ريتا ابراهيم فريد

طلاب زحلة يتخيّلون لبنانهم في عروض مسرحية

من أجواء الحفلة

من عروس البقاع زحلة، مدينة الشعر والأدب والفنّ، امتلأوا باندفاع وإصرارٍ على إحداث فرقٍ ما. شبان وشابات تجمّع «لنتصوّر لبنان» Immagine Lebanon، اجتمعوا حول مبدأ جوهري وجسّدوه في نشاط يهدف الى تعزيز اللامركزية الثقافية والفنية. هي فكرة مميزة انطلقت من زحلة، وقد تمتدّ على مساحة الوطن.



تحت شعار «وطني بيعرفني»، وبرعاية وحضور وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال القاضي محمد وسام المرتضى، واللجنة التحكيمية المؤلفة من الفنان أسامة الرحباني والإعلامية منى أبو حمزة، اجتمع السبت الفائت في 11 أيار أكثر من ألف شخص لحضور الموسم الثاني من النشاط الثقافي الضخم لتجمّع «لنتصوّر لبنان» في حفلة أقيمت على مسرح مدرسة «مار يوسف للراهبات الأنطونيات – كسارة» وقدّمها الإعلامي طوني بارود، حيث تبارت 9 مدارس من مدينة زحلة وجوارها ضمن مسابقة لعرض أعمال مسرحية فنية من بطولة التلاميذ.

عرس ثقافيّ


بين معرفة الوطن وتصوّره بأجمل صورة، يؤكّد مؤسّس تجمّع «لنتصوّر لبنان» ومنظّم حفل «وطني بيعرفني» جورج صوما قوّة العلاقة بين أبعاد العبارتين، ويقول في حديثه لـ»نداء الوطن»: «كي نتصوّر لبنان، علينا أن نعي أنه يعرفنا»، علماً أنّ الأعمال المسرحية التي قدّمها التلاميذ تناولت العلاقة مع الأرض والحنين الدائم لها والعودة الى الجذور.

لا شكّ في أنّ اختيار نشاط ثقافي بهذه الضخامة يُعتبر تحدّياً كبيراً. فالفكرة بحدّ ذاتها مميّزة. وحيث أنها قدّمت مضموناً من خارج الصندوق، نجحت بقوّة في الموسم الأول العام الماضي، ثمّ تألّقت في الموسم الثاني بعد تطويرها وتحسينها على مستوى الأداء والتنظيم. وفي هذا الإطار، يصرّح صوما بأنّ رعاية وحضور وزير الثقافة في هذا الحدث إشارة واضحة الى أنّ العمل بات على مساحة الوطن، ويضيف: «كان هناك عرس ثقافي في زحلة. مواقع التواصل الإجتماعي اشتعلت بالمشاهدات والتعليقات وردود الفعل الإيجابية التي أثنت على هذا العمل».

من جهة أخرى، يؤكّد صوما أنّ تجاوز الصعوبات ممكن بوجود الأيادي البيضاء المؤمنة بالثقافة والفنّ التي تدعم هذا النوع من المشاريع، مثل «الجمعية اللبنانية للدراسات والتدريب» برئاسة الدكتور رامي اللقيس، والسيدة ماغدة بريدي رزق، والجامعة الأنطونية التي قدّمت منحاً جامعية لـ12 تلميذاً فازوا بالمرتبة الأولى.



قيمت الحفلة بحضور أكثر من ألف شخص



من «كمشة حماس» إلى رسالة

الموسم الثاني إذاً كرّس المشروع في إطار مستوى أعلى، وباتت العودة الى الوراء صعبة. ويوضح جورج صوما أنّ الإنطلاقة بالموسم الأول نبعت «من شغف ومن كمشة حماس، حيث تلاقينا مع اللجنة التحكيمية التي تألفت العام الماضي من الفنان جورج خباز والفنانة القديرة رنده كعدي، إضافة الى الإعلامي ماجد أبو هدير الذي قدّم الحفلة، وتحوّلت الفكرة الى رسالة». وأضاف أنّ هذا النشاط الثقافي أعاد الى الواجهة أهمية العروض الفنية المسرحية، حيث بادرت بعض المدارس الى إدخال صفوف المسرح ضمن مناهجها بعد مشاركتها العام الماضي. وهو إنجاز كبير نجح تجمّع imagine Lebanon بتحقيقه، وخطوة أولى نحو التغيير، وهي تعكس بالتالي قدرة كلّ مواطن على إحداث فرق من حيث هو، وبحسب قدرته.

التلاميذ أبطال على المسرح

تجدر الإشارة الى أنّ المشروع شكّل صلة وصلٍ بين عدد من الفنانين الكبار، وبين طلاب المدارس، حيث خلق تفاعلاً مباشراً بينهم، من شأنه توسيع مخيّلة هؤلاء الطلاب نحو لبنان أفضل. ويشير صوما هُنا الى أنّ فكرة المشروع عكست المبدأ السائد للجمهور الذي يشتري بطاقة حفل ليشاهد الفنان الذي يحبّه ويصفّق له. فمع «لنتصوّر لبنان» تحوّل التلاميذ الى أبطال على المسرح، وفنانو الصف الأول حضروا كي يشاهدوهم ويصفّقوا لهم ويستمتعوا بما يقدّمونه لهم. وأضاف أنّ حضور هؤلاء الفنانين من شأنه أن يضفي جدية أكبر في التعاطي، ودافعاً للأطفال كي يقدّموا أفضل ما عندهم في العرض المسرحي ضمن الدقائق الثماني المخصّصة لكل مدرسة.

وتجدر الإشارة الى أنّ النتائج أعلنت في نهاية الحفل، حيث فازت مدرسة «القلبين الأقدسين الراسية» بالجائزة الأولى، وهي كناية عن مبلغ 150 مليون ليرة بالإضافة الى منح جامعية مقدمة لكل الطلاب الفائزين من الجامعة الأنطونية. المركز الثاني كان من نصيب مدرسة الكلية الشرقية الباسيلية (جائزة مالية بقيمة 125 مليون ليرة). أما المركز الثالث فكان من نصيب مدرسة الثانوية الإنجيلية في زحلة، (جائزة مالية بقيمة 100 مليون ليرة).

كما فازت مدرسة «الكلية الشرقية الباسيلية» بجائزة «التفاعل الإعلامي Interaction Award «على مواقع التواصل الاجتماعي.



أسامة الرحباني ومنى أبو حمزة وجورج صوما



الأمل في الجيل الجديد

إذا حاولنا أن نرى لبنان ونتخيّله بعيون هؤلاء الطلاب، ماذا يمكننا أن نتعلّم منهم؟ يشير صوما الى أنّ الأمل موجود لدى الأجيال الجديدة. من هُنا أهمية العمل على توسيع نطاق أحلامهم. فأمام هذا الجيل فرص كثيرة، وهم قادرون على التغيير. ويضيف: «البذرة التي زُرعت في ذاكرتهم خلال هذه الحفلة سترافقهم لسنوات كثيرة مقبلة. وسيتذكّرون أنهم في يوم من الأيام حلموا بلبنان وتخيّلوه بأجمل صورة أمام فنانين كبار».