أبسط حالات "كوفيد - 19" تنتج مناعة طويلة الأمد

02 : 00

تكشف دراسة سويدية جديدة أن الخلايا التائية قد تمنح المصابين بفيروس "كوفيد - 19" مناعة دائمة ضد العدوى مستقبلاً، حتى لو تعرّضوا لحالة خفيفة أو خالية من الأعراض ولم يشمل دمهم أي أجسام مضادة لإبطال مفعول الفيروس.

يواجه معظم المصابين بفيروس كورونا الجديد أعراضاً خفيفة أو معدومة. ومع ذلك، قد تنتقل العدوى منهم إلى أشخاص آخرين ويتراوح معدل الوفيات الإجمالي بين 0.5 و1%. لذا من الضروري أن نعرف مدى قابلية من التقطوا الفيروس سابقاً لالتقاطه مجدداً ونقله إلى الآخرين أو قوة مناعتهم تجاه أي عدوى مستقبلية.

يقول ماركوس بوغيرت، خبير في علم المناعة في معهد "كارولينسكا" في "سولنا"، السويد: "في ظل غياب أي لقاح واقٍ، يجب أن نكتشف مدى قدرة المجموعة التي تتعرّض للفيروس أو تلتقط العدوى على تطوير استجابات مناعية قوية وتكيفية ضد فيروس كورونا الجديد، لا سيما الفئة التي لا تواجه أي أعراض واضحة أو تبقى أعراضها خفيفة".

تذكر الأبحاث أن الفرد الذي التقط العدوى في الماضي لا ينتج دوماً أجساماً مضادة قادرة على إبطال مفعول الفيروس، لا سيما إذا كانت حالته خفيفة.

كذلك، تكشف الدراسات أن الخلايا المناعية البائية التي تنتج أجساماً مضادة لأي عدوى سابقة تكون قصيرة الأمد بعد التقاط فيروس كورونا الذي يُسبب متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد أو "سارس".

في المقابل، تستطيع الخلايا التائية أن تتعرّف على مسببات أمراض سابقة وتطلق استجابة مناعية تجاهها، وقد تدوم هذه الخلايا لسنوات بعد التقاط العدوى للمرة الأولى.

في الدراسة الجديدة، ساهمت الخلايا التائية المسؤولة عن حفظ الذاكرة المناعية في حماية الناس من فيروس كورونا الجديد، حتى في ظل غياب الأجسام المضادة للفيروس.

في البحث الجديد أيضاً، حلل بوغيرت وزملاؤه الوضع المناعي لدى 206 أفراد في السويد حيث كانت تدابير السيطرة على انتشار فيروس كورونا أقل صرامة من البلدان الأوروبية الأخرى.

انقسم المشاركون على خمس فئات:

• المصابون بحالة معتدلة أو حادة ومستمرة من فيروس "كوفيد - 19".

• أفراد في مرحلة التعافي بعد إصابتهم بحالة خفيفة أو حادة من العدوى.

• أفراد عائلة تعرّضوا للعدوى من دون ظهور أعراض واضحة.

• أفراد أصحاء تبرعوا بالدم خلال فترة انتشار الوباء.

• أفراد أصحاء تبرعوا بالدم في العام 2019، قبل ظهور الوباء.

كما كان متوقعاً، اكتشف الباحثون استجابات قوية من الخلايا التائية المسؤولة عن حفظ الذاكرة المناعية ورصدوا مستويات مرتفعة من الأجسام المضادة للفيروس لدى 23 فرداً بعد تعافيهم من حالة حادة من "كوفيد - 19". لكن كان مفاجئاً أن يطلق 30 فرداً من أصل 31 تعافوا من عدوى خفيفة استجابات ضد الفيروس عبر الخلايا التائية، فيما حمل 27 منهم أجساماً مضادة له.

يوضح بوغيرت: "تكشف نتائجنا أن الاتكال على استجابات الأجسام المضادة قد يُضعف نطاق المناعة السكانية ضد فيروس كورونا الجديد. لذا تقضي الخطوة المقبلة بمعرفة مدى قدرة استجابات الخلايا التائية القوية على حماية الناس من "كوفيد - 19" على المدى الطويل رغم غياب الأجسام المضادة القابل للرصد. تكشف قاعدة البيانات الجماعية أن فيروس كورونا يطلق استجابات قوية وواسعة وفاعلة جداً عبر الخلايا التائية، ما يثبت أن التعرّض الطبيعي للعدوى أو الفيروس بحد ذاته قد يمنعان أي نوبات متكررة وحادة من وباء "كوفيد - 19".

=كان لافتاً أن يرصد الباحثون الخلايا التائية التي تتجاوب مع فيروس كورونا الجديد لدى 28% من المجموعة التي تبرعت بعينات الدم في العام 2019، أي قبل ظهور الوباء المستجد. يعني هذا الاستنتاج برأي الباحثين أن الاستجابة المناعية تنجم عن التعرض لأنواع أخرى من فيروسات كورونا التي تحمل سلاسل بروتينية مشابهة لتلك الموجودة في الفيروس الجديد.

هم يفترضون أن تلك الاستجابات تضمن شكلاً من الحماية ضد فيروس كورونا المستجد، لكن لا تزال الأدلة المباشرة على هذا الاستنتاج غائبة.

يعترف الباحثون بأن دراستهم كانت محدودة بسبب تراجع أعداد المشاركين في كل مجموعة وغياب المتابعة العيادية.

لكن حتى الآن لم يواجه كل من شارك في دراستهم وتعافى من العدوى نوبات جديدة من فيروس "كوفيد - 19". كذلك، يذكر العلماء بحثاً يثبت أن قرود المكاك الريسوسي المصابة بفيروس كورونا الجديد تُطوّر مناعة شبه كاملة ضد التقاط الفيروس نفسه مستقبلاً. أخيراً، ما من حالات بشرية مؤكدة تثبت أنّ من التقطوا العدوى يصابون بها مجدداً في مرحلة لاحقة.


MISS 3