جنى جبّور

صرعة الـ "أيكوس" تُغري اللبنانيين... فماذا عن ضررها؟

منتجات تسخين التبغ تجتاح السوق السوداء

8 آب 2019

01 : 45

من موضة الأركيلة الى السجائر الالكترونية وصولاً الى "صرعة" تدخين منتجات التبغ المسخّن. لا يتأخر اللبناني عن مواكبة أحدث الصيحات في كل المجالات، هو الذي يحرص أن يبقى "Up to date"، حتّى لو كان جاهلاً تفاصيل الـ"Trend" التي يتبعها. ورغم أنّ منتجات التبغ المسخن، لم تدخل رسمياً الى السوق اللبنانية، فإن نسبة كبيرة من المدخنين وغير المدخنين يشترونها من السوق السوداء، وقد تكون وصلت عبر المعابر غير الشرعية أو حتى عبر أي مرفأ!

بدايةً لا بد من التمييز بين منتجات التبغ المسخّن والسجائر الالكترونية. فالاولى، تسخن منتجات التبغ الموجودة فيها لتوليد النيكوتين، أما الثانية فتسخّن سائلاً إلكترونياً قد يحتوي على النيكوتين، من دون أن يحتوي على التبغ في معظم الحالات. في أسواق العالم منتجات عدة من التبغ المسخّن مثل "IQOS" من شركة فيليب موريس العالمية، ومنتج "Ploom TECH" من شركة التبغ اليابانية الدولية، ومنتج "Glo" من الشركة البريطانية الأميركية للتبغ، ومنتج "PAX" من شركة معامل باكس.

لكن الـ"أيكوس"، هو المنتج الذي يبحث عنه اللبنانيون حالياً، وتأمل شركة فيليب موريس أنّ يكون لبنان السوق الثالثة عربياً لطرح منتجها بعد فلسطين ودبي. وتعرّف الشركة عن "أيكوس" بأنه منتج متقدّم تكنولوجياً وعلمياً، وقائم على تقنيّة تسخين التبغ كهربائياً بدل حرقه من خلال أداة تسخين يتمّ التحكّم بها إلكترونياً، حيث يتمّ التسخين الدقيق للفافة التبغ المصمّمة خصّيصاً للاستخدام مع "أيكوس" (تحمل الإسم التجاري HEETS) بحرارة تقل عن 350 درجة مئوية بعكس السيجارة التقليدية التي يتمّ إشعالها بالنار وإحراقها على ما يزيد عن 900 درجة مئوية. والتعبئة كافية لـ 6 دقائق أو ما يعادل 14 حركة نفث دخان تقريباً، ما يجعل تدخين "أيكوس" مشابهاً لتدخين السيجارة التقليدية، وأقل ضرراً بطبيعة الحال!

"أيكوس" تهريب ... أو مستعمل

سامر عمره 25 عاماً، مدخّن منذ أكثر من 4 سنوات. يستهلك في اليوم الواحد علبة دخان ونصف تقريباً ( 30 سيجارة). عرف عن منتجات التبغ المسخّن من رفاقه، أجرى "أبحاثه المعمقة" على محرّك "غوغل"، بهدف الحصول عليها مهما كان الثمن. هنا بدأت رحلته بالبحث عن الآلة المخصصة لهذا الغرض في لبنان "يوم قررت الحصول على "أيكوس" اكتشفت أنّ محلات قليلة تبيعها لانها غير متوفرة الّا من طريق التهريب ويتراوح سعر الآلة الجديدة بين 180 و 210$. كما يمكن الحصول عليها من أي شخص وافد من دبي بـ130$. الّا أنني حصلت عليها بواسطة أحد رفاقي بسعر معقول فاشتريت الآلة مستعملة بـ 115$". وجد سامر السخّانة وعانى كثيراً للحصول على السجائر وإن وُجدت فسعر بعض علب الـ "Heets"، يتراوح بين 7000 و9000 ليرة لبنانية، أما البضاعة الروسية فبـ 5500 ليرة لبنانية. ومن جدّ وجد "الكروز بـ 40 الف ليرة"!

مرّ شهر على تحول سامر من مدخن للسجائر التقليدية الى منتجات التبغ المسخن، هو الذي اتبع هذه الخطوة بهدف الاقلاع النهائي عن التدخين، ويقول: "بالفعل ساعدتني على التخفيف من التدخين، فبت أستهلك ما بين 7 إلى 12 سيجارة تقريباً في اليوم الواحد. والأمر الايجابي في هذا المنتج أنه لا يمكن أن أشعل سيجارة من أخرى كما كنت أفعل سابقاً، خصوصاً أنّ الآلة تعمل على البطاريات ويجب أن أنتظر الوقت الكافي لتشريجها. إلى ذلك فقد تخلصت من الرائحة الكريهة التي تتركها السجائر التقليدية على الأصابع والثياب، ولاحظت أنّي لم أعد أسعل كما سابقاً".

البيع في السوق السوداء فقط

بعدما قامت بعدد من الدراسات والأبحاث، قررت شركة فيليب موريس البحث عن مسار بديل اقل خطورة على المدخنين، في ظلّ استحالة الوصول الى عالم خالٍ من التدخين. فطُرحت "إيكوس" في 48 دولة حول العالم حتّى الآن، وبحسب الشركة المصنعة فإن11 مليون شخص انتقلوا من التدخين التقليدي الى تدخين الـ "أيكوس"؛ 8 ملايين منهم انتقلوا كلياً، و3 ملايين يدخنون الـ"أيكوس" والسجائر التقليدية معاً، وتأمل الشركة أن يرتفع عدد مدخني منتجات التبغ المسخن الى 30 مليوناً في العام 2025. وأشار مدير التواصل الخارجي في مصر والمشرق العربي في شركة فيليب موريس، روبير نعوس لـ "نداء الوطن" الى أنّ "منظمة الصحة العالمية توقعت ثبوت عدد المدخنين في العالم على حاله في العام 2025. وبالتالي توجهت (الشركة) الى الساعين للتوقف عن التدخين، ووفرت لهم إمكان تسخين التبغ بدلاً من حرقه. والمعلوم أنّ السيجارة التقليدية تدخل الى الجسم حوالى 5000 مادة، جزء كبير منها مضرّ وسامّ، فيما أثبتت الدراسات التى أجرتها "فيليب موريس" حتى اليوم، والتي تمّ تفنيدها عبر دراسات علمية مستقلّة، أنّ البخار الناتج عن "أيكوس" يحتوي على 90 إلى 95 في المئة أقلّ من الموادّ السامّة، إضافةً إلى أنّه لا يشكّل مصدر تدخين سلبياً للمحيطين بالمدخنين. مع الإشارة، إلى أنّ الرائحة الناتجة عن استخدام "أيكوس" تكاد لا تُشّم، وهي لا تعلق على الأصابع والثياب بما أنّ المدخّن يمسك القلم السخّان بيده، كما أن من حوله لا ينزعج من الرائحة بسبب غياب عامل حرق التبغ".

صحيح أن "أيكوس" لم يدخل إلى لبنان رسمياً، لكن علب السجائر متوفرة في السوق الحرة لمطار رفيق الحريري الدولي ولا يخفي نعوس أنّ "على المنتج الكثير من الطلب، ففي المطار صفوف طويلة تتشكل لشرائه، لا سيما أنّ اللبناني يعشق الامور الـ"trendy"، ولا يوجد حالياً أي معلومة عن سعر الآلة عند طرحها في لبنان (تباع في سويسرا 130$)، بينما سعر علبة الـ "heets" التي تحتوي على التبغ سيعادل سعر السجائر التقليدية وستباع في الدكاكين، وستتوافر في لبنان بـ 3 أنواع فقط (لا توجد نكهات لتدخين الأيكوس): "Yellow"، "Amber"، "Turquoise". أمّا آلة الـ"أيكوس" فستباع في محلات مخصصة لها، حيث على اللبناني الراغب بشرائها الكشف عن هويته لمندوب الشركة للتأكد من أنّ سنه قانوني، مع ضرورة تعبئة ورقة معلومات للتأكد من أنه مدخن، فالشركة حازمة في هذا الموضوع، ولن تبيع منتجها الّا للمدخن البالغ. كما ننصح المدخن الذي يريد الاقلاع عن التدخين بعدم شراء المنتج".

التبغ المسخّن يخفف من السرطان؟

لا تعتبر منتجات التبغ المسخّن الاولى من نوعها في موضوع المساعدة على الاقلاع عن التدخين، فانتشرت قبلها لاصقة النيكوتين "Nicotine patch"، وعلكة النيكوتين، للمساعدة على تحقيق هذا الهدف، الّا أنها باءت بالفشل بسبب الوضع النفسي للمدخن وحاجته الى حمل اي شيء في يده عند احتسائه قهوته أو في لحظة غضبه، وغيرها من الحالات والعادات. من هنا تهدف منتجات التبغ المسخن الى التخفيف من التدخين للوصول بعد فترة الى التوقف النهائي عن هذه الآفة، مع المحافظة على وضع المدخن النفسي في الوقت نفسه. الّا أنّ كل أنواع الدخان خطيرة ومميتة، هذا ما يؤكده لـ "نداء الوطن" الرئيس الحالي لقسم علاج الأورام بالإشعاع في "مركز كليمنصو الطبي" البروفسور نقولا زوين فـ "الشركات المصنّعة لهذه السجائر صرحت بأنها أكثر أماناً من السجائر التقليدية، وتشير نتائج بعض الدراسات التي قارنت بين السجائر التقليدية والأخرى الجديدة أنّ منتجات التبغ المسخّن فيها بعض المواد بالنسب نفسها الموجودة في السجائر التقليدية وبعضها بنسب أعلى. ولكن علمياً تحتوي منتجات التبغ المسخّن على 24 مادّة سامة أقل من السجائر التقليدية. أمّا طبياً، فهي غير صحية أو آمنة. وتكمن المعضلة بعدم تمكننا حالياً من معرفة بدقة الآثار المحتملة على هذا الجيل من منتجات التبغ لأنه لم يمضِ على طرحها في الأسواق فترة طويلة".

وإذا كان الهدف الاساسي من هذا المنتج هو مساعدة المدخنين على التخفيف من التدخين، ومن ثمّ الاقلاع عنه نهائياً، فالمشكلة تكمن بإدمان جديد على هذا النوع من السجائر. وكشف زوين انّ "في لبنان والعالم تحّول بعض الاشخاص الى مدمنين على هذه السجائر، من دون أن يكونوا مدخنين في الأصل. والملفت إقبال القاصرين عليها ظنّا منهم أنها "Cool" وآمنة. وبخلاف زعم المصنعين انها أقل تسبباً بمرض السرطان، الا أنّ هذه المعلومة لا يمكن تأكيدها قبل 15 سنة، لنعلم اذا كانت تقلل او تزيد من السرطان.

وبالطبع، هناك سلسلة من العوارض الجانبية التي ستنتج عنها، خصوصاً على صحة الأولاد والمراهقين، وستكون من مسببات السرطان! كيف لا؟ وهي تحتوي على مواد مشابهة للسجائر التقليدية. في المقابل، تخفف هذه السجائر من التدخين السلبي، ولكن يجب أن تتجنبها الحوامل والامهات المرضعات كما من لديهم مشاكل صحية في الرئة أو القلب. باختصار كل من يعاني من امراض تمنعه من التدخين التقليدي، عليه الامتناع عن هذه السجائر".

MISS 3