طوني فرنسيس

الإنفجار والمؤامرة على "سيّد نفسه"

15 آب 2020

02 : 00

لم تستهدف المؤامرة مرفأ بيروت وسكّانها، بل المجلس النيابي أفراداً وسرايا وفصائل. وفي المجلس الذي دُعي الى الاجتماع في المقلب البيروتي الآخر، بعيداً من ساحة الجريمة، روعِيَ تقليد الوقوف دقيقة صمت عن أرواح الضحايا الذين قارب عددهم المئتين، وأُضيف اليهم النائب السابق أحمد كرامي الذي لو كان حياً لاستشاط غضباً من هذا الإحترام الإستلحاقي.

لم يستجب المجلس لكارثة بحجم الوطن، وبالكاد ظَهَرَ في الإعلام مُستنكراً ومُتعاطفاً، لم ينزِل الى الأرض مُتفقّداً ومواسياً وسائلاً عن الحاجات السكنية والغذائية والطبية. ربّما شعر أنّه غير مرغوب فيه، وفي هذه النقطة كان على حقّ، إلّا أنّه لم يفعل شيئاً لاستعادة محبّة الناس، مثل أن يبادر الى التبرّع بتعويضات شهر من مخصّصات أفراده لدعم المنكوبين وأُسَرِ الضحايا.

ذهب المجلس الى غير ذلك، تخطّى كارثة شعبه بصلابة، أنجز تحقيقاته، فإذا بالهدف من كل ما حصل ويحصل، هو نسف المؤسّسة برصيدها التاريخي الأبدي.

إكتشف أنّ المؤامرة بدأها حسّان دياب عندما طرح الإستجابة لمطلب الإنتخابات المبكرة، ما يعني حلّ "سيّد نفسه" لنفسه تمهيداً لإجراء انتخابات جديدة. وحلّت اللعنة على دياب لسبب آخر، هو عدم قدرة المسؤولين عنه الإستمرار به كحصان في الشوط الجديد، فتمّت إقالته في شكل استقالة، الا أنّ حديثه عن الإنتخابات اعتُبِرَ مسّاً بالذات "النيابية"، وجاء "شحمةً" على فطيرة المؤامرة.

ثم تبيّن أنّ لتلك المؤامرة أصولاً وفروعاً، فسمير جعجع أمضى أياماً بلياليها وهو يحاول "تطبيق" سعد الحريري ووليد جنبلاط بترك المجلس لأصحابه، ولم ينجح في مهمّته، فانحصر المتآمرون بنواب الكتائب ونعمة فرام وبولا يعقوبيان وميشال معوض، وهنا ظهر التآمر في أبهى حِلله، إبن رينيه معوض يُهدّد المؤسّسة، يُسانده إبن جورج فرام، أحد الأعمدة التي يتّكل عليها لبنان وألوف اللبنانيين في أمنهم الإجتماعي واستمرار عيشهم، ويحوطهما سامي الجميل، الصوت الصارخ من جهة، وبولا يعقوبيان التي استقالت من منصب آخر في حياتها العملية، كما فعلت سابقاً في تلفزيون "المستقبل" وقبله قناة "الحرّة "...

إنكشفت المؤامرة إذاً، وتمّ إفشالها، فهدف تفجير بيروت كان حلّ المجلس، وقد تمّ احتواء هذا الإعتداء الخطير، عبر الإسراع في طرد المُتآمرين لضمان سلامة التشريع والرقابة، وصدّ المؤامرات اللاحقة التي لا بدّ من حصولها.

امّا آلاف الضحايا ومئات آلاف المُتضرّرين في منازلهم وأملاكهم، فلم يكونوا سوى أضرار جانبية في استهداف السيّد "سيّد نفسه"!