فوتشيتش يفرش السجاد الأحمر لشي: تايوان هي الصين!

02 : 00

فوتشيتش مُصافحاً شي في بلغراد أمس (أ ف ب)

فرش الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش السجاد الأحمر أمس للرئيس الصيني شي جينبينغ الذي يسعى إلى تعميق العلاقات السياسية والاقتصادية مع أحد البلدان الأكثر تودّداً للصين في أوروبا، فيما أنفقت بكين المليارات في صربيا ودول البلقان المجاورة، خصوصاً في مجالَي التعدين والصناعة. ووقعت بكين وبلغراد العام الماضي اتفاقاً للتجارة الحرّة.

واستقبل فوتشيتش على السجاد الأحمر ضيفه شي وزوجته بنغ ليوان خارج المقرّ الرئيسي للحكومة في بلغراد، حيث استُقبل الزعيم الصيني بمراسم التحية بالطلقات المدفعية وبعزف النشيد الوطني الصيني، قبل أن يُصافح مسؤولين من بينهم رئيس الوزراء ومحافظ البنك الوطني الصربي. وحيّا الرئيسان من الشرفة عدّة آلاف من الأشخاص الذين تجمّعوا في الخارج، وبعضهم يُلوّح بالأعلام الصينية.

ورحّب فوتشيتش بشي الذي وصفه بأنه «صديق لصربيا»، مؤكداً أن «كلّ هذا القدر من الاحترام والحب الذي سيجده هنا في صربيا، لن يجده في أي مكان آخر». وقال للحشد بينما كان شي يُصفّق: «لدينا موقف واضح وبسيط في ما يتعلّق بسلامة الأراضي الصينية. نعم، تايوان هي الصين».

ولا شك أن هذه الكلمات كان لها وقع جيّد على مسامع شي، لأنّ معظم القادة الأوروبّيين، حتّى لو كانت بلدانهم لا تعترف بتايوان، يمتنعون عادة عن الإدلاء بتصريحات مماثلة بهذه الصراحة والحزم. وعندما جلس الرئيسان في مستهلّ اجتماعهما، بادر شي بالقول لفوتشيتش إنّ هناك «شعوراً قويّاً بالصداقة بين بلدينا».

على الإثر، وقّع الجانبان إعلاناً في شأن تعزيز علاقات البلدَين الديبلوماسية، وشهدا على تقديم وعود تجارية مختلفة، مثل شراء قطارات صينية وفتح خطوط جوية جديدة وزيادة الواردات من المنتجات الصربية.

وتتزامن زيارة شي لبلغراد مع ذكرى مرور 25 عاماً على قصف الولايات المتحدة عام 1999 مقرّ السفارة الصينية في العاصمة الصربية في عملية أسفرت عن مقتل 3 أشخاص. وقال فوتشيتش للحشود: «لا تنسوا أن أصدقاءنا الصينيين كانوا معنا قبل 25 عاماً عندما تعرّض هذا البلد للقصف والهدم... لقد دفعوا ثمناً باهظاً، لقد فقدوا أشخاصاً على بُعد بضع مئات من الأمتار فقط من هنا في هذا اليوم بالذات».

وتعرّضت السفارة للقصف خلال حملة لحلف «الناتو» بقيادة الولايات المتحدة، استمرّت أشهراً واستهدفت قوات الأمن الصربية التي كانت تُقاتل المتمرّدين الإنفصاليين من العرقية الألبانية في كوسوفو. واعتذرت الولايات المتحدة لاحقاً، مشيرةً إلى أن خرائط قديمة دفعت الطيار إلى ضرب الهدف الخطأ.

وكتب شي في صحيفة «بوليتيكا» الصربية الثلثاء: «قبل 25 عاماً من اليوم، قصف «الناتو» بشكل صارخ السفارة الصينية في يوغوسلافيا»، مؤكداً أن بكين «لن تسمح بتكرار مثل هذا التاريخ المأسوي». كما أشاد بـ»الصداقة المتينة» بين الصين وصربيا التي اعتبر أنها «سُطّرت بدم أبناء بلدينا».

وفي حديثه للصحافة، دعا شي من جديد الصين وصربيا أمس إلى «أن تدعما بحزم المصالح الأساسية لبعضهما بعضاً»، مشدّداً على أن «الصين تدعم صربيا... في جهودها لحماية سيادتها الوطنية وسلامة أراضيها في ما يتعلّق بقضية كوسوفو».

توازياً، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة بلغراد ماركو تموسيتش لوكالة «فرانس برس»: «بالنسبة إلى صربيا، هذه بلا شك واحدة من أهمّ الزيارات... وضعها في مستوى واحد مع فرنسا التي تحتفل الصين معها بمرور 60 عاماً من العلاقات الديبلوماسية، والمجر... هو بالتأكيد شرف عظيم» لها.

ووصل شي إلى العاصمة الصربية التي ازدانت شوارعها بالأعلام الصينية ولافتات عبّرت عن «الترحيب الحار بالأصدقاء الصينيين»، ليل الثلثاء بعد زيارة دولة لفرنسا تخلّلتها أحياناً نقاشات حادة نوعاً ما مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في شأن قضايا بينها التجارة ومواصلة الصين إقامة علاقات وثيقة مع روسيا رغم الحرب في أوكرانيا.

لكنّ الدولتَين الأخريَين اللتَين اختار شي التوقف فيهما في أوّل زيارة له لأوروبا منذ العام 2019، تعدّان من بين البلدان الأكثر تعاطفاً مع موسكو في أوروبا. وبعد بلغراد، توجّه شي إلى محطّته الأخيرة في جولته الأوروبّية المجر، حيث استثمرت الصين بشكل كبير في مصانع كبيرة للبطاريات والسيارات الكهربائية.

وتقاربت المجر بشكل واضح من الصين خلال عهد رئيس الوزراء القومي فيكتور أوربان بخلاف دول الاتحاد الأوروبي، وجذبت استثمارات صينية بمليارات اليورو وباتت تنتشر فيها مشاريع لبناء مصانع كثيرة.

وأشاد وزير الخارجية المجري بيتر سيارتو بـ»زيارة تاريخية»، مذكّراً بأنّ أي رئيس صيني لم يزر بلاده منذ عقدَين من الزمن. واعتبر الأستاذ المشارك في جامعة «كورفينوس» تاماس ماتورا في حديث لـ»فرانس برس» أن شي «يُرسل إشارة إلى الاتحاد الأوروبي» باختياره التوجّه إلى المجر «أكثر دولة مؤيّدة علناً للصين» من بين دول الاتحاد الـ27.

MISS 3