شربل داغر

كأن ما انفجر....

13 آب 2020

02 : 00

كأن ما انفجر حدثَ إثر خطإ تقني، او إهمالٍ إداري، يتحملُ مسؤوليته واحد أو اثنان...

كأن ما انفجر ظهرَ على أرض المرفإ بفعلِ زلزال في باطن البحر...

كأن ما انفجر باغتَنا في سكينتنا، في انتظام حياتنا العامة، والوطنية...

كأن ما انفجر حملَ اشلاءنا من دون مخاوفنا السابقة...

كأن ما انفجر باغتَ من يُديرون شؤون المرفإ، ومن يدير هؤلاء...

كأن ما انفجر يقع في بقعة معزولة، في أرض برية، لا يرتادها أحد سوى الصبية الضجرِين في لهوهم...

كأن ما انفجر، بأطنانه المتفجرة، لم يعرف به أحد قبل أن يتعالى في سماء العالم مثل مسرحية دامية...

كأن ما انفجر حلّّ صدفة في المرفإ، وبقي لسنوات فيه في غفلة عمن توالوا في الإدارة والوزارة وسدة الحكم...

كأن ما انفجر تعود أسبابه إلى هفوة، وتقاعسٍ، وإهمالٍ، فيما يحرص الفاسدُ السياسي على الانتفاع من أي عنصرِ منفعةٍ في ما تقع عليه مسؤوليته!

فما انفجر، تأتّى من غضِّ النظر عما جرى ويجري طوال سنوات في جميع عنابر المرفإ... تأتّى من خوف الموظف أو المسؤول من الابلاغ عما رأته عيناه وبلغ أذنيه...

تأتى ممن يعرفون ويكتبون المذكرة تلو المذكرة عن محتويات العنبر رقم 12 من دون أن يسربوا معلومة واحدة الى الإعلام: نتيجة الخوف، اي التبرؤ المسبق من الدماء الوشيكة...

ما انفجر يصدر عن جهات هي التي تبيح العنف لنفسها، وتستسيغ التعامل به مثل عملة فساد في إدارة شؤون الناس والمصالح والسلطات.

ما انفجر صدر عن هذه السلطة الغاشمة، التي جعلت من أجسادنا وقوداً...

وما انفجر لا يعنيها، بدليل انها ليست في عزاء، ولا تتحمل مسؤولية ما جرى.


MISS 3