عسكرية واسعة على «حزب الله» سواء في الجنوب أو سائر المناطق اللبنانية. ما قاله وزير الحرب في حكومة العدو يوآف غالانت أول من أمس عن أنّ الأيام المقبلة حاسمة، في سياق تعداده للخسائر التي استطاع جيشه إلحاقها بـ»حزب الله»، ليس التهديد الأول ولن يكون الأخير، سواء كان يمهد لعملية عسكرية توسع الحرب على الجنوب، أم كان للضغط على الجانب اللبناني من أجل مرافقة زيارات وجهود المسؤولين الدوليين إلى بيروت للبحث في وقف القتال الدائر في الجنوب.

لفتت، المراقبين في الداخل والخارج، الذين تساءلوا عن مغزى تلويح غالانت، مجموعة عناصر في كلامه، منها:

• إذا كان وزير الحرب الإسرائيلي يعتد بقدرة جيشه على إنزال الخسائر المؤلمة بالكوادر البشرية العسكرية لـ»الحزب»، بقوله إنه قضى على نصف قادته وأن الباقين يختبئون وهاربون، فما حاجته إلى عملية عسكرية واسعة، أكثر عنفاً وتدميراً من تلك التي يقوم بها منذ اندلاع المواجهات على الجبهة اللبنانية؟ وإذا كانت إسرائيل تمكنت من اصطياد كوادر مهمة في «الحزب»، وهذا صحيح، من دون تكبد عناء القيام بعملية أوسع تشمل اقتحاماً برياً أكثر عمقاً للمناطق الجنوبية، تجلب على جيشه المزيد من الخسائر في المقابل، فمن المنطقي أن يواصل استنزاف «الحزب» بهذه الطريقة. فالجيش الإسرائيلي، وفق بعض هؤلاء المراقبين، وحسب غالانت نفسه، استطاع بعملياته والمعلومات الاستخبارية الدقيقة التي يحصل عليها إبقاء المبادرة بيده، بدلاً من اللجوء إلى أسلوب آخر يستدرج من خلاله «الحزب» إلى استخدام أسلحة أكثر تطوراً وأذية لإسرائيل لم يظهرها بعد، كما أعلن أمينه العام السيد حسن نصرالله أكثر من مرة وكذلك سائر قادته. فهذه الأسلحة، لا سيما الدقيقة منها تستطيع الوصول إلى المدن والمناطق في وسط إسرائيل إذا جرى إغراق واستنزاف الدفاعات الجوية الإسرائيلية بكميات منها. وفي هذه الحالة يمكنها إلحاق الأضرار بتل أبيب وحيفا وبالمطارات والمناطق الصناعية، بما فيها الصناعات البترولية والغازية ومنشآت الطاقة. وهو أمر تسعى إسرائيل إلى تجنبه، طالما أن «حزب الله» يلتزم الحرب المحدودة والمضبوطة وينسجم مع القرار الإيراني عدم توسيع الحرب.

• أن وقائع مسرح العمليات العسكرية، وفق المتابعة الدقيقة لأحداثه، ووفق المواقف الأميركية، وتصريحات المسؤولين الإسرائيليين وتسريباتهم الإعلامية، ما زالت تركز على المرحلة المقبلة من الحرب على غزة، بحيث أن التحضيرات من أجل اقتحام رفح بذريعة القضاء على أربع كتائب لـ»حماس» تتحصن فيها، تشير إلى أن الأولوية للعملية العسكرية في القطاع. وتتفق الأوساط الدبلوماسية في بيروت، والقيادات السياسية المتابعة عن كثب للتطورات الإقليمية، على القول إن خطة إسرائيل الدخول إلى رفح تتقدم على شن الحرب ضد جنوب لبنان و»الحزب» في هذه المرحلة. وإذا كان بنيامين نتانياهو أعلن أكثر من مرة أن اقتحام رفح وإنجاز الأهداف العسكرية فيها سيستغرق ستة أسابيع، فإن هذا يعني أن جيشه سينشغل بتلك العملية لتحقيق تلك الأهداف في سرعة، ليوفر على نفسه مزيداً من ضغوط إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن المحرج من ارتكاب الآلة العسكرية الفظائع المتتالية كل يوم.

• ليست المرة الأولى التي يلوح فيها غالانت باقتراب ساعة الصفر لشن هجوم على «الحزب» ولبنان. فهو يهدد بذلك منذ شهر تشرين الأول الماضي، عقب عملية «طوفان الأقصى». وهي تهديدات تارة كانت تتم بسبب المزايدات بينه وبين نتانياهو جراء الخلافات داخل مجلس الحرب، وأخرى كانت تتم في قالب يبقي على خيار الحل الدبلوماسي للمشكلة الأمنية التي تتذرع بها القيادة الإسرائيلية والمتعلقة بضمان عودة مستوطني شمال إسرائيل إلى بيوتهم قبل موسم المدارس أواخر آب المقبل. فلطالما قال غالانت «نحن لا نريد الحرب، لكننا مستعدون لأي تطور في الشمال».

إلى أن يحصل تطور ما يغيّر في قواعد تبادل القصف والاستهداف بين إسرائيل و»الحزب» يبدو أن القاعدة التي حكمت الوضع العسكري في الجنوب ما زالت سارية المفعول، خصوصاً أن المواجهة المباشرة بين إيران وإسرائيل هدأت بعد الاختبارات التي خضع لها كل منهما خلال الأسابيع الماضية.

MISS 3