بين مطالبة رؤساء الحكومة السابقين وقوى سياسية بإجراء تحقيق دولي بشأن جريمة انفجار مرفأ بيروت، وتمسّك رئيس الجمهورية ميشال عون و"حزب الله" وآخرين بلجنة تحقيق إدارية، وفي انتظار بت تعيين محقّق يتسلّم التحقيق بعد احالة الجريمة على المجلس العدلي، وبعدما غاب عامل تورّط اسرائيل بالتفجير عن لسان الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، رغم حديث عون عن احتمال "تدخل خارجي بواسطة صاروخ أو قنبلة"، فوجئ اللبنانيون بحضور هذا العامل على لسان نائب بيروت نهاد المنشوق الذي فجّر في مؤتمره الصحافي امس مجموعة قنابل سياسية، ووزع رسائله في اكثر من اتجاه وخرج بمواقف لافتة، في موازاة الغموض الذي لا يزال يلفّ حقيقة حصول التفجير.
فقد تجرّأ المشنوق على اتهام إسرائيل بالوقوف خلف تفجير المرفأ "بشكل واضح وصريح"، لكنّ اسرائيل "لا تتجرّأ على تبنّي الجريمة لأنّها جريمة ضدّ الإنسانية"، مُستنداً في اتهامه "الى استنتاجات وقراءات واتصالات".
ورفع المشنوق "القبّعة لكلّ النواب الذين استقالوا واحترمهم وهم شجعان أكثر منّي ومن كلّ زملائي ولكن هل استقالتي وحدي تحقّق نتيجة؟"، مطالباً نوّاب بيروت "بربط استقالاتهم بطلب إنشاء لجنة تحقيق دولية خلال فترة زمنية محدّدة وإذا لم يقرّ التحقيق نستقيل، أو نكون قد أجبرناهم على التحقيق الدولي".
واعترض المشنوق على كلام عون عن أنّ التحقيق الدولي "تضييع للوقت"، قائلاً: "المجلس العدلي ليس موضع ثقة لانّه لم يصل إلى أي نتيجة في جرائم كبيرة، أبرزها اغتيالات الزعيم كمال جنبلاط والشيخ حليم تقي الدين ومفتي لبنان الشيخ حسن خالد وصبحي الصالح وغيرهم".
وفي موقف لافت، سأل المشنوق: "أيّ قاضٍ لبنانيّ يتجرّأ على الإعلان عن العثور على بقايا صواريخ بين الأشلاء والدمار؟ وأي قاضٍ يتجرّأ على الإعلان أنّ حجم الانفجار هو 1350 طناً وليس 2750؟ وأين اختفت الـ1400 طنّ الأخرى من نيترات الأمونيوم"؟ وكشف عن "أكياس صغيرة وزنها 50 كيلوغراماً كانت بين أكياس كلّ منها يحمل ألف كيلوغرام أمونيوم في العنبر رقم 12".
واعتبر المشنوق أنّ "الحكومة تافهة وأتفه ما فيها تكليف المجلس العدلي"، وأكد أنّه لا يحقّ لوزيرة العدل المستقيلة ماري كلود نجم أن تدخل بعد استقالتها إلى مجلس الوزراء وتوقّع على تحويل الملفّ إلى المجلس العدلي، بناءً على التعليمات التي وصلتها". وأكّد أنّ "الدليل على الرغبة في تمييع التحقيق هو طلب الوزيرة تعيين قاضٍ عدليّ هو حزبيّ، وأصرّت عليه بعد رفض مجلس القضاء الأعلى له، فكيف سننتظر نتيجة من هذه العقلية"؟ ورأى ان ما من قضية أُحيلت إلى المجلس العدلي ووصلت إلى نتيجة.
كذلك كشف المشنوق أنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اتصل بالرئيس سعد الحريري ورئيس "القوات اللبنانية" سمير جعجع ورئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" وليد جنبلاط، وطلب منهم "التمهّل قبل تقديم استقالاتهم، لحين عودته إلى لبنان".
وقال إنّ لبنان "دولة محتلة سياسياً"، وخاطب جمهور الرئيس رفيق الحريري ودعاه إلى "إعلان المقاومة السياسية لتحرير لبنان من هذا الاحتلال"، وأكد أنّ "سلاح "حزب الله" موجود في لبنان وحتى بعد حرب العام 2006 تدفّقت المساعدات العربية والغربية، لكنّ حين قرر "حزب الله" أن ينتشر ويتدخل في الدول العربية، بدأ الحصار المالي والاقتصادي الذي نعانيه اليوم، وصولاً إلى تفجير مرفأ بيروت". وقال: "نحن ندفع ثمن حرب لا علاقة لنا بها"، وطالب بـ"اعتماد استراتيجية دفاعية وطنية تحمي لبنان وتضع قرار الحرب والسلم بيد الدولة اللبنانية".
ومن أهالي بيروت وسكّانها، تقدّم المشنوق باعتذار"لأنني قصّرت بالتعليق وباتخاذ قرار وبالتصرّف تجاه المجزرة الكبيرة التي حصلت بحقّ بيروت الكبرى وكرامتها وعزّتها، والسبب أنّني أُصبت كما غيري بالغضب والذهول والصدمة، وأمضيتُ وقتاً طويلاً حتّى أستوعب ما جرى وحتّى أتقصّى الحقائق وأجري الاتصالات اللازمة لأفهم ما جرى ومن دمّر هذه العاصمة بهذه الطريقة".
وأعلن ترشيحه السفير نواف سلام لرئاسة حكومة جديدة، ولم يبدِ تفاؤلاً بتشكيل حكومة قريباً.
