رواد مسلم

مصانع الدفاع الأميركية أكثر المستفيدين من المساعدات لأوكرانيا

3 أيار 2024

02 : 01

إستئناف المساعدات سيُشدّد المقاومة الأوكرانية (أرشيفية - أ ف ب)

بعد أشهر من المناقشات المكثّفة، وقّع الرئيس الأميركي جو بايدن على حزمة مساعدات بقيمة 61 مليار دولار لأوكرانيا لتصبح قانوناً بعد إقراره في الكونغرس. وسيؤدي التشريع الجديد إلى زيادة فورية في شحنات المعدات العسكرية، التي انخفضت إلى حوالى 10% مما كانت عليه في العام الماضي. ورفع التشريع إجمالي إلتزام الولايات المتحدة إلى 175 مليار دولار من المساعدات الاقتصادية والإنسانية والعسكرية منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا. وبسبب التأخير، لن تكون هناك حاجة إلى حزمة تمويل أخرى حتى كانون الثاني 2025، ما يعني تجاوز الحملة الرئاسية.

لا يمكن إعتبار الحزمة الجديدة، «مساعدات» للجيش الأوكراني فقط، إنما تمويل يستفيد منه طرفا التمويل، حيث أنّ 86% من المساعدات العسكرية لكييف سيتمّ إنفاقها في الولايات المتحدة والسبب في هذه النسبة المرتفعة هو أنّ الأسلحة التي تذهب إلى أوكرانيا يتمّ إنتاجها في المصانع الأميركية، ويتمّ إنفاق معظم المدفوعات لتشغيل الدورة الاقتصادية الأميركية. مثلاً، إنّ صناعة أي نظام «باتريوت» تتطلّب مشاركة العديد من الشركات الأميركية لإنتاج الأجهزة المتعدّدة المؤلّف منها.

وتُشكّل المعدّات العسكرية لأوكرانيا الجزء الأكبر من التمويل، إذ تبلغ 25.7 مليار دولار، وتنقسم إلى ثلاثة مصادر. الأول، من خلال هيئة السحب الرئاسية (13.4 مليار دولار)، وتسمح هذه السلطة للرئيس بأخذ الأسلحة والذخائر من المخزون الأميركي وإرسالها إلى أوكرانيا. فإنّ هذا المبلغ سيزوّد المخازن الأميركية بالأسلحة المصنّعة حديثاً بعد إرسال الأسلحة «القديمة» بالمواصفات ذاتها إلى أوكرانيا.

المصدر الثاني، من خلال برنامج التمويل العسكري الخارجي التابع لوزارة الخارجية (1.6 مليار دولار). ويقدّم المنح والقروض للحلفاء والشركاء مثل أوكرانيا لشراء الأسلحة والذخائر من الولايات المتحدة. أمّا المصدر الثالث، فمخصّص لتعزيز القاعدة الصناعية الدفاعية الأميركية لزيادة القدرات الإنتاجية وتطوير أسلحة وذخائر أكثر تطوراً (7.0 مليارات دولار). مثلاً، يتضمّن مشروع القانون تمويلاً لمساعدة الجيش الأميركي على تحقيق هدف إنتاج 100 ألف قذيفة عيار 155 ملم شهرياً بحلول عام 2025، علماً أنّ الولايات المتحدة تنتج حالياً نحو 40 ألف قذيفة شهرياً، في حين تحتاج أوكرانيا إلى 100 ألف قذيفة على الأقل شهريّاً.

المبالغ المتبقية من 61 ملياراً تتوزّع بين 17 مليار دولار لتمويل الأنشطة العسكرية المتعلّقة بأوكرانيا، حيث توفّر الوكالة الأميركية للذكاء الإصطناعي التدريب الذي قد تحتاجه أوكرانيا في مجال الذكاء الإصطناعي، للحصول على أسلحة أو أفراد أو وحدات جديدة، فضلاً عن قرض بقيمة 7.9 مليارات دولار لمساعدة كييف في الحفاظ على الخدمات الحكومية الأساسية. و2.5 مليار دولار كمساعدات إنسانية لصندوق «مساعدة أوروبا وأوراسيا وآسيا الوسطى» الخاص، ودعم أنشطة مكافحة المخدرات، وإزالة الألغام، ومبلغ لدعم اللاجئين الأوكرانيين في الولايات المتحدة، وحماية الأنشطة النووية وغيرها.

الحزمة الجديدة تتضمّن 7.3 مليارات دولار مخصّصة لتغطية تكاليف الوجود الأميركي المتزايد في أوروبا منذ إندلاع الحرب. وبالرغم من خفض عدد القوات الإضافية إلى 10 آلاف جندي، فإنّ موازنة السنة المالية العادية 2024 لا تغطي بالكامل تكاليف هذه القوات المنتشرة.

تقدّم الولايات المتحدة نحو نصف المساعدات العسكرية الخارجية لأوكرانيا، وليس مستبعداً أنّ أوكرانيا كانت ستخسر الحرب لولا هذا التمويل الأميركي الإضافي، ومن دونه ستضعف القدرات القتالية الأوكرانية، وعلى الرغم من أنّ الداعمين الأوروبيين والعالميين قدّموا دفقاً مستمرّاً ومتزايداً من المساعدات، إلّا أنّ ذلك لم يكن كافياً لتعويض التراجع الأميركي. حيث تهاجم القوات الروسية في ست مناطق على طول الجبهة، وزادت الخسائر الأوكرانية، واخترق العديد من الصواريخ الروسية الدفاعات الجوية الأوكرانية لتضرب أهدافاً في المؤخرة، فما كان على القوات الأوكرانية إلّا أن تنسحب في بعض الأماكن إلى خطوط يمكن الدفاع عنها بشكل أكبر.

قبل الهجوم المضادّ في العام الماضي، بدت إستراتيجية أوكرانيا واضحة بإعادة السيطرة على الأراضي المحتلّة في البلاد شيئاً فشيئاً، وأجبرت أوكرانيا روسيا على التراجع في البداية عن كييف وخاركيف وخيرسون، وكان الهجوم المضادّ واعداً بإسترجاع الباقي. وبعد فشل الهجوم المضاد، أصبح مصير النصر الأوكراني غير واضح.

ويعني إستئناف المساعدات العسكرية الأميركية أنّ المقاومة الأوكرانية سوف تشتدّ وستكون قادرة على إبطاء أو وقف الهجمات الروسية وحتى شنّ هجمات مضادة محلية محدودة. حيث بدأت أوكرانيا تشنّ ضربات بعيدة المدى ضدّ الصفوف الخلفية الروسية والبنية الأساسية، وتُعيد تجهيز قواتها، وتدرّب الوحدات والأفراد، وتعمل على تجهيز هجوم مضاد في عام 2025. ولكن تبقى هناك مشكلة الأعداد الهائلة من المشاة الروس، ومشكلة إستمرار تدفّق المساعدات بما يتناسب مع مجريات الحرب وليس على دفعات متفرّقة.

MISS 3