بكين تفرض عقوبات على 11 شخصيّة أميركيّة

عازار يُشيد بديموقراطيّة تايوان خلال "زيارته التاريخيّة"

02 : 00

تساي خلال استقبالها عازار في تايبيه أمس (أ ف ب)

وسط التشنّجات الجيوستراتيجيّة بين "العم سام" و"التنين الأصفر" في خضمّ "حرب باردة" لا تزال في بداياتها، أشاد وزير الصحة الأميركي أليكس عازار، وهو أرفع مسؤول أميركي يزور تايوان منذ عقود، بالديموقراطيّة التي تتمتّع بها ونجاحها في مواجهة الفيروس التاجي، أثناء لقائه رئيسة الجزيرة أمس خلال زيارة تاريخيّة اعتبرتها الصين تهديداً للسلام.

والتقى عازار رئيسة تايوان تساي إنغ وين، التي تُطالب بأن يعترف المجتمع الدولي بالجزيرة كدولة ذات سيادة الأمر الذي يُثير حفيظة الصين الشيوعيّة. وقال الوزير الأميركي لتساي إنّ "استجابة تايوان لـ"كوفيد 19" كانت بين الأنجح في العالم، وذلك بفضل الطبيعة المنفتحة والشفافة والديموقراطيّة للمجتمع والثقافة التايوانيّة".

بدورها، شكرت تساي الولايات المتحدة على دعمها في مسعاها للإنضمام إلى منظّمة الصحة العالميّة، وهو أمر تعمل بكين جاهدة لمنعه. وقالت تساي إنّ "على الاعتبارات السياسيّة ألّا تغلب قطّ على الحقوق المرتبطة بالصحة"، واصفةً رفض بكين السماح لتايوان بالانضمام إلى المنظّمة بالأمر "المؤسف للغاية".

وبعد وقت قصير على الاجتماع، أعلنت وزارة الدفاع التايوانيّة أن مقاتلات صينيّة اخترقت الأجواء فوق خطّ الوسط بمضيق تايوان، الذي لطالما تعامل معه الطرفان على أنّه بمثابة حدود. وكثيراً ما تدخل المقاتلات الصينيّة منطقة الدفاع في تايوان للضغط على الجزيرة، لكن اختراق خطّ الوسط يُعدّ أمراً أكثر ندرة نظراً إلى مدى حساسيّة المنطقة.

توازياً، قال المتحدّث باسم الخارجيّة الصينيّة تشاو ليجيان للصحافيين: "لطالما عارضت الصين بشدّة التواصل بين الولايات المتحدة وتايوان". ولدى سؤاله عن غضب الصين حيال زيارته، قلّل عازار من أهمّية الأمر قائلاً للصحافيين قُبيل لقائه تساي: "الرسالة التي أحملها من الحكومة الأميركيّة هي للتأكيد على الشراكة العميقة بين الولايات المتحدة وتايوان في ما يتعلّق بالأمن والتجارة والرعاية الصحية وقيم الديموقراطيّة والحرّية الاقتصاديّة والحرّيات المشتركة". وسبق أن انتقد عازار استجابة منظّمة الصحة العالميّة وبكين للفيروس الفتّاك الذي ظهر في مدينة ووهان الصينيّة قبل أن يتفشّى في أنحاء العالم.

وإلى جانب لقائه مع تساي، من المقرّر أن يعقد عازار محادثات مع نظيره تشين شيه تشانغ ووزير الخارجيّة جوزيف وو. وباتت تايوان قدوة لنجاحها في مكافحة الفيروس القاتل بفضل برنامجها الفاعل في تعقّب المصابين والأشخاص الذين احتكّوا بهم، إضافةً إلى الرقابة التي فرضتها على الحدود، إذ وعلى الرغم من قربها من الصين القاريّة جغرافيّاً، إلّا أنّها سجّلت أقلّ من 500 إصابة و7 وفيّات.

ويُجري عازار زيارة إلى تايبيه بدأت الأحد وتستمرّ 3 أيّام، واعتُبرت الأعلى مستوى من قبل الولايات المتحدة منذ قطعت علاقاتها الديبلوماسيّة مع تايوان العام 1979 واعترفت بالصين الشعبيّة. وتأتي الزيارة في ظلّ توتر العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، وسط سجال قائم بين الطرفَيْن في شأن مجموعة واسعة من الملفات الجيوسياسيّة والتجاريّة والعسكريّة والأمنيّة، إضافةً إلى تفشّي فيروس "كورونا المستجدّ". وتعتبر الصين أن تايوان تابعة لها وتوعّدت مراراً بالسيطرة عليها ولو بالقوّة العسكريّة إذا لزم الأمر.

وفي الغضون، فرضت السلطات الشيوعيّة في بكين عقوبات على 11 أميركيّاً، بينهم السيناتوران ماركو روبيو وتيد كروز، ردّاً على خطوات مشابهة اتّخذتها واشنطن بحق مسؤولين صينيين على خلفيّة حملة بكين الأمنيّة - القمعيّة في هونغ كونغ.

وبعدما اتّهمت واشنطن الأسبوع الماضي 11 مسؤولاً بقمع "الحرّيات والعمليّات الديموقراطيّة" في هونغ كونغ، بمن فيهم زعيمة المدينة كاري لام، وأعلنت أنّها ستُجمّد أي أصول لهم في الولايات المتحدة، أشار المتحدّث باسم الخارجيّة الصينيّة تشاو ليجيان إلى أن الخطوة الأميركيّة تُعدّ "تدخّلاً صارخاً في شؤون الصين الداخليّة وانتهاكاً جدّياً للقانون الدولي"، مضيفاً: "قرّرت الصين فرض عقوبات على بعض الأشخاص الذين تصرّفوا بشكل سيّئ في ما يتعلّق بمسائل على صلة بهونغ كونغ".

وتشمل العقوبات مدير منظّمة "هيومن رايتس ووتش" كينيث روث ورئيس الصندوق الوطني للديموقراطيّة كارل غيرشمان. كما برز اسم السيناتوران الجمهوريّان روبيو وكروز، اللذَيْن يُعتبران من أبرز داعمي الحراك المدافع عن الديموقراطيّة في هونغ كونغ منذ خرجت احتجاجات ضخمة تخلّلها العنف أحياناً العام الماضي.

وبعد أكثر من شهر على دخول قانون الأمن القومي في هونغ كونغ حيّز التنفيذ، حصلت اعتقالات كثيرة وأبطلت ترشيحات إلى الانتخابات التشريعيّة ووضعت قيود على الحرّيات. وفي هذا الصدد، أوقفت شرطة هونغ كونغ قطب الإعلام جيمي لاي والناشطة المدافعة عن الديموقراطيّة أغنيس شو، بموجب قانون الأمن القومي، في مرحلة جديدة من تشديد السلطات الشيوعيّة في بكين قبضتها على المستعمرة البريطانيّة السابقة.

وأوقف الرجل السبعيني لشبهات "تواطؤ مع قوى أجنبيّة"، وهي واحدة من الجرائم التي يُعاقب عليها القانون الجديد الذي دخل حيّز التنفيذ في حزيران، فضلاً عن شبهات فساد، فيما رحّبت الصين رسميّاً بهذا التوقيف، بحيث أعلن المكتب الصيني المكلّف شؤون هونغ كونغ وماكاو في بيان أن "هؤلاء المحرّضين المناهضين للصين عرّضوا الأمن القومي للخطر"، و"جيمي لاي هو أحد ممثّليهم".

وبالمجمل، أوقف 10 أشخاص أمس، بينهم نجل لاي وويلسون لي الذي يقول إنّه مصوّر فيديو مستقلّ كان يعمل لقناة "اي تي في نيوز" البريطانيّة. ويملك جيمي لاي مجموعة "نيكست ميديا"، التي تضمّ صحيفة "آبل ديلي" ومجلّة "نيكست" المطالبتَيْن بالديموقراطيّة والمعارضتَيْن صراحة لبكين.

وفي ردود الفعل، أعرب وزير الخارجيّة الأميركي مايك بومبيو عن "قلقه الشديد" لتوقيف جيمي لاي، وكتب في تغريدة: "أنا قلق جدّاً للمعلومات التي تُفيد بتوقيف جيمي لاي بموجب القانون الصارم للأمن القومي". واعتبر أن عمليّة التوقيف هذه "دليل جديد على أن الحزب الشيوعي الصيني قد انتزع حرّيات هونغ كونغ وحقوق شعبها"، فيما أعربت الحكومة البريطانيّة أيضاً عن "قلقها العميق" لهذا التوقيف.


MISS 3