منصوري: المحاسبة ورد أموال المودعين وإعادة الاعتبار للقطاع المصرفي وإتمام الاصلاحات أساسية لبناء الاقتصاد

13 : 59

استضاف حرم جامعة بيروت العربية في طرابلس، للعام الثاني على التوالي، مؤتمر "الاغتراب اللبناني الفرنسي" تحت عنوان "نعم نستطيع" الذي تنظمه جمعية المستثمرين اللبنانيين الفرنسيين، وذلك في حضور وزير الاعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد مكاري، النائبين أشرف ريفي وجميل عبود، حاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري، الوزيرة السابقة اليس شبطيني، مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد امام، رئيس بلدية طرابلس رياض يمق، رئيس جامعة بيروت العربية وائل عبد السلام، رئيس غرفة طرابلس والشمال توفيق دبوسي، أمين سر محافظه لبنان الشمالي القائم ببلديتي القلمون والميناء ايمان الرافعي، المطران ادوار ضاهر، ممثل عن المطران يوسف سويف، رئيسة قطاع المرأة في "تيار العزم" جنان مبيض وحشد اغترابي وطرابلسي.


وأعرب حاكم مصرف لبنان بالإنابة عن سعادته للمشاركة في هذا المؤتمر، متوقفاً عند الوقائع المالية والاقتصادية في لبنان، مشيراً الى أن "البلد خسر 95 في المئة من قيمة عملته النقدية، وان موازنة الدولة انخفضت من 17 مليار دولار الى 3.2 مليار دولار سنوياً".


وأكد منصوري "أن لبنان يحاول امام هذا الواقع الجديد، ومن ضمن الصلاحيات المتاحة ووفق القوانين المرعية الاجراء، تأمين الاستقرار النقدي"، وقال: "لتحقيق هذا الاستقرار يستخدم المصرف الاداة الوحيدة التقليدية التي لا تزال موجودة بين أيدينا وهي السيطرة على الكتل النقدية بالعملة اللبنانية، بحيث يتوافق حجم النقد في التداول مع الطلب عليه، وعادة لضبط الكتل النقدية يحصل ذلك، إما بالتعاون مع الحكومة أو بضبط أسعار الفائدة. وفي موضوع الفائدة لا يمكن استعماله من قبل السلطات النقدية، ويبقى فقط أمر السيطرة على الكتلة النقدية. ولتأمين هذا الاستقرار قمنا بضبط التداول بالليرة، حيث انخفضت الكتلة بالليرة اللبنانية في العام 2023 من 82 تريليون الى نحو 59 تريليون ليرة. وهذا الأمر إيجابي بطبيعة الحال وقد ساعد بأن يكون هناك فائض بالاحتياطات بالعملة الأجنبية لدى مصرف لبنان حيث ازدادت هذه الاحتياطات بنحو مليار و100 مليون دولار اميركي. واذا قيمنا الكتلة النقدية فهي لا تتجاوز 700 مليون دولار اميركي، أي أن مصرف لبنان لديه فائض في الاحتياطات تتجاوز ضعفي الكتلة النقدية الموجودة في السوق، ولكن الاستقرار النقدي الحاصل هو نتيجة ضبط الكتلة النقدية وعدم ضخ الدولار إلا من خلال الدولة وخلق توازن بين الاقتصاد المدولر والاقتصاد بالليرة اللبنانية، كل ذلك وإن كانت أموراً أساسية فهي لا تكفي لبناء الاقتصاد ولا تكفي لتحقيق النمو".


وتابع: "أما ركيزة وحجر الاساس لبناء الاقتصاد وإعادة الثقة، فإن ذلك يعتمد على أربعة أعمدة تبنى عليها هذه الأسس، ومن دونها لن نخرج من هذه الأزمة التي نعيش فيها، وأول هذه الاعمدة هو المحاسبة والتي تكون عن طريق القضاء، وثانيها رد أموال المودعين وتنظيم علاقة المودعين مع المصارف، وثالثها إعادة الاعتبار للقطاع المصرفي، وهذا بدوره شرط اساسي لإنقاذ الاقتصاد اللبناني ولاحراز النمو ولتسهيل مفاوضات لبنان في ما يتعلق بالمؤسسات الدولية المانحة، وربما نكون قد تمكنا من شراء الوقت حتى الآن من خلال الاجتماعات التي حصلت مؤخراً أو من خلال الاجتماعات التي تحصل هذه الأيام تحديداً".


وقال: "أستطيع أن اقول، إنه لن يكون هذه المرة تصنيف للبنان في خلال الاجتماعات، ولكن هذا الأمر غير مضمون في المراحل المقبلة، لأن مسألة التصنيف لا تعود الى مشكلة في القطاع المالي اللبناني ولا في القطاع المصرفي اللبناني، ولا لدى مصرف لبنان، وكل هذه الامور تم تجاوزها، ولكن المشكلة تكمن في مكان اخر، فهي تكمن في اعادة بناء اجهزة الدولة".


أضاف: "أما العمود الرابع، فهو اتمام الاصلاحات التي كثر الحديث عنها وطال انتظارها. إذاً، لا بد من الشروع بهذه الامور الاربعة وان تقوم كل جهة بعملها ولا يجب ان ينتظر احدنا الاخر، فعلى كل منا مهمة عليه القيام بها".


وأكد "أن الحاجة في لبنان هي إلى قطاع مصرفي سليم يتمكن من الانتعاش، وهذا القطاع يحتاج إلى استعادة ثقة المودعين، والسبيل الوحيد الى ذلك هو من خلال إقرار القوانين الإصلاحية والتي أيضاً طال انتظارها".


واشار الى "تعدد الموارد بما في ذلك رأس المال البشري"، وقال: "من المرجح ان يغتنم الشباب اصحاب المواهب العالية الفرص المحتملة في الخارج، ما يشكل خسارة اجتماعية واقتصادية دائمة للبلاد، لكنها ربح لبناني في الخارج وخسارة في الداخل. ونحن نعول في هذا المجال على دور الجامعات المنتجة التي تقدم نخبة من الكفاءات والطاقات وتوجيهها نحو اختصاصات تتلاءم مع تطور الاقتصاد العالمي، وبخاصة متطلبات سوق العمل. ولقد اثبتت المؤسسات الصغيرة والمتوسطة انها تستطيع ان تبتكر وتبدع وان تحمل المعرفة في مجال الاقتصاد، ونحن بأمسّ الحاجة الى ذلك في هذه المرحلة وفي هذه الظروف الراهنة الى تطوير قدرات لبنان التنافسية والى دعم الاقتصاد".


وتابع: "اليوم، وبالرغم من الأزمات التي تعصف بنا، لا يزال الشباب اللبنانيون يتمتعون بالخبرات والمهارات التي تمكنهم من تحقيق النجاحات، ويمكن لأي منا في حال التواصل مع الخارج أن يعلم أن أحد أعمدة المؤسسات في الدول العربية والمحيطة بلبنان قد يكون وراءها شباب لبناني وشركات لبنانية، وأن دورنا كمصرف مركزي هو دور تكاملي مع الحكومة نتعامل ونحاول أن نتعاون معها لكي نؤمن الاستقرار، ولكن المصرف المركزي لا يحلّ محل الحكومة ولا يحل محل السلطة السياسية التي يعود لها ان تؤمن الارضية السليمة والاصلاحات المطلوبة".


وقال: "إن لبنان بلد صغير ولكنه يتميز بثروته البشرية وطاقاته المنتجة ووجود كوادر علمية متخصصة قادرة على ادخال الحركة في المنافسة على الصعيدين الاقليمي والعالمي وفي كل المجالات، لذلك فان التحدي الاكبر الذي نواجهه اليوم هو تأمين فرص العمل الملائمة لهؤلاء الشباب وان نحثهم على البقاء في بلدهم. ونحن نعتبر ان الاستثمار في تعليم وتدريب الطاقات الشابة هو العنصر الفعال لتحقيق نمو الاقتصادي مستدام".


وختم منصوري مشدداً على ثقته بمستقبل البلد وعلى الكفاءات العالية المهاجرة والمقيمة. ورحب بالمؤتمرين قائلاً: "أشعر عندما أكون في حرم جامعة وأرى الشباب اللبنانيين وبخاصة الجامعي، وكمسؤول في الدولة، أنني أدين لهم بالاعتذار لأننا ورغم كل الأمور التي حاولنا القيام بها لم نخلق لهم دولة يستطيعون الحياة فيها".

MISS 3