رابط بين حمض نووي فيروسي غامض في الجينوم البشري والاضطرابات النفسية

02 : 00

يتألف حوالى 8% من الحمض النووي البشري من تسلسلات جينية مكتسبة من فيروسات قديمة. تُعرَف هذه التسلسلات باسم «الفيروسات القهقرية الذاتية البشرية»، وهي تعود إلى مئات آلاف أو ملايين السنين، حتى أن بعضها يسبق ظهور الإنسان العاقل.



يكشف بحث جديد الآن أن بعض تسلسلات حمض نووي فيروسي قديم في الجينوم البشري تؤثر على قابلية الإصابة بمشاكل نفسية مثل انفصام الشخصية، والاضطراب ثنائي القطب، والاكتئاب الحاد.

تشير الفيروسات القهقرية الذاتية البشرية إلى بقايا تلك العدوى التي تضاف إليها فيروسات قهقرية قديمة. تدسّ هذه الفيروسات نسخة من مادتها الوراثية في الحمض النووي الخاص بالخلايا التي تصيبها.

إكتشف الباحثون أن الفيروسات القهقرية الذاتية البشرية تستطيع تنظيم عملية التعبير عن جينات بشرية أخرى. يعني «التعبير» عن مزايا وراثية محددة أن يُستعمل جزء من الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين لإنتاج جزيئات الحمض النووي الريبي. قد تتحول هذه الجزيئات لاحقاً إلى أدوات وسيطة تُمهّد لإنتاج بروتينات محددة أو تسهم في تنظيم أجزاء أخرى من الجينوم.

إستنتج الباحثون في تجربتهم الجديدة أن التعبير عن أربعة فيروسات قهقرية ذاتية بشرية يرتبط بقابلية وراثية للإصابة باضطرابات نفسية حادة. برز رابط مثلاً بين التعبير عن اثنين من تلك الفيروسات وانفصام الشخصية، وبين التعبير عن فيروس واحد من هذا النوع والإصابة بانفصام الشخصية والاضطراب ثنائي القطب في آن، وبين التعبير عن فيروس واحد والتعرّض للاكتئاب. تعني هذه النتائج أن دور الفيروسات القهقرية الذاتية البشرية قد يكون أهم مما افترضنا في الدماغ.

تثبت هذه الدراسة للمرة الأولى أن القابلية الوراثية للإصابة بأي اضطراب نفسي تتأثر أيضاً بتسلسلات الحمض النووي الفيروسية القديمة.

لا يزال الوقت مبكراً على تحديد التطبيقات العملية لهذه النتائج واحتمال استعمالها لتطوير علاجات جديدة، لكن يشعر الباحثون بالتفاؤل بشأن منافع هذا النوع من الأبحاث.

من خلال ربط التعبير عن الفيروسات القهقرية الذاتية البشرية في الدماغ بالاضطرابات النفسية، يعترف البحث الجديد بأهمية تلك التسلسلات الغامضة في الجينوم البشري بعد تجاهلها لسنوات طويلة.

MISS 3